بسبب كورونا.. انهيار غير مسبوق للاقتصاد الإيراني

بسبب كورونا.. انهيار غير مسبوق للاقتصاد الإيراني
صورة أرشيفية

يفتك فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" بإيران بشدة، في مختلف المجالات بعد أن سجلت البلاد أعلى نسبة إصابات بالشرق الأوسط وتحولت لبؤرة الفيروس فيه، وهو ما أثبت ضعف القدرات الطبية والصحية بطهران التي تهاوت سريعًا أمام "كوفيد-19".

وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية، اليوم الثلاثاء، ارتفاع عدد الوفيات بمضاعفات فيروس كورونا إلى 3 آلاف و872 شخصًا، بعد وفاة 133 شخصًا آخر 24 ساعة، ليبلغ إجمالي عدد الإصابات 62 ألفًا و589 حالة بعد تسجيل 2089 إصابة جديدة.

وأضافت أن هناك 3 آلاف و987 مصابًا بالفيروس حالتهم حرجة، حيث بلغت حصيلة إصابات كورونا 60 ألفًا و500 شخص، ووفيات قدرت بـ3 آلاف و739 حالة.

الاقتصاد ينهار

لم يتمكن الاقتصاد الإيراني المتهاوي من التصدي لتداعيات كورونا، فمنذ ظهور الفيروس وصلت العملة المحلية لأدنى مستوياتها، بعد غلق أغلب حدود البلاد، حيث انخفض الريال حينها حوالي 10%، ليفقد لاحقًا حوالي 40% من قيمته، فضلًا عن تقويض الضغط المتزايد الناجم عن العقوبات الأميركية لصناعة النفط في إيران وتقليص صادراتها من الخام، التي تعتبر شريان الحياة للبلاد.

وتسبب تراجع العملة في تفاقم التضخم والإضرار بالاستهلاك المحلي، وارتفاع البطالة، التي يتوقع بعض المحللين تجاوزها الـ20% هذا العام، كما توقع صندوق النقد الدولي أن يستقر نمو إيران هذا العام بعد انكماش 9.5% العام الماضي في أعقاب فرض العقوبات الأميركية التي قلصت مبيعات النفط ودفعت التضخم السنوي لما يقرب من 40%.

كما كشفت وزارة الصناعة والتجارة الإيرانية عن خسائر تجارية كبيرة، بسبب تراجع الطلب على الشراء بنسبة تتراوح بين 35 و100%، لتفشي كورونا، ليسود الكساد بشدة على أنشطة مجالات مختلفة، أبرزها الخدمات السياحية والصالات الرياضية.

فيما شل الفيروس أنشطة أغلب الأعمال التجارية الصغيرة، وسط غياب للدعم النقدي الحكومي؛ ما جعلها معرضة أكثر للإفلاس، وهو ما نشر حالة من السخط والغضب بين التجار والمواطنين.

عقوبات أميركية جديدة

وفي خضم ذلك، فرضت أميركا عقوبات على 20 من المسؤولين والأفراد والشركات التي مقرها إيران والعراق، واتهمتهم بدعم جماعات إرهابية والتجسس، ونقلوا مساعدات تستخدم في القتل لجماعات مسلحة تدعمها إيران في العراق منها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، في محاولة للضغط على طهران التي تحارب كورونا.

تسريح العمال

تسببت الأزمة في تسريح أعداد كبيرة من العمال بإيران، الذين يحلمون حاليًا بإجراءات حكومية للحفاظ على أمنهم الوظيفي والمعيشي، حيث إن تعطيل بعض الأنشطة الاقتصادية زاد من مصاعب العمال بالبلاد.

وجاء ذلك بعد توقعات بتأخر أجور العمال لفترة تزيد على 8 أشهر بسبب ركود حركة الأسواق داخل البلاد، لقلق أصحاب الأعمال الصغيرة من تكبد خسائر باهظة، الذين زادوا نوبات العمل إلى 3 نوبات بدلًا من نوبة واحدة.

النفط

في مطلع الشهر الجاري، انخفض إنتاج النفط الخام الإيراني 70 ألف برميل يوميًّا بسبب فيروس كورونا، حيث إن إجمالي إنتاج إيران من النفط الخام تراجع إلى أقل من مليوني برميل خلال مارس الماضي.

وتسبب انخفاض الطلب المحلي على البنزين أيضًا في إيران إلى تراجع إنتاج النفط الخام، بينما بلغ الطلب المحلي على النفط الخام في إيران حوالي 1.8 مليون برميل يوميًّا، حيث تراجع استهلاك البنزين داخليًّا بنسبة 32% بداية من 20 فبراير حتى 20 مارس الماضيين.

وفقدت إيران ما نسبته 34% أو 1.2 مليون برميل يوميًّا من إنتاجها النفطي خلال 2019، مقارنة بـ2018، متأثرة بالعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على طهران، كما أن 80% من الحقول النفطية لدى إيران في النصف الثاني من عمرها، شهدت تراجعًا بالإنتاج يتراوح بين 8 و12% سنويًّا.

بينما أدى توقف عمل ربع منصات الحفر النفطية الإيرانية إلى تسريح الشركات المحلية لأعداد كبيرة من موظفيها.

انهيار التجارة مع أوروبا

كما تسببت كورونا أيضًا في وصول نسبة الصادرات والواردات الإيرانية من وإلى أوروبا لأدنى مستوى لها على مدار 40 عامًا مضت، حيث إن صادرات 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى إيران تراجعت للنصف مقارنة بالعام السابق له، وتدنت واردات البلدان الأوروبية كذلك من إيران بمقدار 14 ضعفًا مقارنة بالعام الماضي، حسبما أوردت "يوروستات" التابعة للمفوضية الأوروبية.

وأوضح التقرير أن صادرات الدول الأوروبية إلى إيران سجلت في العام الماضي 4.52 مليار يورو، في حين بلغت واردات دول أوروبا من طهران 701 مليون يورو، وهو أقل مستوى وصلت له خلال 4 عقود منذ عام 1979.

كورونا أقوى من أميركا

ورغم تصريحات القيادة الإيرانية غير الحقيقية بقدرة الاقتصاد تخطي تلك الأزمة، سارعت طهران بطلب دعم مالي من صندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار، لأول مرة منذ عام 1962؛ ما يعني أن ضربة فيروس كورونا كانت أقوى من العقوبات الأميركية لاقتصاد إيران، بينما انسحبت الشركات الأجنبية من طهران.

وازداد التدهور تضخمًا بسبب معاناة الصين، حليف إيران، من الفيروس نفسه، حيث تظهر أرقام إدارة الجمارك الإيرانية عن الفترة الممتدة من 21 مارس 2019 إلى 19 مارس 2020، أن الوجهات الأساسية لصادرات إيران غير النفطية، هي على الشكل الآتي: الصين بالمرتبة الأولى بقيمة 22.9 مليار دولار، العراق بـ22 مليار دولار، الإمارات بـ10.5 مليار دولار، وأفغانستان بـ5.6 مليار دولار.

نقص الأدوية 

لم تقف المعاناة عند ذلك الحد، حيث إنه بسبب العقوبات الأميركية على البلاد واستحواذ الشركات الإيرانية على حوالي 70% من احتياجات الأدوية، أدى ذلك إلى نقص في بعض الأدوية المتخصصة، منها المعدات اللازمة لمكافحة فيروس كورونا.