وثائق مسربة تكشف مخاوف واشنطن من فشل اتفاق غزة وخلافات حول القوة الدولية
وثائق مسربة تكشف مخاوف واشنطن من فشل اتفاق غزة وخلافات حول القوة الدولية
كشفت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، عن وثائق داخلية مسربة من الإدارة الأمريكية تظهر قلقًا متزايدًا لدى مسؤولين رفيعي المستوى في واشنطن بشأن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك رغم الخطاب المتفائل الذي يروجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن ما وصفه بـ" اتفاق السلام لغزة".
وثائق مسربة تكشف عن قلق أمريكي
تشير الوثائق، التي تضم عرضًا تقديميًا مكوّنًا من 67 شريحة عُرض في ندوة استمرت يومين بجنوب إسرائيل الشهر الماضي، إلى وجود عقبات خطيرة تعترض طريق تنفيذ الاتفاق.
الندوة كانت بتنظيم من القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) ومركز التنسيق المدني-العسكري الذي أُنشئ بموجب اتفاق السلام الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
وحضر الاجتماع أكثر من 400 ممثل من وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع ومنظمات غير حكومية وشركات خاصة، بإشراف الجنرال مايكل فنزل منسق الأمن الأمريكي لإسرائيل والسلطة الفلسطينية.
الوثائق، التي استندت إلى تقارير من وكالات حكومية أمريكية ومؤسسة بلير التي يرأسها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، قدمت صورة قاتمة للوضع في غزة وأوضحت هشاشة المرحلة الحالية من الاتفاق.
غموض حول "قوة الاستقرار الدولية"
أحد أبرز المخاوف التي أظهرتها الوثائق يتعلق بالغموض المحيط بتشكيل ونشر "قوة الاستقرار الدولية" (ISF)، التي يُفترض أن تتولى حفظ السلام في قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار.
وتُظهر إحدى الشرائح سهمًا يتوسطه علامة استفهام بين المرحلتين الأولى والثانية من خطة السلام، في إشارة إلى عدم وضوح كيفية الانتقال من وقف إطلاق النار إلى نزع سلاح حركة حماس وتأسيس إدارة فلسطينية جديدة في القطاع.
كما حذرت الوثائق من تحديات إضافية مثل الفراغ السياسي المتوقع في غزة، وغياب شريك فلسطيني موثوق، إلى جانب الصعوبات المتعلقة بتشكيل "مجلس السلام" الذي سيشرف على تطبيق الاتفاق.
حماس تعيد تمركزها
وفي تقرير آخر أعده معهد بلير بتاريخ 20 أكتوبر، تبين أن حركة حماس بدأت بإعادة ترسيخ نفوذها في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي، والتي تمثل نحو 47% من مساحة القطاع ويسكنها حوالي 95% من السكان.
ووفق التقرير ذاته، أعادت الحركة نشر نحو سبعة آلاف عنصر من جهازها الأمني في تلك المناطق، في مؤشر على محاولتها استعادة السيطرة الأمنية والإدارية.
كما أشارت مذكرة أخرى يُعتقد أنها صادرة عن الإدارة الأمريكية إلى أن "كل تأخير في تنفيذ الاتفاق يصب في مصلحة حماس"، التي تسعى إلى كسب الوقت لإعادة بناء قوتها وتعزيز مواقعها في القطاع.
الدول العربية تتردد في إرسال قوات
تنص خطة تشكيل القوة الدولية على ضرورة الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي، وهو ما اعتبرته عدة دول شرطًا أساسيًا لمشاركتها.
ووفق ما ورد في الوثائق، فقد أبدت دول مثل إندونيسيا وأذربيجان وباكستان استعدادها للمشاركة في القوة، بينما ترفض معظم الدول العربية خوض تجربة إرسال قوات، مفضلة المساهمة المالية على المشاركة العسكرية.
خلافات بين الأطراف المعنية
وتبرز ضمن الوثائق أيضًا الخلافات الجوهرية بين الأطراف المختلفة، إذ تعارض إسرائيل إشراك السلطة الفلسطينية وتركيا في أي ترتيبات أمنية مقبلة، بينما تصر السلطة الفلسطينية على أن تكون الجهة المسؤولة عن إدارة القطاع بعد الحرب.
هذا التباين، بحسب الوثائق، يزيد من تعقيد المشهد ويعرقل الانتقال إلى مرحلة "إعادة البناء السياسي" التي يفترض أن تتبع الهدنة.
مواقف أمريكية متباينة
رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إيدي فاسكيز على ما ورد في الوثائق مؤكدًا أن التقارير المسربة "تعكس فهمًا ناقصًا للواقع الميداني"، إلا أن مسؤولين آخرين داخل الإدارة الأمريكية أقروا بصعوبة المهمة وتعقيدها.
وقال ديفيد شينكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية خلال الولاية الأولى لترامب: إن المهمة "هائلة، وما زالت معظم الجهود الحقيقية لم تبدأ بعد".
من جانبه، أقر وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو بأن "الطريق إلى السلام مليء بالتحديات"، مشيرًا إلى أن إدارة الملف الفلسطيني تتطلب تنسيقًا دبلوماسيًا وعسكريًا عالي المستوى.

العرب مباشر
الكلمات