رمضان في غزة.. إصرار على الحياة وسط الدمار

رمضان في غزة.. إصرار على الحياة وسط الدمار

رمضان في غزة.. إصرار على الحياة وسط الدمار
رمضان في غزة

في قلب قطاع غزة، حيث ما تزال آثار الحرب الإسرائيلية التي استمرت لأكثر من عام ماثلة في كل زاوية، يستعد السكان لاستقبال شهر رمضان بروح التحدي والأمل.

وعلى الرغم من الدمار الهائل والمآسي التي خلفتها الحرب، تتجلى إرادة الحياة في مشاهد الاستعدادات التي تعكس تمسك الأهالي بعاداتهم وتقاليدهم الرمضانية.

وفي الأسواق والشوارع الرئيسية، عادت البسطات الرمضانية التي تعرض الفوانيس والزينة إلى الظهور؛ مما يمنح المدينة التي أنهكها الحصار والدمار ملامح جديدة من البهجة.

بعض المحال التجارية خصصت مساحات واسعة لعرض الزينة الرمضانية، بينما تستعد متاجر أخرى لتوفير المواد الغذائية التي يحتاجها السكان خلال الشهر الفضيل، ورغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، يسعى العديد من الأهالي إلى شراء الزينة ولو بقدر يسير، تعبيرًا عن تمسكهم بفرحة الشهر المبارك.

زينة رمضان بين الأمل والواقع


وفي ظل القيود الاقتصادية المفروضة على القطاع، لجأ الباعة إلى تشغيل الأغاني الرمضانية التراثية لجذب الزبائن، في محاولة لإنعاش حركة البيع التي تأثرت بتدهور القدرة الشرائية، ومع أن الإقبال على الزينة لم يكن كما في السنوات الماضية، إلا أن بعض الأسر أصرت على شراء الفوانيس والزينة لأطفالها، معتبرة أن إدخال السرور إلى قلوبهم رغم الظروف القاسية هو أمر لا يمكن التخلي عنه.

في مختلف أنحاء غزة، يحاول السكان التغلب على مرارة الواقع عبر طقوس رمضانية اعتادوا عليها منذ سنوات، وداخل الأحياء التي تعرضت للدمار، تعلق الزينة على الجدران المتبقية من المنازل المدمرة، فيما تسعى العائلات النازحة إلى تزيين خيامها المؤقتة، بحثًا عن بصيص من الفرح وسط المعاناة.

رمضان في المخيمات.. فرحة ممزوجة بالمعاناة

في المخيمات التي أقيمت لإيواء النازحين، يظهر رمضان بصورة مختلفة هذا العام، إذ تحاول العائلات خلق أجواء دافئة رغم صعوبة الأوضاع، الأطفال، الذين تحملوا شهورًا طويلة من النزوح والخوف، ينتظرون الشهر الفضيل بشغف، فيما يسعى الأهالي إلى منحهم ولو جزءًا بسيطًا من الفرحة عبر اقتناء الفوانيس وتعليق الزينة داخل الخيام.

يواجه الكثير من الأسر النازحة تحديات كبيرة في تأمين مستلزمات رمضان، إذ أدى تدمير عدد كبير من المنازل إلى فقدانهم أبسط مقومات الحياة، ومع ذلك، فإن التكاتف الاجتماعي والمساعدات الإنسانية أسهما في التخفيف من وطأة الأوضاع، حيث تبذل الجهود لتوفير الوجبات الرمضانية والمساعدات الغذائية للعائلات الأكثر تضررًا.

الأسواق تحت وطأة الحصار

وعلى الجانب التجاري، يواجه التجار تحديات كبيرة في توفير المستلزمات الرمضانية، إذ أدت القيود المفروضة على إدخال البضائع إلى ندرة بعض المنتجات وارتفاع أسعارها بشكل ملحوظ.

 يجد التجار صعوبة في استيراد المنتجات الرمضانية من الخارج؛ مما أجبرهم على إعادة استخدام ما هو متوفر داخل القطاع، ورغم هذا الوضع، تبقى الأسواق نشطة نسبيًا، مع توقعات بتحسن الحركة الشرائية مع دخول المساعدات والمواد الغذائية تدريجيًا.

في ظل هذه الأوضاع، يبقى رمضان في غزة مناسبة تمتزج فيها المشاعر بين الفرح بالحفاظ على التقاليد، والحزن على ما فقده الأهالي خلال الحرب. ومع ذلك، فإن روح الصمود تظل حاضرة، إذ يسعى السكان إلى إعادة بناء حياتهم واستعادة لحظات الفرح، ولو بوسائل بسيطة تعيد إليهم أجواء الشهر الفضيل.

إرادة الحياة أقوى من الدمار


بينما يلف القطاع ظلال المعاناة، يثبت أهالي غزة مجددًا أن إرادة الحياة لا تنكسر، رمضان بالنسبة لهم ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو رسالة تحد في وجه المآسي، وإصرار على التمسك بالحياة رغم كل شيء، وسط الأنقاض، تضاء الفوانيس، وتتعالى أصوات الأطفال بالترانيم الرمضانية، في مشهد يختصر قصة صمود شعب لا يعرف الاستسلام.

بينما يرى الباحث السياسي أيمن الرقب، أن إصرار سكان غزة على الاحتفال برمضان رغم الدمار يعكس قوة الإرادة والصمود في وجه التحديات، والمشهد الرمضاني في غزة هذا العام يعكس مزيجًا من التحدي والتمسك بالحياة، حيث يتعامل السكان مع الظروف الصعبة بمرونة، محاولين التكيف مع الواقع المفروض عليهم.

ويضيف الرقب -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والقيود المفروضة على دخول البضائع تزيد من معاناة السكان، وتجعل الاحتفال بالمناسبات الدينية تحديًا بحد ذاته، وتمسكهم بالأرض.