زبانية الملالي.. ضحايا يَرْوُون قصص حفلات التعذيب في سجون إيران

روي ضحايا نظام الملالي قصص حفلات التعذيب في سجون إيران

زبانية الملالي.. ضحايا يَرْوُون قصص حفلات التعذيب في سجون إيران
صورة أرشيفية

في سجون نظام الملالي الإيراني كل شيء مباح، من تعذيب نفسي وجسدي وقتل واعتداءات، جدران السجون تروي قصصًا وأسرارًا تقشعر لها الأبدان، فمنذ 43 عامًا، عمل هذا النظام على ملء السجون والمعتقلات بكل من يعارضه، تفنن رجاله بتعذيب المواطنين وإذلالهم وتنفيذ عمليات الإعدام في المعتقلين أمام زملائهم، وتنفيذ عقوبات غاية في القسوة، مثل بتر الأصابع والأيدي والأرجل، الأمر الذي جعل الحياة في إيران أشبه بالعصور المظلمة.

إحصائيات صادمة

حسب صحيفة "ماجلا" الإيرانية، فإن سجن إيفين به أكثر من 15 ألف معتقل موزعين على 12 جناحًا على الرغم من أن سعة السجن تصل إلى 3 آلاف سجين فقط، ويستخدم الحرس الثوري الإيراني أدوات مختلفة لتعذيب المعتقلين السياسيين، ويتم تنفيذ الإعدام بأحكام صادرة عن ما يسمى بالمحاكم الثورية دون أي فرصة في الدفاع عن النفس، بالإضافة إلى ذلك، يتم إخفاء الآلاف من الإيرانيين بالقوة هناك، كما أن هناك السجن المخصص للعرب ويقع في شيبان بالأحواز، وبه 4500 أسير، وهناك سجن غزل حصار في كرج غربي طهران، هو أحد أقدم السجون وأكثرها اكتظاظًا، تم بناؤه عام 1964 ويمكن أن يستوعب 5 آلاف سجين، ومع ذلك ، فهو مكتظ بأكثر من 30 ألف سجين موزعين بين مبنيين في غزل حصار جنوباً وسجن كرج المركزي شمالاً، وهناك أيضًا سجن تبريز في شمال غرب إيران، يتسع لـ 1800 سجين ، لكن يوجد في الواقع 7000 نزيل، معظمهم من الأتراك الأذربيجانيين، ووفقًا للصحيفة، فهناك أيضًا سجن أردبيل شمال غربي إيران إلى جانب استخدامه كمركز اعتقال للنشطاء الأذريين يعد منفى للبلوش العرب ويتجاوز العدد فيه 2000 سجين، وسجن زهدان المركزي في عاصمة بلوشستان جنوب شرقي إيران تتحدث تقارير حقوقية عن تحويله لمركز تعذيب يقبع فيه قرابة 3 آلاف سجين، بالإضافة إلى معتقل شابور ومن المفترض أنه يتعلق ببعض الجرائم الخاصة بالآداب وتعاطي المخدرات، وتحتوي زنازينه على عدد كبير من النساء ممن تعتقلهم قوات التعبئة أو شرطة الأخلاق والقيم، ويقدر عدد سجنائه وفقًا لإحصائيات منظمات حقوق الإنسان الإيرانية، بما يزيد على 12 ألف معتقل.

وأشارت الصحيفة إلى أن عدد السجناء الدائمين حوالي 290 ألف سجين، وفي كل عام نحو 650 ألف إيراني يدخلون السجون ولو ليوم واحد، هذا الحجم من الدخول إلى السجون لا يناسب الطاقة الاستيعابية الرسمية للسجون وهي تسع 88 ألفاً فقط من النزلاء، بحسب الإحصائيات الرسمية لهيئة السجون في إيران.

"إيفين" الرهيب

شبكة "راديو فري يورب" الأوروبية، سلطت الضوء على الظروف غير الإنسانية في إيران بعد تسريب فيديو جديد يقف خلفه مجموعة ناشطة في مجال القرصنة الإلكترونية تدعي أنها تعمل داخل إيران لكشف "الوجه الحقيقي للنظام"، الفيديو أظهر لقطات جديدة تسلط الضوء على الظروف غير الإنسانية في أكثر السجون شهرة في البلاد وهو سجن إيفين، حيث تُظهر اللقطات سجناء ممددين من الحائط إلى الحائط على الأرضيات ومكدسين مع ثلاثة أسرة معدنية بطابقين، عندما تنتقل الكاميرا من غرفة لغرفة، نجد أن كل واحدة مجهزة بأسرة لحوالي 30 نزيلاً، إلا أن غرفًا مليئة بما يصل إلى 50 نزيلاً وأكثر.

وتابعت الشبكة، أنه ليس من الواضح متى تم تسجيل اللقطات، لكن إيران تعرضت باستمرار لانتقادات من قِبل هيئات الرقابة الحقوقية بسبب الاكتظاظ والظروف غير الصحية في سجونها، وهي مشكلة ساهمت في الإصابة بعدوى فيروس كورونا والوفيات، وتعد مقاطع الفيديو دليلاً كبيرًا على الانتهاكات في السجون في المنشأة التي تضم في الأساس معتقلين سياسيين، كما ظهرت مقاطع فيديو أخرى تكشف، حراس السجن وهم يعتدون على المحتجزين والظروف غير الإنسانية في المنشأة، كما كشفت الوثائق التي سربتها جماعة القرصنة الإلكترونية بالتفصيل كيف اتخذت سلطات سجن إيفين خطوات قاسية لكسر إضراب السجناء البارزين عن الطعام، بما في ذلك الحرمان من حقوق الزيارة ومنع الوصول إلى الهاتف، من جانبها، قالت هبة مرايف، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "تقدم هذه اللقطات المقلقة لمحة نادرة عن القسوة التي يتعرض لها السجناء في إيران بشكل منتظم"، مضيفة: "إنه لأمر مروع أن نرى ما يجري داخل جدران سجن إيفين، لكن للأسف، فإن الإساءات الموضحة في مقاطع الفيديو المسربة هذه ليست سوى قمة جبل الجليد لوباء التعذيب في إيران".

أسوأ سجون العالم

صحيفة "إيران فوكس" المعارضة، أكدت أن لا يخفى على أحد أن سجون النظام الإيراني هي من أسوأ سجون العالم، ذات ظروف كارثية لا تصدق، وقد أدانتها عدة مرات منظمات حقوقية دولية، حيث يعاني السجناء من ضغوط نفسية وجسدية في هذه السجون التي تم بناء بعضها منذ أكثر من 50 عامًا ونتيجة لذلك أصبحت المباني قديمة للغاية وتشكل خطرًا على صحة السجناء، في 25 أغسطس 2021، ورد في تقرير عن وضع وتعذيب السجناء في إيران قال "تشمل أساليب التعذيب في إيران التي وثقتها منظمة العفو الدولية على مدار السنوات الماضية الجلد والصدمات الكهربائية والإعدامات الوهمية والإيهام بالغرق والعنف الجنسي، التعليق، والتغذية القسرية للمواد الكيميائية والحرمان المتعمد من الرعاية الطبية "، وفي أعقاب ما كشف عنه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، اضطر رئيس تنظيم السجون في النظام، غلام علي محمدي، إلى الاعتراف بالوضع الكارثي واللاإنساني في سجون إيران في إحدى المقابلات التلفزيونية، ولكنه لم يقدر على الاعتراف بما يواجهه المعتقلون من مشاهد العنف التي تمارس في سجن إيفين سيئ السمعة في طهران المعروف عنه مستويات عالية من الوحشية في معاملة المعتقلين، حيث يمارس النظام الإيراني القمع المنهجي وانتهاك حقوق الإنسان منذ أكثر من 40 عامًا.

روايات من الجحيم

وقال معتقل إيراني سابق رفض الكشف عن هويته: "سجن إيفين يعني نهاية العالم لكل نزيل بسبب عدم وجود قوانين المجتمع الإنساني، حراس السجون والمحققون والقضاة يعتقدون أن السجناء يستحقون أسوأ وسائل التعذيب والضغط الأقصى، خاصة إذا كانوا ينتمون إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أو يدعمونها "، مشددًا على أن السجناء يفتقرون إلى حقوقهم الأساسية مثل التهوية والطعام والعلاج والتعليم والإضاءة الكافية والزيارات وحتى تعيين محامٍ، متابعًا، برأيي ورأي المعتقلين السابقين في السجون الإيرانية، وخاصة في إيفين، كانت مقاطع الفيديو التي تم تسريبها على مواقع التواصل الاجتماعي عن جرائم النظام مجرد جزء لا يتجزأ من التعذيب الذي يتعرض له النزلاء في زنازين التعذيب، حيث يعتبر حراس السجن هذه الجرائم طبيعية ".

وأضاف "الشيء الأكثر قسوة هو العرض على لجنة الموت، والتي تقرر إعدام المئات في جلسة واحدة، ومعظمهم من معتقلي الرأي أو المعارضين، كنت في عنبر به 175 سجينًا نجا منهم 15 فقط من أحد هذه المجازر وكنت أحد الناجين، ولكن آثار التعذيب ظلت على أجسادنا، لم نعلم أننا سننجو، حيث تتم عمليات الإعدام أمام كافة المعتقلين، ولا يعرف المعتقلون ما إذا كانوا ضمن الناجين أو الضحايا، فسجن إيفين بمفرده شهد ما لا يقل عن 4 آلاف عملية إعدام في سنوات قليلة".

بينما قال معتقل آخر: "لا أصدق أنني ما زالت على قيد الحياة، تم الإفراج عني منذ 5 أعوام، ولكنني ما زالت أعاني بشدة ليس فقط بسبب الإصابات الجسدية التي تحولت لعاهات مستديمة، ولكن لهول ما رأيته في هذه السجون"، مضيفًا "ما رأيته لا يمكن وصفه، كنا نتمنى الموت كل لحظة لإنهاء هذا الكابوس، ظللت في المعتقل 4 أعوام، لم أرَ الشمس ولو مرة واحدة، وصلت لمرحلة جسدي لم يعد يستجيب للألم لم أعد أشعر بالضرب والصعق بالكهرباء، أكثر التعذيب عنفًا كان إجبارنا على رؤية حفلات الإعدام الجماعية، كانوا يختارون الضحية عشوائيًا، هذه الحفلة تتكرر كثيرًا، يمكن إعدام شخص أو شخصين ويمكن إعدام المعتقلين ويتركون 5 فقط حتى يرووا لزملائهم ما رأوه".

شياطين الملالي

مؤسسة "ومن إن سي آر" الإيرانية، أكدت أن هناك أكثر من 45 نوعًا من التعذيب تُمارس بحق السجناء السياسيين في إيران، فمنذ الثمانينيات، كان الجلد، والضرب، والتعليق، والحرق، وإدخال أشياء حادة (بما في ذلك الأشياء المعدنية الساخنة) في الجسم، ونزع الأظافر، والاغتصاب، وفقء العين، والبتر، والإعدام الوهمي من الممارسات المعتادة، ولكن لطالما كان الضغط والتعذيب على النساء في السجون مصحوبين بوحشية مضاعفة وشدة، ومن الأمثلة على ذلك اغتصاب النساء أمام أزواجهن وتعذيب النساء الحوامل وإطلاق النار عليهن، ومن التكتيكات الأخرى التي يستخدمها النظام ضد ضحايا التعذيب في إيران، وخاصة النساء، مضيفة، أنه في سجن قرجك في ورامين، هناك ما يصل إلى ستين سجينًا محتجزين في جناح الحجر الصحي الصغير، من ضمن الضحايا كانت هناك زينب جلاليان التي احتُجزت لمدة 530 يومًا بمعزل عن العالم الخارجي، وهي محرومة من الرعاية الطبية التي تحتاجها بشكل عاجل، وهي إحدى ضحايا التعذيب في إيران، وتعرضت زينب لضغوط جسدية ونفسية شديدة على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، منها  الجلد، وكُسر جبينها عندما ضربت بالجدار، كما تم تهديدها بالاغتصاب وأجبرت على الإدلاء باعترافات كاذبة، تعاني زينب من أمراض مختلفة منها الربو والقلاع وأزمات الجهاز الهضمي، كما أُصيبت بفيروس كورونا ولم يتم علاجها من قبل، ووافقت وزارة المخابرات على السماح لزينب بالتماس العلاج الطبي خارج السجن بشرط أن تعرب عن الأسف وتتعاون مع وزارة المخابرات وتظهر في المقابلات التلفزيونية.

مريم أكبري إحدى ضحايا التعذيب في إيران، فهي محتجزة هي وابنتها الصغرى سارة منذ أكثر من 12 عامًا، وهي واحدة من ضحايا التعذيب في إيران حيث يتم حرمانها من حقوقها الأساسية في السجن، أما ليلى شجيني فهي معرضة لخطر الإصابة بالشلل بسبب التعذيب المستمر وحرمانها من العلاج، واستمرار الضرب بقسوة على قدمها المصابة، حتى أنها لم تعد قادرة على المشي، وأعطتها السلطات الأدوية المخدرة حتى أدمنتها.