ترامب يربك حسابات نتنياهو.. ضغوط أمريكية تهدد صفقة المحتجزين في غزة
ترامب يربك حسابات نتنياهو.. ضغوط أمريكية تهدد صفقة المحتجزين في غزة
![ترامب يربك حسابات نتنياهو.. ضغوط أمريكية تهدد صفقة المحتجزين في غزة](https://arabmubasher.com/uploads/images/image_750x_67ad041831268.jpg)
في مشهد يعكس عمق التعقيدات السياسية بين تل أبيب وواشنطن، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه في موقف حرج إثر تصريحات نارية أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قلبت الموازين في ملف المحتجزين في غزة.
ترامب، المعروف بنهجه التصعيدي، لم يكتفِ بتحدي حماس، بل أربك أيضًا حكومة نتنياهو، التي تواجه بالفعل ضغوطًا داخلية وخارجية لإتمام الصفقة وفق الجدول الزمني المحدد.
ففي حين يسعى نتنياهو للموازنة بين تحقيق مكاسب سياسية داخلية والحفاظ على قنوات التفاوض مفتوحة، يبدو أن نهج ترامب الصدامي يضعه أمام خيارات محدودة، قد تفضي إما إلى انهيار الصفقة أو تصعيد جديد في غزة.
ومع اقتراب نهاية الأسبوع، تترقب الأوساط السياسية والعسكرية تداعيات هذه التصريحات وما قد تعنيه لمستقبل الهدنة الهشة ومسار المفاوضات.
التصعيد غير المتوقع
منذ عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، لم يتردد في اتخاذ مواقف متشددة تجاه القضايا الدولية، خصوصًا تلك المتعلقة بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. فقد عمد إلى تبني خطاب أكثر حدة من بعض أقطاب اليمين الإسرائيلي، ما جعله مؤثرًا حتى وهو خارج البيت الأبيض، وفقا لموقع "أكسيوس".
وجاءت تصريحاته الأخيرة بشأن صفقة المحتجزين في غزة لتزيد من تعقيد المشهد، إذ أطلق تصريحات حادة طالب فيها إسرائيل بعدم تقديم أي تنازلات لحركة حماس، مشددًا على ضرورة اتباع نهج أكثر صرامة في التعامل مع الحركة.
هذه التصريحات لم تمر مرور الكرام في تل أبيب، حيث أثارت حالة من الارتباك داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية، لا سيما أنها جاءت في وقت حساس تمر فيه المفاوضات بمنعطف دقيق.
مسؤولون إسرائيليون، بينهم شخصيات بارزة في أجهزة الأمن والدفاع، اعتبروا أن ترامب وجه إنذارًا علنيًا قد يهدد الجهود التي يبذلها الوسطاء الإقليميين لإتمام الصفقة، مما يجعل مسار المفاوضات أكثر هشاشة ويزيد من فرص فشلها.
ضغط على نتنياهو
وضعت تصريحات ترامب الأخيرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام تحدٍ مزدوج، داخليًا وخارجيًا، فمن جهة، بات مطالبًا بتبرير موقفه أمام وزرائه الأكثر تطرفًا، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين يعتبران أي مرونة تجاه حماس تراجعًا استراتيجيًا غير مقبول.
هؤلاء الوزراء يرون أن تصريحات ترامب تدعم وجهة نظرهم بضرورة تبني سياسة أكثر تشددًا، ما زاد من الضغوط على نتنياهو الذي كان يحاول الموازنة بين إتمام الصفقة وتحقيق مكاسب سياسية محلية.
في المقابل، يواجه نتنياهو أيضًا ضغوطًا خارجية، خصوصًا من الإدارة الأمريكية الحالية، التي وإن لم تصدر موقفًا رسميًا مؤيدًا لترامب، فإنها تراقب عن كثب مجريات الأمور، واشنطن تعلم أن نتنياهو قد يستغل تصريحات ترامب لتعزيز موقفه الداخلي، لكنها لا ترغب في أن تؤدي هذه التصريحات إلى إفشال الاتفاق الذي تدعمه الدبلوماسية الأمريكية، وفقا لموقع "أكسيوس".
في ظل هذا الوضع المعقد، يحاول نتنياهو المناورة بين جناحي اليمين الإسرائيلي والأطراف الدولية، لكن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب.
حسابات إسرائيلية معقدة
وفقًا لمصادر سياسية وأمنية إسرائيلية، فإن الحكومة الإسرائيلية تدرك أن تبني التصعيد الذي يطرحه ترامب قد يؤدي إلى إفشال مفاوضات إطلاق سراح المحتجزين، وهو ما سيضعها في مواجهة مباشرة مع الضغوط الشعبية والإعلامية داخل إسرائيل. وفقا لموقع "أكسيوس".
عائلات المحتجزين الإسرائيليين تمارس ضغوطًا متزايدة على الحكومة للإسراع في إتمام الصفقة، معتبرة أن أي تأخير يعرض حياة أبنائها للخطر. هذه العائلات، التي نظمت احتجاجات أمام مقر وزارة الدفاع ورئاسة الوزراء، تخشى أن تتحول المفاوضات إلى ورقة مساومة سياسية بين نتنياهو وخصومه، بدلًا من أن تكون أولوية وطنية.
في الوقت نفسه، يخشى نتنياهو من أن تؤدي استجابة حكومته لمطالب ترامب إلى توسيع الخلافات مع واشنطن، التي تسعى للحفاظ على قنوات التفاوض مفتوحة عبر الوسطاء القطريين والمصريين.
كما أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حذرت من أن التصعيد المفاجئ قد يعيد غزة إلى واجهة الأحداث، خصوصًا في ظل هشاشة الوضع الميداني واحتمال استئناف المواجهات في أي لحظة، بحسب "وول ستريت جورنال".
وبينما يحاول نتنياهو إيجاد توازن بين الضغوط المتعارضة، تزداد الشكوك حول قدرته على إبقاء الصفقة على المسار الصحيح دون تقديم تنازلات قد تضعفه سياسيًا.
تأثير مباشر على الهدنة
الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة قطرية ومصرية كانت تهدف إلى خلق مناخ يسمح باستكمال مفاوضات إطلاق سراح المحتجزين، لكنها باتت مهددة بالانهيار بعد تصريحات ترامب التي عززت موقف المعارضين للصفقة داخل الحكومة الإسرائيلية.
على الجانب الآخر، بدأت حركة حماس تلوّح بإمكانية تعليق الإفراج عن المحتجزين، مبررة ذلك بما وصفته بـ"الضغوط الإسرائيلية المستمرة"، والتي تعكس تراجعًا عن التفاهمات الأولية.
المخاوف من انهيار الهدنة ليست مقتصرة على الوسطاء الإقليميين فقط، بل تمتد إلى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي حذرت في تقارير داخلية من أن فشل الاتفاق قد يدفع الفصائل الفلسطينية إلى استئناف الهجمات الصاروخية، ما سيؤدي إلى تصعيد جديد يعيد الوضع إلى نقطة الصفر.
كما أن التوترات المتزايدة قد تدفع الجيش الإسرائيلي إلى شن عمليات عسكرية استباقية، ما قد يؤدي إلى تصعيد أوسع قد يمتد إلى جبهات أخرى، مثل الضفة الغربية وجنوب لبنان.
من جانبهم، يرى مراقبون، أن في ظل هذه المعطيات، يجد نتنياهو نفسه أمام معضلة حقيقية، هل يخضع للضغوط الداخلية والخارجية من أجل إنقاذ الصفقة، أم يغامر بمستقبل الهدنة عبر تبني خطاب ترامب التصعيدي.