معاناة النساء في السودان.. قصص مؤلمة للناجيات من الحرب وتأثيرها العميق على المرأة
معاناة النساء في السودان.. قصص مؤلمة للناجيات من الحرب وتأثيرها العميق على المرأة
شهد السودان في السنوات الأخيرة تصاعدًا خطيرًا في وتيرة النزاعات المسلحة، خصوصًا بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين القوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، هذه الصراعات تركت أثرًا مدمرًا على المدنيين، لكن النساء كنّ من بين الأكثر تضررًا، حيث تحولن إلى ضحايا مباشرة للعنف وللصدمات النفسية والاجتماعية، التي تراكمت آثارها على مدار شهور من الاشتباكات المحتدمة.
النساء في السودان، وخاصة في مناطق مثل دارفور والخرطوم وولاية كردفان، وجدن أنفسهن في مواجهة معاناة مزدوجة، لم يكن عليهن فقط النجاة من القصف والعنف المسلح، بل تحملن أعباء إضافية تتعلق بالاعتداءات الجسدية والجنسية والاستغلال الذي يُمارس ضدهن في أوقات الحروب.
زيادات حالات العنف ضد النساء
وفقًا لتقارير منظمات حقوق الإنسان، فإن هناك زيادة ملحوظة في حالات الاغتصاب والانتهاكات الجسدية ضد النساء خلال فترة الحرب، حيث يتم استخدام العنف الجنسي كأداة لترويع السكان وإضعاف المجتمعات المحلية.
على مستوى آخر، أدى انهيار الخدمات الصحية والبنية التحتية إلى تفاقم الأزمة، حيث تُحرم النساء من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، خاصةً في حالات الحمل والولادة، تقرير لمنظمة الصحة العالمية كشف، أن 70% من المرافق الصحية في مناطق النزاع باتت غير قادرة على تقديم الخدمات؛ مما أدى إلى ارتفاع معدلات وفيات الأمهات والأطفال.
علاوة على العنف الجسدي، تعاني النساء النازحات من فقدان سبل العيش والاستقرار، ما دفع الكثيرات إلى اللجوء لأعمال شاقة أو حتى التسول لتأمين لقمة العيش لأطفالهن.
تُشير تقارير منظمة "أنقذوا الأطفال"، أن 2.5 مليون امرأة وطفل في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو ما يزيد من الضغط النفسي على الأمهات اللواتي يكافحن من أجل البقاء في ظل الظروف الراهنة.
تقرير مروع للأمم المتحدة
وقد نشرت الأمم المتحدة سلسلة من شهادات مروّعة لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال في السودان ونقل البيان عن ماريا، وهي أم لولدين، قولها: لقد اضطهدونا المسلحون، وضربونا وصوّبوا أسلحتهم نحونا وفتّشوا بناتنا.
وروت فتيات أن إخوتهن وأعمامهن وآباءهن وفروا لهن سكاكين، وأضفن: قالوا لنا أن نقتل أنفسنا إذا هددنا المقاتلون بالاغتصاب.
وقالت ناجيات، في شهادات أخرى: إن نساء رمين بأنفسهن في النهر، لعدم التعرض لهجوم من رجال مسلحين، بينما فرت أخريات واختبأن، لأن عائلاتهن هددتهن بالقتل بداعي غسل العار.
وقالت فاطمة، وهي أم لستة أولاد لا تعرف ماذا حدث لزوجها: لقد ضربونا مثل الكلاب، فغادرنا. لم يكن معنا شيء، ولا حتى خبز. سِرنا لسبعة أيام تحت أشعة الشمس الحارقة، دون أن نأكل شيئاً. وماتت بعض النساء في الطريق.
من ناحية أخرى، تُظهر الإحصائيات أن ما لا يقل عن 4.5 مليون شخص اضطروا للنزوح من منازلهم منذ بداية النزاع، ومعظمهم من النساء والأطفال.
هذا النزوح الإجباري لم يؤدِ فقط إلى فقدان المأوى والأمان، بل أسهم في تفاقم أوضاعهن من خلال تعريضهن لمخاطر أخرى، مثل الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في المخيمات والمناطق المؤقتة.
ويقول الباحث السياسي السوداني، محمد إلياس، الحرب في السودان ليست مجرد صراع مسلح بين طرفين متنازعين، بل هي مأساة إنسانية كبرى تسلط الضوء على الثمن الباهظ الذي تدفعه الفئات الأكثر ضعفًا، وعلى رأسها النساء.
وأضاف إلياس - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن النزاع المتصاعد منذ أبريل 2023 أدى إلى تفاقم أزمة حقوق الإنسان في السودان، خاصةً مع استخدام العنف الجنسي كأداة حرب من قبل بعض الفصائل المسلحة بهدف ترويع المجتمعات المحلية وإجبارها علي النزوح.
بينما يرى الباحث السياسي شوقي عبد العظيم، أن النساء يتحملن أعباء مضاعفة في ظل الحرب، فإلى جانب فقدانهن لأزواجهن أو أقاربهن في المعارك، يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن في بيئة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ومعظم النساء اللاتي نزحن إلى المخيمات يعانين من فقدان سبل العيش، مما يجعلهن عرضة للاستغلال والعنف، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا للمجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لهن.
وأضاف عبد العظيم - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن إذا لم يتحرك المجتمع الدولي سريعًا لفرض ضغوط على الأطراف المتنازعة لوقف العنف وتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات، فإن الأزمة الإنسانية ستتفاقم بشكل يصعب السيطرة عليه.