تاريخ من العنف السياسي.. رؤساء أمريكيين تعرضوا لمحاولات اغتيال: ترامب آخرهم
تاريخ من العنف السياسي.. رؤساء أمريكيين تعرضوا لمحاولات اغتيال: ترامب آخرهم
في عالم السياسة الأمريكية، لم تكن محاولات اغتيال الرؤساء مجرد حوادث معزولة، بل أصبحت جزءًا من تاريخ البلاد المتشابك والمليء بالأحداث الدراماتيكية، ومع تزايد الانقسام السياسي وتصاعد التوترات، شهدت الولايات المتحدة محاولات اغتيال ضد العديد من رؤسائها، من أبراهام لينكولن إلى دونالد ترامب.
"لا يوجد مكان للعنف السياسي في ديمقراطيتنا"، كانت هذه الكلمات إحدى إدانات الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في تعليقه على محاولة اغتيال المرشح الجمهوري دونالد ترامب في المجمع الانتخابي في ولاية بنسلفانيا، والذي توالت بعده ردود الفعل والإدانات الدولية بتصنيف الواقعة كونها حادثة "عنف سياسي"، جاء إطلاق النار الذي استهدف ترامب البالغ من العمر 78 عامًا على يد شاب يبلغ من العمر 20 عامًا ويُدعى توماس ماثيو كروكس، وهو من الناخبين التابعين للحزب الجمهوري بحسبما ذكرت وكالة أنباء "رويترز".
ولا تعد محاولة استهداف الرئيس الأمريكي السابق بالمحاولة الأولى لاغتيال رؤساء ومرشحين رئاسيين أمريكيين، حيث سبقها 19 محاولة اغتيال ناجحة وغير ناجحة لمرشحين ورؤساء الذين قتل 4 منهم.
*محاولات اغتيال الرئيس أبراهام لينكولن*
في عام 1861، تعرض الرئيس الأمريكي المنتخب أبراهام لينكولن لمحاولة اغتيال أثناء حضوره عرضًا في مسرح فورد بواشنطن. الممثل جون ويلكس بوث أطلق النار عليه، مدفوعًا بمعارضته لسياسات لينكولن خلال الحرب الأهلية وقراره بإلغاء العبودية.
لم تكن هذه المحاولة الأولى لاغتيال لينكولن، لكنها كانت القاتلة. فقد نجا من محاولتين سابقتين؛ الأولى في عام 1861 عندما كان في طريقه لحفل التنصيب، والثانية في عام 1864 عندما أطلق قناص مجهول النار عليه أثناء ركوبه عربة في شوارع واشنطن، حيث أخطأت الرصاصة ومرت عبر قبعته.
*اغتيال الرئيس جيمس جارفيلد*
في أواخر القرن التاسع عشر، وبعد اغتيال الرئيس أبراهام لينكولن، شهدت الولايات المتحدة حادثة اغتيال أخرى. في محطة سكة حديد بالتيمور وبوتوماك بواشنطن، تعرض الرئيس جيمس جارفيلد لإطلاق نار من قبل محاميه تشارلز جيه. أصيب جارفيلد بجروح خطيرة وتوفي بعد أكثر من شهرين نتيجة العدوى التي تسببت بها الجروح.
أما تشارلز جيه، فقد برر فعلته بعدم تقدير جارفيلد لجهوده في انتخابه رئيسًا وعدم منحه منصب القنصل. تم إعدام تشارلز شنقًا بعد يومين من الذكرى السنوية لإطلاق النار على الرئيس.
*اغتيال الرئيس ويليام ماكينلي*
في السادس من سبتمبر عام 1901، تعرض الرئيس الأمريكي ويليام ماكينلي لمحاولة اغتيال أثناء حضوره معرض عموم أمريكا في نيويورك. قام ليون كولجوش، المنتمي لإحدى الحركات المتطرفة، بإطلاق النار عليه مرتين، حيث أصابت إحدى الرصاصات معدة الرئيس.
ورغم تفاؤل الأطباء بتحسن حالته، إلا أن ماكينلي توفي بعد ثمانية أيام نتيجة العدوى والغرغرينا التي أصابت جرحه.
أما كولجوش، الذي تعرض للضرب من قبل عناصر الأمن أثناء القبض عليه، فقد أُعدم بالكهرباء في أكتوبر من نفس العام. وبعد هذه الحادثة، أصدر الكونجرس الأمريكي قرارًا بإنشاء جهاز الخدمة السرية لحماية الرئيس.
*اغتيال الرئيس جون كينيدي*
في عام 1963، شهدت الولايات المتحدة آخر حادثة اغتيال لرئيسها، عندما تم اغتيال جون كينيدي. في عام 1960، كان كينيدي يسير في موكب بسيارة مكشوفة برفقة زوجته جاكي وحاكم ولاية تكساس جون كونالي جونيور عبر ديلي بلازا في دالاس، عندما تعرضوا لإطلاق نار كثيف. أصابت الرصاصات رأس ورقبة كينيدي، وكان المسلح لي هارفي أوزوالد هو المتهم.
أصيب كينيدي بجروح في الرقبة والرأس، بينما أصيب حاكم تكساس برصاصة في الظهر. وأفاد تقرير الشرطة بأن القناص استهدفهم جميعًا برصاصة واحدة، مما أثار الشكوك حول صحة الرواية بأن طلقة واحدة يمكن أن تصيب شخصين بجروح مختلفة.
تم اتهام أوزوالد بالحادث، لكنه لم يمثل للمحاكمة، حيث تم إطلاق النار عليه لاحقًا أثناء احتجازه لدى الشرطة.
*المحاولة الأخيرة*
على مر التاريخ، نجا عدد من رؤساء الولايات المتحدة من محاولات اغتيال. على سبيل المثال، في عام 1981، تعرض الرئيس رونالد ريغان لإطلاق نار خارج فندق هيلتون في واشنطن، حيث أصيب برصاصة ارتدت من سيارة ليموزين واستقرت تحت ذراعه اليسرى، لكنه نجا من الحادث، كما نجا الرئيس جيرالد فورد من محاولتين لاغتياله في أقل من ثلاثة أسابيع عام 1975 دون أن يصاب بأذى، وفي عام 1912، تعرض الرئيس ثيودور روزفلت لإطلاق نار في صدره أثناء حملته الانتخابية في ميلووكي، لكنه نجا واستمر في خطابه قبل أن يتلقى العلاج.
آخر المحاولات كانت أمس، حيث تعرض الرئيس السابق دونالد ترامب لمحاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا. أصيب ترامب بجروح طفيفة عندما أطلق أحد المهاجمين النار عليه، ولكن بفضل التدخل السريع لجهاز الخدمة السرية، تم إنقاذ حياته وإحباط المحاولة.
وقد تفاعلت الأوساط السياسية الأمريكية بشكل كبير مع هذا الحادث، حيث دعا الرئيس الحالي جو بايدن إلى الوحدة ونبذ العنف السياسي، معربًا عن امتنانه لسلامة ترامب وتمنياته له بالشفاء العاجل.
تُظهر هذه الحوادث أن محاولات اغتيال الرؤساء الأمريكيين ليست مجرد حالات معزولة، بل تعكس توترات سياسية واجتماعية عميقة في البلاد. ومع تزايد الاستقطاب والتوترات السياسية في العصر الحالي، تظل حماية الشخصيات العامة من الأولويات القصوى لضمان استقرار النظام الديمقراطي وسلامة الأمة.