الأمم المتحدة تصدم العالم بحالات الفقر ضمن اللاجئين السوريين في لبنان
كشفت الأمم المتحدة أن اللاجئين السوريون يعيشون فقرا مدقعا في لبنان
تكشف التقارير الدولية، يوميا العديد من الإحصائيات الصادمة عن أوضاع اللاجئين السوريين في عدد من دول العالم، وخاصة بلبنان التي تعاني من أزمات اقتصادية وسياسية متفاقمة.
أرقام صادمة
وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في تقريرها اليوم الأربعاء، إنه يوجد تدهور سريع لأوضاع اللاجئين السوريين في لبنان.
وفي إحصائية مخيفة، أوضحت المفوضية السامية أن ٩ من أصل كل 10 لاجئين سوريين لا يزالون يعيشون اليوم في فقر مدقع، ما يدفع غالبية اللاجئين للاعتماد على التسول أو اقتراض المال.
وأضافت أن 60% من عائلات اللاجئين السوريين بلبنان يعيشون بمساكن معرضة للخطر، و30% من الأطفال اللاجئين السوريين لم يدخلوا المدرسة قط، و49% من عائلات اللاجئين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
الأكثر فقرا
وأشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان مشترك مع برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إلى أن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي يشهدها لبنان أثرت بشكل خاص على العائلات اللبنانية واللاجئة "الأكثر فقرا".
وذلك مع إعلان البنك المركزي اللبناني رفع الدعم عن المحروقات، الذي تسبب في تفاقم الوضع واحتجاجات واسعة، قبل أن يتدخل الرئيس اللبناني ميشال عون لمد الدعم، حتى نهاية سبتمبر الجاري.
ووصف البنك الدولي الأزمة في لبنان، بأنها الأسوأ على المستوى العالمي منذ قرن ونصف قرن، حيث باتت معها احتياطيات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية، تكفي بالكاد الحد الأدنى من الاحتياطي الإلزامي، الذي يسمح بالتغطية القانونية لأموال المودعين في المصارف الخاصة.
أساليب سلبية
وكشف التقرير الأممي أن غالبية اللاجئين يعتمدون على أساليب "سلبية" للبقاء على قيد الحياة، مثل التسول أو اقتراض المال أو التوقف عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة أو تقليص النفقات الصحية أو عدم تسديد إيجار السكن.
وتابع أنه ارتفع عدد الأشخاص الذين اضطروا إلى قبول "وظائف زهيدة الأجر أو شديدة الخطورة"، أو أوقات عمل إضافية، لتأمين الدخل نفسه الذي كانوا يؤمنونه عام 2020.
وما زال اللاجئون يعانون للعثور على مأوى لائق وآمن، فحوالي 60 في المئة من عائلات اللاجئين السوريين يعيشون في مساكن معرضة للخطر أو دون المعايير المطلوبة أو مكتظة، ويوجد زيادة في متوسط بدلات الإيجار لجميع أنواع المساكن وفي جميع المحافظات، فضلا عن زيادة في "احتمالية الإخلاء" للمسكن.
وتسبب التضخم في أثر بالغ على أسعار المواد الغذائية، حيث ارتفعت تكلفة المواد الغذائية بنسبة 404٪، ما أدى إلى مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي وسط عائلات اللاجئين السوريين.
وفي شهر يونيو من العام 2021، بلغت نسبة عائلات اللاجئين السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي 49 في المئة. وقد اضطر ثلثا العائلات إلى تقليص حجم حصص الطعام أو تقليل عدد الوجبات المستهلكة يوميا.
البقاء على قيد الحياة
وقال أياكي إيتو، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، إنه منذ أواخر عام 2019، فقدت العملة اللبنانية أكثر من 85 في المئة من قيمتها، وارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأصبح مجرد "البقاء على قيد الحياة"، بعيدا عن متناول عائلات اللاجئين السوريين.
وأوضح إيتو أنه "سيكون لهذه الأزمة تأثير طويل الأمد على رفاه اللاجئين ومستقبل أطفالهم، كما أنها تهدد المكاسب التي تم تحقيقها في السابق مثل إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية".
كما أكد عبد الله الوردات، ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره في لبنان، أكد أنه "كان هذا العام حافلا بالصعاب بالنسبة إلى جميع السكان في لبنان، فقد رأينا كيف باتت أسعار المواد الغذائية خارج متناول العديد من الأسر".
وأوضح الوردات أنه "بفضل الدعم السخي الذي تقدمه الجهات المانحة، يساعد برنامج الأغذية العالمي حاليا أكثر من 1.1 مليون لاجئ سوري و600 ألف مواطن لبناني في الشهر، ويقدم مساعدات نقدية وحصصا غذائية، فضلا عن تنظيم الأنشطة لدعم وحماية سبل كسب العيش".
وأشار إلى أنه عائلتين من كل 10 عائلات لاجئة، غير قادرتين على الوصول إلى مستلزمات رعاية الطفل الأساسية، وواحدة من كل 10 عائلات غير قادرة على الحصول على مستلزمات النظافة الصحية النسائية.
أزمة الأطفال السوريين
ويقع على عاتق الأطفال السوريين اللاجئين الجزء الأكبر من أعباء الأزمة، حيث إنه ٣٠٪ من الأطفال الذين هم في سن الدراسة (بين 6 و17 عاما) لم يدخلوا المدرسة قط، انخفض معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عاما بنسبة 25% في عام 2021.
فيما ارتفعت نسبة عمالة الأطفال عام 2021، إذ بلغ عدد الأطفال السوريين اللاجئين المنخرطين في سوق العمل ما لا يقل عن 27,825 طفلا، وفتاة من أصل كل خمس فتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاما متزوجة، وأكثر من نصف (56%) الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و14 عاما قد تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال التأديب القائم على العنف.
ومن ناحيتها، قالت يوكي موكو، ممثلة اليونيسف في لبنان، "إن الأزمة المتفاقمة في لبنان تجعل من الأطفال الذين ينتمون إلى الفئات الأكثر ضعفا عرضة للخطر، بما في ذلك الأطفال اللاجئون، إذ تضطر المزيد والمزيد من الأسر إلى اللجوء إلى تدابير تكيف سلبية، مثل إرسال أطفالهم للعمل في ظروف خطرة في كثير من الأحيان، فضلا عن تزويج الفتيات الصغيرات أو اللجوء إلى التأديب القائم على العنف".
ولفتت موكو إلى أن "اليونيسف تعمل على توسيع نطاق برنامجها لدعم المزيد من الأطفال والأسر إذ لا بد من وضع رفاه الأطفال وحمايتهم في أعلى سلم الأولويات لضمان إنقاذ حقوقهم تحت أي ظرف من الظروف".