تونس.. كيف ترى القوى السياسية البرلمان الجديد دون وجود إخوان؟
تجري في تونس انتخابات البرلمان الجديد دون وجود إخوان
مع بداية السباق الانتخابي لإجراء الانتخابات التشريعية في تونس المزمع إجراؤها في ديسمبر المقبل، وَفْق خريطة الطريق السياسية التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيد، ويحظر خلال تلك الفترة الإشهار السياسي أو بث نتائج استطلاعات الرأي التي تتعلق بالعملية الانتخابية، وكذلك الدراسات والأبحاث والبيانات المتعلقة بالانتخابات، في كافة وسائل الإعلام، وبحسب بيانات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، بدأت عملية التسجيل الآلي للناخبين الأربعاء الماضي، كما بدأت عملية التثبت من العناوين الفعلية للناخبين منذ الاثنين، وتستمر إلى 13 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، على أن تخصص تلك الفترة للنظر في النزاعات في قائمة الناخبين، وَفْق وكالة أنباء الشرق الأوسط.
برلمان بلا فساد
من جانبهم، أكد مراقبون أنّ البرلمان المقبل سيكون وجهاً جديداً في المشهد السياسي؛ لأنّه سيتشكّل وفق قانون انتخابي جديد سيسمح للمرة الأولى بانتخاب الأفراد بشكل مباشر وليس من خلال القوائم الانتخابية، كما سيمنح المواطن الحق في محاسبة نائبه وسحب الثقة منه إذا استدعى الأمر ذلك، كذلك يضع القانون الجديد حدوداً صارمة فيما يتعلق بالمرشحين لإبعاد الفاسدين عن دوائر الانتخابات، وعدم السماح لهم بتسلق السلطة مجدداً، على حدّ وصف المراقبين.
ويقول المحلل السياسي التونسي بسام حمدي: إنّ القانون الانتخابي الجديد سوف يغير طريقة انتخاب ممثلي الشعب في البرلمان، حيث تقلص عدد النواب من 217 نائباً إلى 161، كذلك أبرز الملامح في القانون الانتخابي الجديد أنّه أصبح بإمكان الناخب سحب الثقة من النائب الذي ينتخبه إذا لم يقم بدوره التشريعي والرقابي على ما يُرام، ولم يقدم الخدمات المرجوة منه للمواطنين أو ثبت فساده، أو غير ذلك من الأمور التي تدفع الناخب إلى سحب ثقته من هذا المرشح أو ذاك، ويرى بسام حمدي أنّ إحدى مميزات القانون الانتخابي الجديد أنّه ألغى فكرة الحصانة الانتخابية التي كانت تُمنح للنواب من قبل، ويمكن بسهولة لجهات التحقيق والهيئات المختصة محاسبة جميع مَن يتورطون في أيّ اتهامات، ويستهدف القانون أيضاً ملاحقة جميع المتهمين في قضايا فساد مالي أو إداري أو أيّ نوع من القضايا الجزائية، لمنع ترشحهم مجدداً في الانتخابات التشريعية، حتى لا يسمح بإنتاج منظومة الفساد ذاتها مرة أخرى.
ترحيب ومقاطعة
في السياق ذاته، أكدت عدة قوى وأحزاب سياسية عن ترحيبها بالقانون الانتخابي الجديد، وقالت إنّها تستعد في الوقت الراهن لخوض غمار الانتخابات التشريعية وتأمل باستكمال خريطة الطريق السياسية في البلاد، وأبرز تلك الأحزاب "التيار الشعبي"، و"حركة الشعب"، و"الائتلاف من أجل تونس"، وغيرها، وفي المقابل أعلنت أحزاب أخرى في مقدمتها حركة النهضة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان، عن مقاطعتها للانتخابات.
يقول زهير حمدي أمين عام حزب التيار الشعبي: إنّ "هناك عدداً من القوى السياسية في البلاد أعلنت عن مقاطعتها للانتخابات التشريعية المقبلة اعتراضاً على هذا القانون، بحجة أنّه "إقصائي"، وأنّه يسمح بالتصويت على الأفراد وليس القوائم، وهو أمر سيربك الأحزاب التي اعتادت الدفع بمرشحيها على قوائم انتخابية موحدة وضمن تحالفات سياسية، ولكن في المقابل، هناك قطاع عريض من القوى السياسية وافقت على القانون، واعتبرته فرصة لإفساح المجال الإيجابي للناخبين، للتعامل بصفة مستمرة ومباشرة مع النائب الذي سيرشحه ويمكنه محاسبته على أدائه في أيّ وقت، وكذلك السماح بسحب الثقة منه، إذا أخفق في مهامه، أو ثبت أيّ اتهام موجّه إليه"، واعتبر أمين عام حزب التيار الشعبي أنّ "القانون الانتخابي الذي صدر في الرائد الرسمي إيجابي في عمومه، وأنّ نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين سيمكّن أوسع قاعدة شعبية ممكنة من الوصول إلى مراكز القرار، ويتجنب هدر الأصوات، ويؤمّن كتلاً برلمانية قادرة على الحكم وأخرى على المعارضة.
تسهيلات هيئة الانتخابات
في السياق ذاته، أعلن محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم هيئة الانتخابات التونسية، مجموعة من التعديلات والتسهيلات لمصلحة المرشحين للانتخابات البرلمانية، المقررة في 27 ديسمبر المقبل، وذلك بعد الشكاوى الكثيرة التي صدرت عن عدد من الأحزاب المؤيدة لخيارات الرئيس السياسية، وقال المنصري: إنّ هيئة الانتخابات وضعت نموذجاً للتزكيات على موقعها الرسمي لتوحيد وثيقة تزكية المترشحين، موضحاً أنّها لن تقبل الترشحات التي لا يعتمد أصحابها على تلك الوثيقة، كما توقع المنصري أن تنظم هيئة الانتخابات دورة ثانية للاقتراع، بعد أسبوعين من الإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى في الانتخابات البرلمانية، وذلك في حال عدم حصول مترشح أو أكثر على أغلبية الأصوات في الدورة الأولى.