مواجهات عنيفة بين الجيش اللبناني وحزب الله على طريق المطار.. ماذا يحدث؟
مواجهات عنيفة بين الجيش اللبناني وحزب الله على طريق المطار.. ماذا يحدث؟

تصاعدت حدة التوترات في بيروت بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني ومناصري حزب الله على الطريق المؤدي إلى مطار رفيق الحريري الدولي، جاءت هذه الأحداث على خلفية احتجاجات نظمها الحزب اعتراضًا على قرار السلطات اللبنانية منع استقبال رحلتين قادمتين من إيران، ما أشعل مواجهات أسفرت عن إصابات واعتقالات، وسط إدانات واسعة وتحذيرات من تداعيات التصعيد على الاستقرار الداخلي.
تفاصيل المواجهات
شهدت المنطقة المحيطة بمطار بيروت توترًا غير مسبوق مساء الخميس، حيث تجمّع أنصار حزب الله في اعتصام احتجاجي رافعين الأعلام اللبنانية ورايات الحزب، وسط هتافات منددة بـ"التدخل الإسرائيلي الأمريكي".
ومع تصاعد التوتر، أقدم المحتجون على قطع طريق المطار القديم تحت جسر الكوكودي؛ مما دفع الجيش اللبناني إلى التدخل لفتح الطريق بالقوة؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات استخدمت فيها قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي اعتداء بعض المحتجين، الذين كان بعضهم ملثمين، على أفراد من الجيش اللبناني، كما تم استهداف سيارة تابعة لقوات اليونيفيل الأممية، التي تعرضت للحرق خلال الاشتباكات.
قرار منع الرحلات الإيرانية يثير الجدل
وفقًا لمسؤول في مطار بيروت، فقد أبلغت وزارة الأشغال العامة والنقل شركة "ماهان" الإيرانية بعدم استقبال رحلتين كان من المقرر وصولهما إلى بيروت، مما أدى إلى تأجيلهما للأسبوع المقبل دون تقديم توضيحات رسمية حول الأسباب.
واتهمت إسرائيل مرارًا حزب الله باستخدام المطار لتهريب الأسلحة من إيران، وهو ما ينفيه الحزب بشدة.
ردود الفعل الداخلية والخارجية
فيما لم يصدر تعليق فوري من حزب الله حول الاشتباكات، انتقدت حركة أمل، الحليفة له، عمليات قطع الطرق، معتبرة أنها "طعنة للسلم الأهلي".
كما شدد الجيش اللبناني -في بيان له- على ضرورة الالتزام بالتظاهر السلمي، مؤكدًا أنه لن يتهاون مع أي محاولات للمساس بالأمن والاستقرار.
تحركات أمنية واعتقالات
يأتي ذلك، فيما نفذ الجيش اللبناني، السبت، سلسلة عمليات أمنية، في إطار ملاحقة المتورطين في الهجوم على موكب قوة تابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)، على طريق مؤدٍ إلى مطار بيروت أغلقه حشد من أنصار حزب الله؛ مما أدى لإصابة ضابطين أحدهما نائب قائدها المنتهية ولايته.
وفي بيان صادر عنه، قال الجيش اللبناني: إنه جرى توقيف عدد من المتورطين في الهجوم، محذرًا المواطنين من ارتكاب أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة.
وشدد الجيش اللبناني، على ضرورة الالتزام بالتعبير السلمي عن الرأي، مؤكدًا أنّه لن يتهاون مع أي إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي.
توقيفات وتحقيقات
في السياق نفسه، أعلن وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار في مؤتمر صحافي السبت استتبع اجتماعًا أمنيًا طارئًا حتى الآن، لدينا أكثر من 25 موقوفًا في مخابرات الجيش اللبناني، وهناك موقوف عند شعبة المعلومات بقوى الأمن الداخلي.
وأوضح، أن هذا لا يعني أن هؤلاء الموقوفين ارتكبوا الاعتداء على اليونيفيل، لكن التحقيقات سوف تظهر من هو المسؤول ومن المرتكب، كما أنها ستتواصل بشكل جدي جدًا.
وأضاف، أنه سيتم اتخاذ أقصى التدابير الأمنية، من أجل المحافظة على الأمن والمحافظة على الاستقرار، مؤكدًا أن أي خلل ستتم ملاحقته بكل جدية.
وطالبت اليونيفيل الجمعة، في بيان، السلطات اللبنانية بإجراء تحقيق شامل وفوري، والعمل على تقديم جميع المسؤولين عن هذا الهجوم إلى العدالة، والذي أدّى إلى إصابة نائب قائد قوات اليونيفيل المنتهية ولايته شوك ياهادور داكال النيبالي الجنسية والذي كان في طريقه إلى بلاده بعد انتهاء مهمته.
مخاوف من تداعيات التصعيد
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث يسري اتفاق هش لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل منذ 27 نوفمبر تم تمديده حتى الثلاثاء المقبل بوساطة أمريكية وفرنسية.
ويخشى مراقبون من أن تؤدي التوترات الداخلية إلى تفاقم الأوضاع الأمنية وإضعاف قدرة الدولة على ضبط الاستقرار.
من جانبه، يقول المحلل السياسى اللبنانى يوسف دياب: إن الاشتباكات بين الجيش اللبناني ومناصري حزب الله على طريق المطار تعكس هشاشة الوضع الأمني في البلاد، خاصة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتأثيرها المباشر على الداخل اللبناني.
ويؤكد أن قرار منع الرحلات الإيرانية جاء في سياق ضغوط دولية متزايدة على الحكومة اللبنانية، وهو ما يفسر رد الفعل القوي من قبل حزب الله، الذي يعتبر هذه الإجراءات استهدافًا مباشرًا له.
ويشير دياب في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن هذه المواجهات تشكل سابقة خطيرة في العلاقة بين الجيش اللبناني وحزب الله، الذي لطالما حرص على تجنب الصدام المباشر مع المؤسسة العسكرية.
ويضيف أن استهداف قوات اليونيفيل، حتى لو لم يكن بشكل ممنهج، قد يثير قلق المجتمع الدولي، ويزيد الضغوط على لبنان،خاصة في ظل المساعي الأمريكية والفرنسية لضمان استقرار الحدود الجنوبية.
ويحذر دياب، من أن استمرار مثل هذه الأحداث قد يؤدي إلى تصعيد أكبر، لا سيما أن لبنان يمر بمرحلة سياسية حساسة، حيث تسعى مختلف الأطراف الداخلية إلى تثبيت مكاسبها في ظل الفراغ الرئاسي والأزمة الاقتصادية المستمرة، ويرى أن الحل يكمن في التهدئة السياسية وعدم استغلال التوترات الخارجية لإشعال الساحة الداخلية.