فشل جديد.. تركيا تلجأ إلى المعدن الأصفر من أجل إنقاذ الليرة
فشل بعد فشل، يحققه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليقود اقتصاد أنقرة نحو الانهيار ويسجل أرقاماً قياسية في التدهور، لا مثيل لها، بمعاونة أتباعه وعلى رأسهم صهره وزير الخزانة والمالية براءت ألبيرق.
اللجوء للذهب
بعد أن وصلت الليرة التركية لأدنى مستويات تاريخية في أنقرة خلال الشهر الماضي، سعت تركيا بكل السبل لتفادي الأمر وتجنب الخيار الصعب بتعويم العملة، لذلك لجأت لفكرة بناء احتياطيات كبيرة من الذهب من أجل استقرار العملة المحلية أمام النقد الأجنبي.
وعمل أردوغان على اقتناء كميات كبيرة من الذهب ليسجل مستويات غير مسبوقة أيضاً ويرفع احتياطيات تركيا منه، وهو ما يرجح وجود مساعدة بالغة من قطر وتقديم ذهبها لأنقرة، حيث أظهر بيانات مجلس الذهب العالمي أن إجمالي احتياطي تركيا حتى مطلع سبتمبر الجاري، بلغ نحو 602.7 طن من الذهب، ضمن أصولها الاحتياطية، في وقت سجلت فيه البلاد تراجعات حادة في احتياطي النقد الأجنبي.
بينما كشف البنك المركزي التركي أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي سجل تراجعاً غير مسبوق وتاريخياً للعملة المحلية، إلى متوسط 7.4 ليرة لكل دولار واحد، في أغسطس الماضي، ما يرجح هبوطاً منتظراً بالليرة خلال الفترة المقبلة، مع ارتفاع معدلات التضخم، والأسعار في البلاد.
وأورد مجلس الذهب العالمي أن تركيا اشترت 190 طناً من الذهب خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، وحولتها إلى احتياطياتها الرسمية، لمواجهة أي تراجعات أكبر في العملة المحلية، حيث كان يبلغ احتياط أنقرة حتى انهيار عملتها المحلية في أغسطس 2018، نحو 258.6 طن بدأت بعده بتحويل استثمارات وأصول إلى شراء الذهب.
وقبل ساعات، بلغت الليرة التركية، أدنى مستوى على الإطلاق، وبلغت 7.438 مقابل الدولار، حيث إن التضخم السنوي ظل قرب 12%، ما يؤكد وجود مخاطر اقتصادية منذ أعوام بالبلاد زادها فيروس كورونا.
انهيار اقتصادي
وهو ما أكدته بيانات معهد الإحصاء التركي الحكومي فيما يخص الأداء الاقتصادي، ومعدلات البطالة، والتضخم، والتي رغم فجاعتها لكنها لا ترتقي للحقيقة بالفعل.
وتضمنت البيانات أن معدل البطالة يصل إلى 13.2%، بينما المعدل الحقيقي هو 23.1%، بفارق 10 نقاط كاملة عن المعلن، حيث يعاني الاقتصاد التركي من الركود التضخمي، والذي يعني ارتفاع أسعار المستهلك من السلع والخدمات، يقابله تراجع حاد في القوة الشرائية، وهو من أصعب التحديات التي تواجه أي سوق بالعالم.
فيما ارتفع معدل البطالة إلى 13.8% في الفترة من ديسمبر 2019 إلى فبراير 2020 من 13.7% قبل شهر، حيث يتوقع الخبراء أن تتحول أزمة البطالة لقنبلة موقوتة في البلاد، بسبب سياسات أردوغان ومع تداعيات كورونا ما ينذر أن الأسوأ قادم في المستقبل، ورجحوا أن تصل نسبتها إلى 30% بسبب كورونا، على أن ترتفع بشكل ملحوظ في يوليو المقبل، بحيث لو استمرت سطوة كورونا بالصيف، من الوارد تسريح قطاع كبير من العاملين في السياحة، وأن ينتهي عام 2020 عند نقطة سيئة للغاية اقتصادياً، لاسيما بشأن العمالة والبطالة.
عجز تجاري
كما كشف البنك المركزي التركي أن عجز ميزان المعاملات الجارية في البلاد اتسع في أبريل إلى 5.062 مليار دولار، وفي مارس الماضي، سجل العجز في ميزان المعاملات الجارية 4.844 مليار دولار، بينما بنهاية العام الماضي بلغ فائض ميزان المعاملات الجارية التركي 1.674 مليار دولار.
ووصل عجز التجارة الخارجية لتركيا خلال الشهور الأولى من العام الجاري إلى 20 مليار دولار، أي بنسبة 110%، مقارنة مع نحو 9.98 مليار في الفترة المقابلة من العام الماضي 2019، وهو ما زاد من أزمات سوق النقد الأجنبي للبلد الذي يعاني من نزوح الاستثمار.
فيما سجلت الصادرات التركية أيضاً تراجعاً بنسبة 20% إلى 61 مليار دولار، مقارنة مع 76 مليار دولار في الفترة المناظرة من العام الماضي، بالإضافة لتراجع الأصول الاحتياطية الرسمية للبنك المركزي التركي بنسبة 6.3% في أبريل الماضي مقارنة مع مارس السابق له.
تراجع بالتصنيف
صنفت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "موديز" في رؤيتها، الاقتصاد التركي بالأكثر تضرراً بالعالم، من بين الاقتصاديات في مختلف الدول، موضحة أن توقعاتها للسنة المالية في تركيا أن تكون سيئة، وعدلت النمو الاقتصادي التي قدرت بنسبة 3% إلى تراجع وانكماش بنسبة 1.4% في العام الجاري.
وأكدت "موديز" أن الاقتصاد التركي تلقى صدمة هي الأعنف في العالم، بسبب كورونا، حيث أحدث ركوداً كبيراً في الاقتصاد العالمي، بينما حاولت الدول التصدي له مثلما دعت المملكة العربية السعودية لاجتماع افتراضي استثنائي بنهاية الأسبوع الماضي لمجموعة العشرين، بينما لم تقدر أنقرة على الإقدام على أي خطوة حالياً.
كما تتوقع أن يكون الاقتصاد التركي الأكثر تضرراً من الوباء بين اقتصادات مجموعة العشرين مع انكماش تراكمي في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني والثالث بنحو 7%، موضحة أن قدرة الاقتصاد التركي في مواجهة العواقب الوخيمة لكورونا "ضعيفة"، حيث قدرت نموها الاقتصادي بنسبة 0.8% فقط في عام 2021 بعد التعاقد هذا العام، على أن يتضرر قطاع السياحة بشكل خاص بالإضافة للطيران والنقل.