في 5 أشهر.. كيف قاد أردوغان وصهره الاقتصاد التركي إلى العجز الكلي؟
بعد أن مكن صهره من خزائن الدولة، وعقدوا سويًّا حزمة من القرارات الخاطئة المتتالية، بجانب سرقة ونهب ثروات الشعب يومًا بعد يوم، لعدة أغراض بين الحروب خارج أراضيه، وبناء القصور، وجمع أموال ضخمة.
وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالاقتصاد الوطني إلى قمة العجز تمامًا، وأغرقوا الشعب في الانهيار، وهو ما وثقته الأرقام الأخيرة التي أعلنتها الحكومة مؤخرًا، بينما أثار ذلك حالة من الغضب بين المعارضة، حيث كتب تمل قره ملا أوغلو، زعيم حزب "السعادة" التركي، عبر موقع "تويتر"، أن الرئيس التركي ووزير الخزانة والمالية أغرقوا البلاد كسفينة تيتانيك الشهيرة.
ونشر الحزب موسيقى فيلم "تيتانيك" في خلفية مقطع فيديو يبدأ بعبارة "حفل الاقتصاد"، يستعرض الأحوال المتدهورة والأرقام المنهارة، والصعوبات التي يواجهها الشعب وحالة عدم المصداقية بينهم مع الحكومة، المرفقة بتعليق: "المزعج ليس الموسيقى، ولكن الأرقام والمعطيات الاقتصادية هي المزعجة، الاقتصاد لن يستقيم بإخفاء الأرقام الحقيقية، سفينة الاقتصاد بقيادة ألبيرق تغرق كتيتانيك".
الأرقام تتحدث
أدى تولى براءت ألبيرق وزير الخزانة والمالية، صهر الرئيس رجب طيب أردوغان لذلك المنصب الحساس لعدة أزمات في الاقتصاد، حيث أظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي الحكومي فيما يخص الأداء الاقتصادي، ومعدلات البطالة، والتضخم، والتي رغم فجاعتها لكنها لا ترتقي للحقيقة بالفعل.
وجاء في البيانات أن معدل البطالة يصل إلى 13.2%، بينما المعدل الحقيقي هو 23.1%، بفارق 10 نقاط كاملة عن المعلن، حيث يعاني الاقتصاد التركي من الركود التضخمي، والذي يعني ارتفاع أسعار المستهلك من السلع والخدمات، يقابله تراجع حاد في القوة الشرائية، وهو من أصعب التحديات التي تواجه أي سوق بالعالم.
قمة العجز التجاري
كما كشف البنك المركزي التركي أن عجز ميزان المعاملات الجارية في البلاد اتسع في أبريل إلى 5.062 مليار دولار، وفي مارس الماضي، سجل العجز في ميزان المعاملات الجارية 4.844 مليار دولار، بينما بنهاية العام الماضي بلغ فائض ميزان المعاملات الجارية التركي 1.674 مليار دولار.
كما وصل عجز التجارة الخارجية لتركيا خلال الشهور الأولى من العام الجاري إلى 20 مليار دولار، أي بنسبة 110%، مقارنة مع نحو 9.98 مليار في الفترة المقابلة من العام الماضي 2019، وهو ما زاد من أزمات سوق النقد الأجنبي للبلد الذي يعاني من نزوح الاستثمار.
فيما سجلت الصادرات التركية أيضاً تراجعاً بنسبة 20% إلى 61 مليار دولار، مقارنة مع 76 مليار دولار في الفترة المناظرة من العام الماضي، بالإضافة لتراجع الأصول الاحتياطية الرسمية للبنك المركزي التركي بنسبة 6.3% في أبريل الماضي مقارنة مع مارس السابق له.
انهيار الليرة
وجاء كل ذلك في أعقاب عدة إجراءات اتخذتها الحكومة للحفاظ على النقد الأجنبي داخل السوق المحلية، منها فرض ضرائب على ودائع النقد الأجنبي، والتوجه نحو الاقتراض لتوفير السيولة الأجنبية، وهو ما انعكس على تراجع في سعر صرف العملة المحلية.
ومنذ العام الماضي، لم ترتفع الليرة على الإطلاق، واستمرت في التراجع أمام الدولار الأميركي، بعد أن فقدت أكثر من 13% من قيمتها منذ بداية 2020، حيث إنها قبل أيام فقدت أكثر من 1% إلى 6.8610 مقابل الدولار الأميركي في أدنى مستوى في حوالي شهر.
وخسرت الليرة أكثر من 40% من قيمتها في عامين، وهو ما يعد خير دليل على فشل سياسات ألبيراق وأردوغان وخسائرهم بالاقتصاد التركي الحادة.
وتتوقع مؤسسة جولدمان ساكس الأميركية أن تستمر الليرة التركية في تراجعها، وأن تفقد ما يزيد على 14% إضافية من قيمتها بنهاية العام الجاري، لتصل إلى 8.25 ليرة مُقابل الدولار الأميركي، وأن الدولار سيصل إلى 7.5 ليرة في أغسطس المقبل و7.75 في نوفمبر 2020.
البطالة تتفاقم
وتشهد تركيا أيضاً أزمات طاحنة، حيث إن معدل البطالة ارتفع إلى 13.8% في الفترة من ديسمبر 2019 إلى فبراير 2020 من 13.7% قبل شهر، حيث يتوقع الخبراء أن تتحول أزمة البطالة لقنبلة موقوتة في البلاد، بسبب سياسات أردوغان ومع تداعيات كورونا ما ينذر أن الأسوأ قادم في المستقبل.
ورجحوا أن تصل نسبتها إلى 30% بسبب كورونا، على أن ترتفع بشكل ملحوظ في يوليو المقبل، حيث إنه استمرار لسطوة كورونا بالصيف، من الوارد تسريح قطاع كبير من العاملين في السياحة، وأن ينتهي عام 2020 عند نقطة سيئة للغاية اقتصاديًّا، لاسيَّما بشأن العمالة والبطالة.
وفيما يخص الأعداد المتوقعة لتسريح العمالة والتحول للبطالة، رجح الأكاديميون أنه يتفاقم العدد حاليًا إلى مليوني و800 ألف شخص مواطن تركي، لتصل أعداد العاطلين في البلاد إلى 7 ملايين و100 ألف شخص.
تراجع بالتصنيف
صنفت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "موديز" في رؤيتها، الاقتصاد التركي بالأكثر تضررًا بالعالم، من بين الاقتصادات في مختلف الدول، موضحةً أن توقعاتها للسنة المالية في تركيا أن تكون سيئة، وعدلت النمو الاقتصادي التي قدرت بنسبة 3% إلى تراجع وانكماش بنسبة 1.4% في العام الجاري.
وأكدت "موديز" أن الاقتصاد التركي تلقى صدمة هي الأعنف في العالم، بسبب كورونا، حيث أحدث ركودًا كبيرًا في الاقتصاد العالمي، بينما حاولت الدول التصدي له مثلما دعت المملكة العربية السعودية لاجتماع افتراضي استثنائي بنهاية الأسبوع الماضي لمجموعة العشرين، بينما لم تقدر أنقرة على الإقدام على أي خطوة حاليًا.
كما تتوقع أن يكون الاقتصاد التركي الأكثر تضررًا من الوباء بين اقتصادات مجموعة العشرين مع انكماش تراكمي في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني والثالث بنحو 7%.، موضحةً أن قدرة الاقتصاد التركي في مواجهة العواقب الوخيمة لكورونا "ضعيفة"، حيث قدرت نموها الاقتصادي بنسبة 0.8% فقط في عام 2021 بعد التعاقد هذا العام، على أن يتضرر قطاع السياحة بشكل خاص بالإضافة للطيران والنقل.