مَخاوِف من تورُّط «النظام التركي» في تهريب إرهابيين عَبْر الأراضي الجزائرية

مَخاوِف من  تورُّط «النظام التركي» في تهريب إرهابيين عَبْر الأراضي الجزائرية
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

حالة من القلق سيطرت على السلطات الجزائرية من احتمالية تسلُّل عناصر تابعة لتنظيمات جهادية ضِمن العالقين من المواطنين الجزائريين في تركيا في ظل محاولات السلطات الجزائرية إعادة مواطنيها إلى بلادهم، حيث تنعدم الثقة بين الحكومة الجزائرية ونظام أردوغان، خاصة مع استمرار الرئيس التركي في مخططاته رغم انشغال جميع دول العالم بالتكاتف من أجل التصدي لوباء "كورونا".


العلاقات بين الجزائر وتركيا إيجابية حتى الآن، ورغم ذلك لم تكفِ تلك الإيجابية لطمأنة الجانب الجزائري رغم الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الأتراك والجزائريين، بداية من الرئيس التركي نفسه الذي زار الجزائر منذ شهرين إلى تعاوُن كامل وزيارات متبادلة على كافة المستويات.


وبشكل واضح، أعلنت الحكومة الجزائرية أنها لن تجلي مواطنيها في مطار اسطنبول وتعيدهم إلى الوطن، إلا بعد التأكد من هويتهم كشرط أساسي، موضحة أن تلك الإجراءات الهدف منها تفادي أي محاولات استغلال من قبل التنظيم الجهادية وعناصرها للظروف الصعبة والاستثنائية التي يمر بها العالم لينتقلوا إلى الأراضي الجزائرية ومنها إلى مناطق الصراع في ليبيا بالتحديد وإفريقيا بشكل عام.
 

تقارير أمنية أكدت تورُّط السلطات التركية في تهريب عناصر جهادية


مصادر مطلعة أكدت أن الحكومة الجزائرية حصلت على تقارير أمنية حذرتها من تسلل عناصر جهادية إلى أراضيها مثلما حدث في تونس، حيث سارعت الحكومة التونسية بإجلاء مواطنيها العالقين في تركيا ثم أعلنت بعدها تسلل إرهابيين للبلاد عبر رحلات الإجلاء التونسية.


وأضافت المصادر أن التقرير أكد وجود تنسيق بين السلطات التركية والعناصر الجهادية للاندساس داخل المواطنين العالقين والتسلل إلى مناطق الصراع في إفريقيا، في ظل صعوبة نقلهم بشكل مباشر أو غير مباشر في ظل توقف جميع الرحلات حول العالم، حيث ستثير أي رحلة مشبوهة شكوك المجتمع الدولي حول التصرفات التركية.


مئات الجزائريين العالقين في مطار اسطنبول غاضبون لبقائهم فترة طويلة تقترب من الأيام العشرة، ولا يدركون خطورة الموقف، وأجرى صبري بوقادوم وزير الخارجية الجزائري اتصالاً هاتفيًا مع نظيره التركي جاويش أوغلو لمحاولة الحصول على ضمانات بعدم وجود عناصر جهادية وسط العائدين من مطار اسطنبول.


وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيانًا لها الشكوك، حيث وضعت شروطا لإعادة مواطنيها العالقين في تركيا، بعد توصلها لمعلومات حول تنامي أعداد العالقين، ما يثير الشكوك حول إمكانية استغلال بعض الأطراف لتسهيل انتقال عناصر إرهابية ضِمن رحلات الإجلاء".
وزارة الخارجية الجزائرية طمأنت مواطنيها في بيانها حيث أوضحت لـ"المواطنين العالقين وأسرهم بأنه ستتم إعادتهم إلى أرض الوطن بعد التأكد من هوية الكثير منهم، وأنه سيتم التأكد من هوية كل العالقين الذين يزداد عددهم يوميا بشكل يثير الريبة والتساؤل، خاصة وأن الكثيرين منهم لا يحوزون لا على تذاكر السفر ولا حتى على وثائق سفر رسمية".
 
أردوغان ليس له صديق.. ومصلحته تأتي في المقام الأول


من جانبه، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، "سامح عيد": إن الوضع الراهن والظروف الاستثنائية حول العالم زادت من صعوبة تنقل العناصر الجهادية وعمليات تهريبهم في ظل توقف حركة الطيران بشكل شبه كامل في العالم، حيث تخشى تركيا تحريك طائرات أو سفن يتم رصدها بسهولة بسبب قلة الرحلات.


وأضاف، رغم ادعاءات أردوغان بأنه صديق لكلٍّ من تونس والجزائر إلا أن مصلحته أجبرته على توريط تونس وبعدها الجزائر في نقل العشرات من العناصر الإرهابية حاملين أموال طائلة لدفع رواتب المرتزقة في ليبيا واستغلال الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم في فرض السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الليبية وخلق خلايا إرهابية جديدة تعمل في ظل انشغال العالم لتبدأ تنفيذ مخططاتها بعد مرور أزمة تفشي فيروس كورونا.


وتابع عيد، السلطات الجزائرية انتبهت على الفور للمحاولات التركية، خاصة مع وضوح الأمر مع تزايد أعداد العالقين بشكل مبالغ فيه، وظهور أشخاص بينهم بلا وثائق سفر أو تذاكر ذهاب، وكأن الأرض انشقت عنهم مما أثار شكوك الجانب الجزائري، خاصة مع تورط السلطات التركية في إرسال عناصر إرهابية تم وضعها وسط المواطنين التونسيين العالقين في مطار اسطنبول وبالفعل وصلت تلك العناصر لتونس ثم اختفت بعد وصولها بساعات وسط تأكيدات لانتقالهم عبر الحدود البرية للأراضي الليبية.
 
شكوك السلطات الجزائرية منطقية والأعداد تتزايد بشكل يثير القلق


في السياق ذاته، أكد "طارق البشبيشي"، متخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية ومنشق عن جماعة الإخوان، أن شكوك السلطات الجزائرية منطقية للغاية، حيث تتضاعف الأعداد بشكل غير طبيعي، فكان هناك بضع مئات من الجزائريين عالقين في مطار اسطنبول، ومع تحرك السلطات الجزائرية لإجلائهم، وصل عددهم لـ2000 جزائري، وبعدها بـ 24 ساعة فقط ظهر عدة مئات آخرون ليصل إجمالي الجزائريين لـ3500 جزائري معظمهم لا يحملون وثائق سفر رسمية، وبعد تورط الحكومة الجزائرية في إجلاء 2000 مواطن، وجدت الأجهزة الأمنية بينهم أشخاص لا يحملون أوراق رسمية وبتكثيف التحقيقات تم التأكد من تبعيتهم لعناصر جهادية تعمل في سوريا، وتحاول الانتقال بتسهيلات من الجانب التركي إلى ليبيا لمواصلة تنفيذ أوامر الأجهزة الأمنية التركية.


وأضاف، البشبيشي من المتوقع ظهور خلافات دبلوماسية شديدة بين الجانب الجزائري والجانب التركي بسبب غضب الأتراك من إعلان الجزائر بشكل واضح مخاوفها من تسلل عناصر إرهابية إلى أراضيها بتسهيلات من السلطات التركية.