نظام "الملالي" وراء اغتياله.. مَن هو المُعارِض الإيراني "مسعود مولوي وردنجاني"؟
مفاجأة من العيار الثقيل تم الكشف عنها اليوم بأن السلطات الإيرانية اغتالت معارضا إيرانيا في اسطنبول، بنوفمبر الماضي، بـ11 رصاصة قاتلة، لانتقاده الحكومة والسياسيين والعسكريين ببلاده.
جاءت تلك المفاجأة على لسان مسؤولين تركيين كبيرين، بينما لم توجه حكومة أنقرة أي تهم لطهران بالضلوع في قتل المعارض الإيراني "مسعود مولوي وردنجاني"، حيث إنه عقب القبض على المتهمين بعملية القتل اعترفوا بأن ذلك جاء بناء على أوامر ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية.
تفاصيل الاغتيال
وكشف المسؤولون أن الأدلة أثبتت أن الإيرانيين لعبوا دورا خطيرا في التحريض والتنسيق في عملية القتل التي تمت رميا بالرصاص في شارع باسطنبول للمعارض الإيراني، بعد أكثر من عام على مغادرته بلاده، وتحديدا في 14 نوفمبر 2019.
كاميرات الشارع وثقت عملية الاغتيال، حيث أظهرت مسلحا يركض متجاوزا رجلين أثناء سيرهما بأحد أحياء وسط اسطنبول في الساعة العاشرة من مساء يوم 14 نوفمبر، وأطلق المسلح عدة طلقات على أحدهما ليسقط على الأرض بينما كان رفيقه يختبئ، وهو "علي إسفنجاني" قائد الفريق الذي نفذ عملية اغتيال "وردنجاني".
أفاد تقرير الشرطة التركية بأن "وردنجاني" كان يعمل في الأمن الإلكتروني بوزارة الدفاع الإيرانية، ولكنه تحول إلى منتقد قوي للسلطات الإيرانية، كما أنه قبل قتله بنحو 3 أشهر نشر رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الحرس الثوري الإيراني، قال فيها: "سوف أجتث قادة المافيا الفاسدين.. أدعو الله ألا يقتلوني قبل أن أفعل ذلك".
تهديد بالاغتيال
المفاجأة كانت أيضا، أنه بعد ذلك المنشور، أرسل الحرس الثوري تحذيرا لوردنجاني بعدم التعاون مع شركات تركية في مشروعات متعلقة بالطائرات المسيرة، إلا أنه تحدى ذلك التحذير الإيراني، وأجرى اتصالات بأميركا وإسرائيل ودول أوروبية للعمل معها.
وعقب ذلك نشر المعارض وثائق على الإنترنت تكشف أنه نفذ عملية تسلل إلكتروني للحصول على معلومات من معارف له في إيران، وعقب ذلك أرسل له الحرس الثوري تهديدات بالقتل في حال استمراره على ذلك الأمر.
من هو المعارض المقتول؟
ولد "وردنجاني" في إيران، قبل 32 عاما، وعرف نفسه لمتابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه "عالم ومخترع"، وأنه أحد عباقرة الذكاء الاصطناعي، حيث إنه حاصل على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة، فضلا عن تأكيده أنه يتعاون مع السلطات التركية في تصنيع طائرات مسيرة "درونز".
ارتبط "مولوي" بعلاقات وطيدة مع الحكومة الإيرانية، حيث إنه تولى عملية قطع الإنترنت عن البلاد بعد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت طهران والتي قتل خلالها العشرات، وسبق أن كان أيضا محل احتفاء من وسائل الإعلام الإيرانية، وعلى رأسها وكالة "مهر" للأنباء التي أجرت مقابلة معه قبل عدة سنوات وقدمته بأنه حاصل على ميداليات وشهادات اختراع.
كما أنه عمل في وزارة الدفاع الإيرانية لعدة أعوام، على حد قوله، قبل أن ينشق عنها، وحيث نشر العديد من الصور تجمعه مع الرؤساء الإيرانيين السابقين بمن فيهم "أكبر هاشمي رفسنجاني" و"محمد خاتمي" و"محمود أحمدي نجاد".
نشط "مولوي" مع فريق من المبرمجين في مجال القرصنة السيبرانية وأمن الشبكات داخل إيران، وتعاون مع جهات عسكرية في مجال بحث وتطوير الطائرات المسيرة، إلا أن ذلك الفريق تم اعتقاله بعد فترة بالكامل، وهو ما جعله يقرر المغادرة إلى تركيا في مطلع 2017.
الصندوق الأسود
بعد انتقال "مولوي" إلى تركيا، أسس فيها شركة تقنية، بالإضافة لقناة على موقع تلغرام باسم "الصندوق الأسود"، والتي أعلن من خلالها نقمته على الحكومة الإيرانية، حيث نشر فيها معلومات تتعلق بالقيادة الإيرانية أولهم الرئيس حسن روحاني، الذي وصف أداءه بأنه "رصاصة في جسد النخب العلمية في إيران".
ومن بين الفضائح التي كشفها أيضا، أن القضاء الإيراني وقوات الأمن يقومون بارتكاب العديد من جرائم الفساد والانتهاكات، ووقائع فساد مالي واسعة داخل الاستخبارات الإيرانية، فضلا عن تورط محمد محمدي جلبايجاني مدير مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي في وقائع فساد مع الأخوين علي وصادق لاريجاني رئيسي البرلمان ومجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران.
كما نشر عدة مقاطع مرئية تتعلق بالتسلسل الهرمي لسلطة الأشخاص الأكثر نفوذا داخل مكتب خامنئي، إلا أنها لم تكتمل لاغتياله، حيث توقفت قناته عن البث حاليا.
شبهه الكثيرون بالمعارض الإيراني "سعيد كريميان"، مدير تلفزيون GM، الذي سبق أن اغتالته أيضا الاستخبارات الإيرانية في اسطنبول التركية بطريقة مشبوهة قبل عامين.