الحوثيون يهددون تل أبيب.. وأمريكا ترد بقصف مميت

الحوثيون يهددون تل أبيب.. وأمريكا ترد بقصف مميت

الحوثيون يهددون تل أبيب.. وأمريكا ترد بقصف مميت
ميليشيا الحوثي

عادت الطائرات الأمريكية لتحلّق فوق سماء صعدة، وتُمطر معسكرات الحوثيين بوابل من الصواريخ، لكن هذه الغارات لم تمرّ بصمت، إذ قابلتها الجماعة الحوثية بتصعيد لافت، مُعلنةً استهدافها تل أبيب بطائرة مسيّرة أطلقت عليها اسم "يافا"، وبينما يتوالى السجال العسكري بين الطرفين، تتصاعد حدة الاشتباك الإقليمي على مسرح اليمن، مع تبادل الضربات الجوية والتصريحات النارية.

 الحوثيون يتهمون أمريكا وإسرائيل بالتجسس والاعتداء، ويعلنون إسقاط طائرات استطلاع، فيما ترد واشنطن بسلسلة من الغارات المدمرة التي طالت قادة ميدانيين وخبراء عسكريين تابعين للحرس الثوري الإيراني، وفي الخلفية، يتعالى القلق الدولي من اتساع رقعة النار اليمنية لتطال الممرات البحرية الدولية، ما ينذر بتهديد استراتيجي للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر وخليج عدن.

 إنها مواجهة تبدو في ظاهرها بين واشنطن والحوثيين، لكنها تحمل رسائل أوسع وأعمق، حيث تتقاطع فيها الطائرات فوق صعدة، بينما تتقاطع الحسابات في طهران وتل أبيب وواشنطن.

*قصف أمريكي ورد حوثي*


في تصعيد جديد يُنذر بتوسّع رقعة الاشتباك في اليمن، شنت الولايات المتحدة، فجر اليوم السبت، غارتين جويتين استهدفتا مخازن أسلحة تابعة لجماعة الحوثي في معسكر كهلان شرق محافظة صعدة، إحدى أهم القواعد العسكرية للجماعة في شمال البلاد.

وتزامن هذا التصعيد مع سلسلة من التصريحات التي أطلقها المتحدث العسكري للحوثيين، العميد يحيى سريع، والذي أعلن عن تنفيذ "عملية عسكرية نوعية" استهدفت ما وصفه بـ"هدف عسكري إسرائيلي" في مدينة يافا، باستخدام طائرة مسيرة من طراز "يافا"، في تطور يُعدّ الأول من نوعه في الخطاب العسكري للجماعة.

ولم يتوقف التصعيد الحوثي عند هذا الحد، إذ زعم سريع أن دفاعاتهم الجوية أسقطت طائرة استطلاعية من نوع "Giant Shark F360"، كانت تُنفذ مهامًا تجسسية لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل فوق محافظة صعدة، مضيفًا أن الطائرة أُسقطت بواسطة صاروخ أرض-جو محلي الصنع.

وبحسب الجماعة، فقد جاء هذا الرد بعد ساعات فقط من هجوم صاروخي شنّه الحوثيون ضد حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" في البحر الأحمر، حيث تحدثوا عن اشتباك بحري استمر عدة ساعات.

ووفق بيانهم العسكري، فإن قواتهم أطلقت صواريخ مجنحة باتجاه القطع البحرية الأمريكية، وأفشلت محاولتين جويتين للجيش الأمريكي كان يخطط لتنفيذهما ضد مواقعهم.

في المقابل، استهدفت الطائرات الأمريكية - خلال الأيام الماضية- مواقع استراتيجية عدة في اليمن، أبرزها محافظة صعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين، حيث شهدت غارات جوية متكررة استهدفت مخازن الأسلحة والمنشآت العسكرية.



*ضربات قاسية للحوثي*


وفي تصريح لافت، كشف وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، أن القوات الأمريكية نفذت ضربة دقيقة، يوم الثلاثاء الماضي، جنوب منطقة "الفازة" الساحلية بمحافظة الحديدة، أسفرت عن مقتل أكثر من 70 عنصرًا من الحوثيين، بينهم قيادات ميدانية وخبراء من الحرس الثوري الإيراني.

ووفقًا لمصادر ميدانية تحدث عنها الإرياني، فإن الموقع المستهدف كان يُستخدم في التخطيط لهجمات ضد السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، ما يُشكل تهديدًا مباشرًا للممرات البحرية الدولية.

وأشار الوزير اليمني، أن الضربات الجوية الأمريكية، التي تكثفت خلال الأسبوعين الماضيين، طالت منشآت عسكرية رئيسية، ومنظومات دفاعية، ومواقع لتجميع الصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما أدى إلى مقتل المئات من مقاتلي الجماعة، بينهم قيادات من الصفوف الأول والثاني والثالث.

*رسالة مزدوجة*


من جانبه، يرى المحلل العسكري العميد طلال العولقي، أن تصعيد الحوثيين ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية ليس مجرد تصرف فردي، بل يعكس توجّهًا إيرانيًا واضحًا لفتح جبهة إقليمية جديدة ضمن معركة النفوذ في المنطقة.

وأكد العولقي - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن الرد الأمريكي العنيف يحمل رسالة مزدوجة، ضبط سلوك الحوثيين، وتقييد النفوذ الإيراني في البحر الأحمر.

وتابع: أما المجتمع الدولي، فما يزال يُبدي قلقًا متزايدًا من إمكانية تفجّر الوضع إلى ما هو أبعد من ساحة اليمن، خاصة في ظل ترابط الأزمات بين غزة والبحر الأحمر، واستمرار التوترات الأمريكية- الإيرانية.

واختتم، المشهد الآن متفجر، ويبدو أن اليمن بات مسرحًا جديدًا لحرب الظل، حيث تختلط الطائرات المسيّرة بالصواريخ المجنحة، ويتداخل البعد المحلي بالإقليمي، وسط غياب أي أفق سياسي يلوح في الأفق القريب.