الإخوان وصراع الشرعية.. مشروع رسوخ يُعمّق الانقسامات.. فما هو؟

الإخوان وصراع الشرعية.. مشروع رسوخ يُعمّق الانقسامات.. فما هو؟

الإخوان وصراع الشرعية.. مشروع رسوخ يُعمّق الانقسامات.. فما هو؟
جماعة الإخوان

في ظل تصاعد الخلافات الداخلية التي تعصف بجماعة الإخوان، أعادت جبهة إسطنبول إحياء مشروع "رسوخ" كأداة لإعادة ترتيب الصفوف وكسب ولاء القواعد الشبابية، في محاولة لترسيخ شرعيتها على حساب جبهة لندن، يأتي المشروع في وقت تتفاقم فيه الانقسامات داخل الجماعة، مع استمرار صراع الشرعية بين محمود حسين، القائم بأعمال المرشد في إسطنبول، وصلاح عبد الحق، قائد الجبهة المنافسة في لندن.  

ما هو مشروع رسوخ


في خطوة تعكس تصاعد التوترات داخل جماعة الإخوان، أعلنت جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين عن بدء تطبيق مشروع "رسوخ"، الذي تسعى من خلاله إلى إعادة تنظيم الصفوف الداخلية، مستهدفة بالأساس الأعضاء الشباب والجماعات المؤيدة لها في الخارج.  


يهدف المشروع إلى ترسيخ مبادئ الجماعة وتعزيز الولاء للجبهة، وسط صراع متزايد على الشرعية بين جناحي التنظيم.


فمنذ اعتقال القائم بأعمال المرشد الأسبق محمود عزت عام 2020، لم تهدأ الخلافات بين تياري إسطنبول ولندن، حيث يدعي كل منهما تمثيل القيادة الشرعية للجماعة.


في الوقت الذي تروج فيه جبهة لندن لرسائل تزعم أن المرشد العام محمد بديع يدعم قيادتها، ينفي محمود حسين تلك الادعاءات بشدة، معتبرًا أنها جزء من حملة لتقويض موقعه داخل الجماعة.  

رسوخ.. بين تثبيت الشرعية وإعادة تشغيل اللجان الإعلامية
أكد مصدر مطلع، أن مشروع "رسوخ" ليس سوى أداة أخرى في صراع النفوذ بين الأجنحة المتنافسة داخل الإخوان، إذ يتجاوز كونه مجرد برنامج تربوي إلى محاولة لتثبيت شرعية محمود حسين على حساب غريمه صلاح عبد الحق.


وبحسب المصدر، يشمل المشروع برامج تدريبية ومحاضرات تهدف إلى إعادة تعريف الأعضاء بتاريخ الجماعة ومبادئها، لكنه يركز أيضًا على إعادة تشغيل اللجان الإلكترونية التي لعبت دورًا كبيرًا في الدعاية التنظيمية منذ عام 2015.


تهدف هذه اللجان إلى ترويج روايات الجبهة وتوجيه حملات إلكترونية ضد الخصوم، سواء داخل التنظيم أو خارجه، وهو ما يُشير إلى نية واضحة لاستخدام "رسوخ" كوسيلة لتعزيز السيطرة الإعلامية.

لقاءات سرية وشعارات فضفاضة


على مدار الأسابيع الماضية، عقدت جبهة إسطنبول اجتماعات داخل دولة إقليمية، حضرها عدد من القيادات البارزة، من بينهم محمود حسين، ومسؤول الشباب أحمد عاطف، ومسؤولة قسم المرأة جيهان عقل.


وبالرغم من الطابع التنظيمي لهذه اللقاءات، إلا أنها لم تخرج عن نطاق محاولات حشد التأييد الداخلي، دون تقديم رؤية واضحة لمستقبل الجماعة أو خططها للخروج من أزماتها المتراكمة. 


كما أطلقت الجبهة شعارًا جديدًا للمشروع تحت عنوان "بناء - التزام - استمرارية"، في محاولة لتسويق الفكرة باعتبارها جزءًا من جهود الحفاظ على مبادئ التنظيم.


لكن مراقبين يشككون في جدوى هذه المحاولات، معتبرين أن الشعارات الفضفاضة لا تعوض غياب رؤية سياسية واضحة للمستقبل.  

تحديات داخلية ومصير غامض


رغم الجهود التي تبذلها جبهة إسطنبول لفرض مشروعها، إلا أنها تواجه عقبات عدة تعرقل نجاحه، فالتنظيم يعاني من تراجع واضح في التأثير، فضلًا عن استمرار الانقسامات التي تقوض أي محاولة لإعادة توحيده.


كما أن الجبهة المنافسة في لندن تواصل سعيها لكسب الشرعية، ما يجعل مشروع "رسوخ" جزءًا من حلقة مفرغة من الصراعات الداخلية.


إضافة إلى ذلك، لم يتطرق المشروع إلى القضايا الجوهرية التي تواجه الجماعة، مثل موقفها من الحلول السياسية أو مراجعة استراتيجياتها السابقة، بل ركز على إعادة إنتاج الخطابات التقليدية نفسها التي لم تعد تجد صدى في ظل المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية.  

إخوان بلا مشروع حقيقي


يقول مصدر مطلع، رغم الإعلان عن "رسوخ" كمبادرة لإعادة البناء، إلا أن مضمون المشروع يعكس أزمة أعمق تعيشها الجماعة، فبدلًا من طرح مراجعات حقيقية، تستمر جبهة إسطنبول في التمسك بالممارسات القديمة التي أثبتت فشلها في السابق.  


وأضاف أن في الوقت الذي ترى الجبهة أن مشروعها يعزز استمرارية التنظيم، يشير الواقع إلى أن الجماعة باتت أكثر انقسامًا وضعفًا، في ظل عدم وجود رؤية موحدة أو قيادة قادرة على تجاوز الخلافات.


وتابع، مع استمرار الصراعات الداخلية، يظل مستقبل الإخوان محفوفًا بالغموض، حيث لم يعد التنظيم قادرًا على استعادة نفوذه السابق أو تحقيق اختراق سياسي حقيقي.