تهديد للأمن القومي.. دراسة أوروبية تكشف مخاطر الطائرات المسيّرة الإيرانية
تمثل الطائرات المسيرة الإيرانية خطرا علي الأمن القومي للشرق الأوسط
تعتبر الطائرات المسيرة صغيرة الحجم إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها إيران ومن يعملون لحسابها وهناك مئات من هذه الطائرات منتشرة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وتستطيع اليوم الطائرات المسيرة الوصول إلى أي مكان تقريباً في الشرق الأوسط عن طريق حمل المزيد من الوقود واستخدام الملاحة عبر الأقمار الصناعية، وتسعى إيران حالياً من خلال استخدامها الطائرات المسيّرة لتكملة نظام صواريخها ودعم الجهود الأوسع نطاقاً لإدخال الشرق الأوسط بأكمله في نطاقها، وذلك لتنفيذ مخططات إيران التخريبية في المنطقة.
استخدام الطائرات المسيرة
دراسة أوروبية حديثة عن المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب ذكرت أنه احتل مشروع الطائرات المسيرة مكانة بارزة ضمن مجموعة التهديدات الإيرانية في المنطقة، حتى أنه يتماشى مع برامج إيران المقلقة المتعلقة بالصواريخ الباليستية والدقيقة، وأثار الاستخدام العدواني المتزايد إلى حد كبير للطائرات بدون طيار من قِبل طهران ووكلائها قلق “القيادة المركزية الأميركية” والمسؤولين العسكريين في المنطقة؛ ما حثهم على إيجاد تدابير مضادة نشطة وسلبية تشمل المعادِلات غير المأهولة.
أفاد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في 7 أكتوبر 2021 بأن الطائرات بدون طيار تأتي من ثمانية مصانع في إيران وتُستخدم في صنعها خصوصاً مواد مهربة ثم تُرسل إلى دول مثل سوريا والعراق؛ حيث يتم تجميعها واستخدامها. وقد استغلت إيران لثغرات في نظام الرقابة العالمي يسمح لها بنقل طائرات الدرون إلى الميليشيات التي تنفذ أجندتها بالشرق الأوسط.
وكشفت جماعة الحوثي في 11 مارس 2022، عن سبعة أنواع جديدة من الطائرات بدون طيار ولكن دون تحديد مداها ومزاياها، وتضمنت نسخة جديدة من أكثر طائراتهم تطوراً وهي “صماد-4”. وتمتلك الطيارات المسيرة قدرات مختلفة في التهرب من كشف الرادار، تنفيذ عمليات هجومية على أهداف برية بحرية وجوية، تنفيذ جميع مهام الاستطلاع والاستخبارات، والأهم تنفيذ عمليات الحرب الإلكترونية بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أهم العمليات الإرهابية
بدأت جماعة الحوثي في النصف الثاني من عام 2018، باستخدام أنواع جديدة من الطائرات المسيّرة بعيدة المدى، وشملت أهدافها منشآت حيوية في عمق السعودية والإمارات، وأوّلها الطائرة المسيّرة نوع “صماد2” يصل مداها إلى نحو (1000) كيلومتر، وأعلنت الميليشيا استخدامها للمرّة الأولى في استهداف مصفاة تابعة لشركة أرامكو في العاصمة السعودية الرياض بتاريخ 18 يوليو2018. ولوحظ منذ 2019، تراجعاً نسبياً في استخدام الميليشيا الحوثية للصواريخ الباليستية واعتمدت بدرجة رئيسية على الطائرات المسيّرة في هجماتها التي باتت حدثاً يومياً سواء في الداخل أو الخارج، وبلغت الهجمات الحوثية ذروتها خلال 2021، حيث استهدفت المنشآت الحيوية السعودية بأكثر من (252) طائرة مسيّرة، وفقاً لإحصاءات فريق التحقيق، بعضها أطلقتها ضمن عمليات هجومية مشتركة إلى جانب الصواريخ الباليستية.
استهدفت جماعة الحوثي في 20 نوفمبر 2021 مواقع متفرقة في السعودية منها مصافٍ تابعة لـ”أرامكو” بـ (14) طائرة مسيّرة نوع “صماد3″ و”صماد2″، وهي العملية الثامنة من نوعها فيما تسمّيه بـ”توازن الردع” التي بدأتها في أغسطس 2019، وتشرك في بعضها صواريخ باليستية. وفي مارس 2021 عرضت الميليشيا الحوثية بصنعاء (7) أنواع جديدة من الطائرات المسيّرة، منها طائرات انتحارية “وعيد، وخاطف”، واستطلاعية، “نبأ ومرصاد”، وطائرة “صماد 4” وهي امتداد للطائرات المسيّرة “صماد 1و2و3” وهي ذات قدرة على حمل ذخائر وصواريخ، وطائرة أخرى أسمتها “رجوم” وهي مروحيَّة مسيّرة أُجريت عليها تعديلات لتكون قادرة على حمل (6) قنابل هاون عيار (60) ملم وفقاً لوسائل إعلام حوثية.
وبهذا يتجاوز عدد أنواع المسيّرات التي أعلنت الميليشيا الحوثية امتلاكها (14) نوعاً، تتنوع مهامها بين استطلاعية وهجومية، وتتفاوت في قدراتها ومدى الطيران، وفي الداخل بدأت جماعة الحوثي بتجريب نوع جديدة من الطائرات المسيّرة أبرزها طائرة أسمتها “قاصف 2 “، واستخدمتها في هجوم نفذته على قاعدة العند العسكرية بمحافظة لحج جنوبي اليمن أثناء عرض عسكري نظّمته القوات الحكومية في 10 يناير 2019، وأسفر عن مقتل (6) جنود وضباط بينهم رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اللواء محمد طماح، وكذلك نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش اليمني اللواء صالح الزنداني، وإصابة نحو (20) آخرين.
وسجل أول هجوم حوثي من هذا النوع، بتاريخ 14 مايو 2019 استهدف محطتَي ضخّ نفطية لشركة أرامكو في منطقتي عفيف والدوادمي على بعد (220) كيلومترا و(380) كيلومترا غرب الرياض، بـ(7) طائرات مُسيّرة. وفقاً للتقارير الإعلامية. وفي 17 أغسطس 2019 شنّت ميليشيا الحوثي هجوماً ثانياً من هذا النوع استهدف حقل الشيبة النفطي التابع لشركة “أرامكو” جنوب شرقي السعودية.
وقالت الميليشيا الحوثية: إنها استهدفته بـ(10) طائرات مسيّرة، وفي 14 من سبتمبر 2019، أعلنت ميليشيا الحوثي تنفيذ هجوم ثالث بـ(10) طائرات مسيَّرة، استهدفت مصفاتَي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو شرق المملكة.
وعادت هجمات الحوثيين على دولة الإمارات في يناير 2022 بعد انتقال قوات “ألوية العمالقة” إلى محافظة شبوة وتحقيقها تقدماً كبيراً وسريعاً بدعم التحالف وإسناد المقاومة المحلية، واستطاعت خلال أسابيع تحرير مديريات بيحان وعسيلان وعين غربي المحافظة، بالإضافة إلى مدينة حريب جنوبي مأرب وما حولها. وأعلن الحوثيون في 17 من يناير2022 استهداف دولة الإمارات بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وأعلنت أبوظبي اندلاع حريق أدى إلى انفجار 3 صهاريج نقل محروقات بترولية في منطقة مصفح بالقرب من خزانات شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مقيمين وإصابة آخرين. وأضافت أن “حريقاً بسيطاً” وقع في منطقة الإنشاءات الجديدة بمطار أبوظبي الدولي، وفقا لوكالة الأنباء الإماراتية.
وفي 23 يناير 2022 أعلنت الإمارات اعتراض وتدمير صاروخين باليستيين في أجوائها، وقالت: إن بقايا الصاروخين تساقطت في مناطق لم ينجم عن ذلك ضحايا، فيما أعلن الحوثيون شن هجوم كبير استهدف أبوظبي ودبي بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، إضافة إلى هجمات مماثلة استهدفت مناطق في جنوب السعودية.
أعلنت القيادة المركزية الأميركية في أغسطس 2021، أن المسيرات التي ضربت الناقلة “ميرسر ستريت” في 29 يوليو 2021 إيرانية، حيث تم تحميلها بمتفجرات من النوع العسكري، وتسببت في مقتل شخصين، وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في مايو 2021، أنها نفذت هجمات على أهداف إسرائيلية باستخدام بطائرات بدون طيار مفخخة من طراز “شهاب” محلية الصنع.
تداعياته على الأمن الدولي
تؤكد الدراسة أن توسع الحوثيين بالحصول على تكنولوجيا صناعة الطائرات المسيرة واستخدامها، خلال الفترة الأخيرة رغم الحظر المفروض على تصدير الأسلحة للحوثيين بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2216 وذلك من خلال تهريب مكوناتها عبر بعض دول الجوار، وذلك وفقا لفريق الخبراء التابع لمجلس الأمن، ويتعارض تصدير تكنولوجيا الطائرات المسيرة بشكل عام مع قرار مجلس الأمن رقم "1540" القاضي بحظر إيصال تكنولوجيا الطائرات المسلحة إلى الجماعات الإرهابية، وهو الحظر الذي تضمنته أيضا مذكرة برلين التي وضعها المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، والتي تضمنت العمل على منع وصول الطائرات بدون طيار إلى الجماعات المسلحة باعتبار ذلك تهديدا للجيوش الوطنية، ويمثل اقتناء جماعة الحوثيين للطائرات المسيرة واستخدامها في انتهاك الحق في الحياة ضد المدنيين وفي تهديد دول الجوار سواء داخل اليمن أو الهجمات ضد المملكة العربية السعودية ومؤخرًا التصعيد ضد دولة الإمارات تتعارض مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
ضبط استخدام الطائرات المسيرة
لفتت الدراسة الأوروبية إلى تسبُّب هجمات الطائرات المسيرة في أزمة كبيرة في الشرق الأوسط لما تخلفه من ضحايا وأضرار، ما أثار دعوات لإيجاد قواعد لضبط هذا النوع الجديد من التسلح، خاصة في المنطقة التي تعصف بها الكثير من الاضطرابات والصراعات، وأصبح من الضروري أن تعمل معا لإنشاء نظام جديد يتضمن معايير قوية تتعلق بتصميم وتصدير واستخدام الطائرات المسيرة ونقل التكنولوجيا العسكرية ذات الصلة بها، والعمل على سن قوانين حازمة تجاه مصادر ونقاط تصنيع هذه الطائرات، وتجاه الأفراد الذين يثبت أنهم تلقوا تدريباً عالياً على صنعها، وفرض الحظر على تصدير قطع الغيار المستخدمة في تصنيعها إلى إيران.
مخططات إيران
اختتمت الدراسة: أنه أصبح استخدام الطائرات المسيرة من قِبل إيران والحوثيين على هذا النطاق الواسع يشكل خطراً يهدد استقرار المجتمع الدولي ويشكل قلقا للمنظمات الحقوقية، ويكمن الخطر الأكبر في قدرة المنظمات الإرهابية على امتلاكها هذه الطائرات، وتنامي قدرتها على بناء ونشر طائرات من دون طيار وانعكاسات ذلك على الأمن في الشرق الأوسط، كما تعتبر الطائرات المسيرة سلاح الحرب الحديث في هذا الوقت، بما يكفي لقلب موازين القوى في النزاعات الإقليمية والدولية.