ضربة في الجنوب.. من هو حسن فرحات الذي اغتالته إسرائيل في لبنان؟
ضربة في الجنوب.. من هو حسن فرحات الذي اغتالته إسرائيل في لبنان؟

في وقت يترنح فيه وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل على شفير الانهيار، جاءت الغارة الإسرائيلية على مدينة صيدا كرسالة نارية جديدة في صراع يتخذ من الجنوب اللبناني مسرحًا متوترًا ومتعدد الأبعاد، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، سُمع دوي انفجارين عنيفين في حي الزهور بالقرب من مستشفى دلاعة، تبين لاحقًا أنهما نتيجة غارة استهدفت شقة سكنية وقتلت حسن فرحات، الذي تتهمه إسرائيل بقيادة العمليات الغربية لحركة حماس في لبنان، الإعلان الإسرائيلي لم يتأخر، فقد قدّمه الناطق باسم الجيش كعملية دقيقة ضد من وصفه بـ"العقل المدبر لهجمات صاروخية"، أما في الجانب اللبناني، فقد ارتفع الدخان، وارتفعت الأصوات المنددة بـ"العدوان المستمر". الغارة تفتح الباب على مصراعيه أمام مرحلة جديدة من الاشتباك غير المعلن، وسط تحذيرات من تفكك الهدنة وعودة الجنوب إلى دائرة الاشتعال.
*تصعيد إسرائيلي*
في تصعيد جديد ينذر بانفجار الوضع على الجبهة الشمالية، أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح الجمعة، عن تنفيذ غارة جوية استهدفت شقة سكنية في مدينة صيدا جنوب لبنان، أسفرت عن مقتل القيادي البارز في حركة حماس، حسن فرحات، والذي تصفه تل أبيب بأنه قائد القطاع الغربي للحركة داخل لبنان.
جاءت العملية الجوية بتنسيق مشترك بين القيادة الشمالية وهيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وفق ما أعلنه المتحدث باسم الجيش للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، في بيان نشره عبر حساباته الرسمية.
أدرعي اتهم فرحات بالتورط في "مخططات إرهابية" ضد إسرائيل، من بينها إطلاق صواريخ باتجاه مدينة صفد في فبراير الماضي، والتي أسفرت عن مقتل مجندة وإصابة جنود آخرين.
وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن فرحات كان يمثل حلقة الوصل بين حماس والميليشيات الموالية لإيران في جنوب لبنان، وكان يشرف على عمليات إطلاق صواريخ ومسيّرات ضد أهداف إسرائيلية انطلاقًا من الأراضي اللبنانية.
ورغم أن وجود حركة حماس في لبنان لا يُقارن بالحضور العسكري والسياسي لحزب الله، إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت تزايد نشاط الحركة في الجنوب، بدعم لوجستي وتنسيق عملياتي مع الحزب، في إطار ما تسميه تل أبيب بـ"محور المواجهة الشمالية".
*ضربات في العمق اللبناني*
أما في الجانب اللبناني، فقد أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، بأن الغارة وقعت قرابة الساعة الثالثة و45 دقيقة فجرًا، واستهدفت شقة سكنية في الطابق الرابع من مبنى قرب مستشفى دلاعة في حي الزهور؛ ما أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى، بينهم القيادي المستهدف، واشتعال النيران في الشقة التي طالتها الضربة.
وأظهرت مقاطع مصورة احتراق عدد من الطوابق في المبنى السكني، فيما سارعت فرق الإطفاء والدفاع المدني لإخماد الحريق وإنقاذ السكان.
وزارة الصحة اللبنانية، أكدت سقوط ثلاثة قتلى في الهجوم، دون الكشف عن هوياتهم الرسمية.
وفي وقت لاحق، أكدت مصادر أمنية لبنانية، أن حسن فرحات كان من بين القتلى، وأنه كان يقيم في الشقة المستهدفة منذ عدة أشهر.
تأتي هذه الضربة في سياق سلسلة من العمليات الإسرائيلية داخل العمق اللبناني خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل تصاعد التوترات بين حزب الله وإسرائيل، رغم الهدنة غير المعلنة التي تم التوصل إليها في أعقاب تصعيد أكتوبر الماضي.
ففي بيروت، تعرض حي الضاحية الجنوبية، الثلاثاء الماضي، لقصف مماثل، استهدف عناصر من الحرس الثوري الإيراني ومقربين من حزب الله، ما أثار موجة غضب رسمية وشعبية في لبنان.
*إدانات رسمية*
الردود اللبنانية الرسمية لم تتأخر، إذ أدانت الحكومة ما وصفته بـ"الاعتداء السافر على السيادة اللبنانية"، محذرة من أن استمرار الضربات الإسرائيلية من شأنه أن يُفجّر الوضع الأمني في الجنوب ويقود إلى مواجهة أوسع.
وزير الخارجية اللبناني استدعى السفير الألماني باعتباره ممثلًا دبلوماسيًا للاتحاد الأوروبي، لتقديم احتجاج رسمي ومطالبة المجتمع الدولي بوقف "العدوان الإسرائيلي المتكرر".
من جهته، يرى يوسف دياب المحلل السياسي اللبناني، أن عملية اغتيال فرحات تمثل انتقالًا إسرائيليًا من سياسة الاستنزاف إلى سياسة "قطع الرؤوس"، وأنها تهدف لإجهاض أي محاولات من حماس لتوسيع ساحة المواجهة إلى الجبهة اللبنانية.
وأضاف دياب في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن إسرائيل تسعى لفرض معادلة جديدة في الجنوب تُجبر حزب الله على كبح جماح حلفائه داخل لبنان.
وتابع، في ظل هذه المعطيات، يبقى المشهد اللبناني عرضة لانفجارات مفاجئة، مع استمرار الضربات الجوية وغياب أفق سياسي لاحتواء التوتر، يلوح في الأفق سيناريو مشابه لصيف 2006، لكن بوجوه جديدة وأدوات أكثر تعقيدًا.