"الإخوان المسلمون" في العراق.. الصعود إلى الهاوية
منذ إسقاط نظام صدام حسين، لم تتمكن العراق من النجاة من الأزمات والتدخلات الأجنبية المتلاحقة التي تعصف بها، وخاصة إيران التي تحاول العبث فيها بكل السبل، لذلك دعمت الحزب الإسلامي وقوت علاقاتها بقياداته، بها منذ عام 2003 بعد الغزو الأميركي.
الإخوان المسلمون في العراق
وصلت يد الإخوان المسلمون إلى العراق، على أنها إحدى التنظيمات الحركية الإسلامية العاملة، والتي تم تأسيسها عام 1940، على يد الشيخ محمد محمود الصواف بعد ذهابه إلى مصر وتبنيه فكر الإخوان المسلمين بعد لقائه الشيخ حسن البنا.
بعد أحداث 2003 توحد العمل في الداخل والخارج بقرار من التنظيم، استجابة لتمدد حركة الإخوان المصرية في عدد من البلدان العربية، حيث أسست الجماعة، واجهة سياسية لها وهي الحزب الإسلامي العراقي ورئاسة الدكتور محسن عبد الحميد، وبالعام التالي انتخبوا مراقبا جديدا هو الدكتور زياد شفيق الراوي، وبعد 5 أعوام، تم انتخاب الدكتور محسن عبد الحميد.
الصعود نحو الهاوية
تمثل تجربة الإخوان في العراق، خير نموذج على "الصعود نحو الهاوية"، حيث باتت شريكا قويا للشيعة بإيران في إدارة البلاد بعد العام 2003، لتتحول حاليا لتابع لطهران.
وسبق أن استغل الإخوان نفور المزاج السني في البلاد من التعاطي مع التجربة السياسية بعد الإطاحة بصدام، قدموا أنفسهم على أنهم أفضل ممثل لشغل المقعد الرئاسي، مستغلين حاجة أميركا والقوى الشيعية إلى وجود شريك سني لتأكيد فكرة المشاركة الواسعة في نظام الحكم الجديد، إلا أن ذلك لم يدعم لهم حيزا حقيقيا في الإدارة على الصعيد العام، وظهرت أغراضهم التخريبية من خلال استغلال الدولة ومفاصلها الإدارية لصالحهم، واستولوا على أموال طائلة لتنمية نفوذ الطائفة.
ومع ظهور تنظيم داعش الإرهابي ومخاوف الحزب الإسلامي من الانهيار، اعتقد سليم الجبوري رئيس البرلمان بين 2014 و2018، أن بإمكانه استغلال موقعه للصعود نحو موقع القيادة الأعلى فيه، إلا أنه سرعان ما فشل في ذلك، خاصة مع الصراع الذي اشتعل بين الجبوري وإياد السامرائي على منصب الزعامة في الحزب، وهو ما انعكس عليهم سلبًا وتسبب في انشقاق الحزب الإسلامي لفصيلين، ليبرز رشيد العزاوي، الذي كان مقربا من القيادي الإيراني قاسم سليماني، ومن ثم ارتبط بعلاقات قوية مع طهران، وبات يلعب دورا أنه الزعيم السياسي السني الجديد بالبلاد، حتى فاز بمنصب الأمين العام للحزب المحسوب ضمن القوى الشيعية في العراق، لكنه منذ ذلك الحين لم ينظم أية لقاءات سياسية، سوى مع كتائب "حزب الله" العراقية، خلال فبراير الماضي.
وبعد تمتع الإخوان بنفوذ قوي في البلاد عبر الحزب الإسلامي الذي يتعاون معهم في الخفاء دون الفصل بين الدعوة والعمل السياسي، بات ذلك أمرا مريبا، خاصة بعد تمكين الإخوان في العراق قيادات داعش في المناطق السنية وتشريد الأهالي من المنازل واستخدامهم كدروع بشرية ضد التحالف الدولي.
رفض تصنيف الإخوان جماعة إرهابية
ولتلك الأسباب، قبل أيام، رفض العراق تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، معتبرا أنها جزء من العملية السياسية في البلاد، لمشاركتها في كتابة الدستور العراقي، وقال أحمد ملا طلال المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي إن "4 رؤساء للبرلمان العراقي ولدورات مختلفة هم من الإخوان المسلمين، ونحن في العراق لا نعتبرهم منظمة إرهابية، وأن إدراج أي جماعة على لائحة الإرهاب في العراق يأتي بعد أن تقوم بأعمال إرهابية ضد المواطنين أو أن ترفع السلاح بوجه الدولة، وأن تعامل الحكومة العراقية مع الإخوان المسلمين غير مرتبط بما يحدث معهم في الحكومات الأخرى في دول العالم".
تحالف النجيفي
وبالتزامن مع ذلك، حاول الحزب الإسلامي والإخوان الزج بأحد الأشكال الجديدة في العملية السياسية، فدعموا تحالف "القرار" الذي يترأسه أسامة النجيفي، رئيس جبهة الإنقاذ والتنمية أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب السابق لقيادة الجبهة العراقية، لخدمة أهدافهم حاليا.
ودفعت تلك الأطراف لتشكيل الجبهة العراقية من أجل التلاعب بالأوضاع السياسية، من خلال إسقاط رئيس مجلس النواب الحلبوسي الذي يزعمون أنه يتفرد بالقرارات دون الرجوع إلى شركائه في تحالف اتحاد القوى العراقية الذي يرأسه منذ مايو 2019، وبعد إلغاء عضويته في تحالف المحور الوطني انقسم إلى قسمين.
وبدعم إخواني بالغ، تم تدشين جبهة جديدة تمثل كتلة سياسية تضم 35 نائبا وشخصية سُنيّة باسم الجبهة العراقية يترأسها النجيفي، روجت لها الجبهات الإخوانية، بحضور النائب الجبوري عن حزب الجماهير الوطنية، والنائب رشيد العزاوي عن الحزب الإسلامي العراقي، والنائبين فارس الفارس وطلال الزوبعي عن المشروع العربي، ومحمد إقبال عن الكتلة العراقية المستقلة، وأسامة عبد العزيز النجيفي عن جبهة الإنقاذ والتنمية وكانت الموافقة على مقررات اجتماع قيادة الجبهة العراقية بالإجماع.
بينما اعترضت قيادة المشروع العربي الذي يرأسه خميس الخنجر على إعلان الجبهة، مطالبة بإلغائها وسحب البيان، لكن أسامة النجيفي قال: إن من حق حزب المشروع العربي أن يعلن رأيه أو قناعته، تنفيذ ذلك مستبعد.