بسبب الإهمال وانعدام الخدمات.. «كورونا» يُحاصِر أهالي طرابلس بلا رادع
تهاون شديد يعيش بسببه المواطن الليبي في حالة من الرعب بسبب تفشي فيروس كورونا، وفي الوقت نفسه تؤمن حكومة الوفاق نفسها ورجالها، وتترك الشعب الليبي ليواجه مصيره دون أي إجراءات احترازية أو محاولات لمحاصرة الفيروس القاتل، ولم تتوقف الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق عن إشعال المعارك في كل مكان رغم الدعوات من المجتمع الدولي بضرورة التوقف والالتفات لمحاربة فيروس كورونا حتى لا يدفع جميع الأطراف الثمن من أرواحهم وأرواح مؤيديهم.
ميليشيات الوفاق تشعل الحروب والمجتمع الدولي يناشد الجميع بوقف القتال
من جانبه، أعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، عبر صفحته الرسمية في فيسبوك، أن العاصمة طرابلس تشهد هذه الساعات معارك طاحنة، حيث أشار إلى أن حدة الاشتباكات العسكرية تصاعدت بعد هجوم شنته فصائل تابعة لحكومة الوفاق على قاعدة الوطنية الجوية العسكرية جنوب طرابلس والتي تسيطر عليها قوات الجيش الليبي، بدوره، أعلن آمر غرفة العمليات المشتركة التابعة لقوات الوفاق أسامة الجويلي عن أن قواته تمكنت من السيطرة على القاعدة، إلا أن الجيش الليبي نفى ذلك تماما، وأكد أن قواته تمكنت من صد الهجوم.
تأتي هذه التطورات وتجدد القتال في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على طرفي الصراع لوقف العنف جراء مخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد، بعدما سجلت ليبيا عدة إصابات في أماكن مختلفة رغم ضعف الإمكانات وتأكيد خبراء أن المرض منتشر بشدة ولكن لا توجد إمكانيات كافية للكشف عنه.
مراقبون أكدوا أن انتشار فيروس كورونا سيتسبب في مأساة داخل ليبيا التي تفتقر أساسا إلى بنية صحيّة جيّدة وتعاني من نقص الإمدادات الطبية، مع زيادة أعداد المرضى وجرحى الحرب التي تعصف بها منذ سنوات.
الألاعيب التركية مستمرة رغم تفشي كورونا
ولم تتوقف الألاعيب التركية رغم المناشدات الدولية، وأعلن جهاز الرصد والمتابعة الخاص بالجيش الوطني الليبي قيامه برصد رحلتين جويتين بين مطار إسطنبول التركي ومطاري مدينة مصراتة ومعيتيقة بالعاصمة طرابلس رغم توقيف كافة الرحلات الجوية وتعليق الطيران بين البلدين، في إطار إجراءات منع انتشار فيروس "كورونا".
وأوضح غيث أسباق مدير جهاز الرصد والمتابعة بالجيش الليبي في تصريحات صحفية، ليل الأحد أن طائرة مدنية تابعة للخطوط الليبية أقلعت الجمعة من مطار طرابلس نحو مطار اسطنبول قبل أن تعود يوم السبت بعد نقل حمولتها، والأحد غادرت طائرة أخرى مطار مدينة مصراتة باتجاه اسطنبول ثم عادت إليه، وذلك في رحلات غير مسجلة وغير معلنة وحمولتها مجهولة، مرجحا أنها تنقل أسلحة ومعدات عسكرية وطائرات مسيرة ومرتزقة سوريين، تزامنا مع تصاعد المواجهات العسكرية هذه الأيام بين قوات الجيش والميليشيات المسلحة التابعة لقوات الوفاق في الغرب الليبي، وبعد الخسائر البشرية واللوجستية التي لحقت بالميليشيات.
الوقاية هي الحل... لن تصمد إمكانياتنا أمام فيروس "كورونا"
من جانبه، أكد المتحدث الرسمى باسم اللجنة الطبية الاستشارية لمكافحة وباء كورونا أحمد الحاسى، أن منظمة الصحة العالمية لا تزال تضع فى أولوياتها فيروس كورونا باعتباره من أعلى الأمراض فتكا وأخطرها في هذه المرحلة.
وتابع: "اللجنة الطبية الاستشارية التي أوكل لها المشير حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي مسؤولية مكافحة وباء كورونا هي لجنة استشارية تعطي توصيات علمية للجنة العليا، والتي يعتمد تنفيذها على إمكانيات الدولة"، ضاربا مثالا باتخاذ قرار بحظر التجوال الكلي والذي تغير إلى حظر جزئى أمس ليكون من 3 مساء حتى 7 صباحا.
وأوضح أن اللجنة الاستشارية أعطت توصياتها للجنة العليا بأن ليبيا لن تستطيع الوقوف أمام ذلك الفيروس بقلة الإمكانيات، وذلك مهما كان عدد الأسرة التى أعدت وغرف العناية المركزة التى تم تجهيزها وأن الطريقة الوحيدة والمثلى لليبيين في هذه المرحلة هي الوقاية لأنه لا يوجد علاج لفيروس كورونا حتى الآن.
وشدد على أن توصيات اللجنة هي بقاء الناس جميعا في بيوتهم، وأن سبب تغيير حظر التجوال من كلي إلى جزئي هو مراعاة القائد العام لتغطية احتياجات المواطنين الإنسانية، ناصحا المواطنين بعدم الخروج إلا لأسباب قوية.
المستشفيات العامة مجرد مبانٍ فارغة.. والخاصة لكبار رجال الدولة والأثرياء فقط
يقول طارق عمّار، 40 عامًا، من طرابلس، الأوضاع مأساوية والخوف من كورونا أجبر الشعب الليبي على المكوث في منازلهم، رغم أن الحرب لم تتوقف ساعة من نهار، مضيفًا، المستشفيات غير معدة لاستقبال حالات مصابة بفيروس كورونا، ولا غيره، فالإمكانيات معدومة وبها عجز شديد في المعدات والأطباء وحتى التمريض، فالمستشفيات الخاصة مرتفعة التكاليف ولا يقدر أي مواطن عادي على تحمل تكلفة العلاج فيها، والمستشفيات العامة الحكومية مجرد مبانٍ فارغة بها عدة أطباء لا حول لهم ولا قوة، عاجزين عن مساعدة المواطنين ليس ضد إصابة كورونا فقط بل أمام معظم الإصابات.
وتابع عمار، الفترة الماضية عندما كنا نحتاج إلى علاج لا نجده في المستشفيات العامة، ومع الارتفاع غير الطبيعي في تكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة كنا نلجأ إلى دول الجوار سواء مصر أو تونس أو حتى السودان فنجد فيها علاجا بسعر مقبول إلى حد ما فإذا أضفنا إليه سعر التنقل والسفر نكتشف أنه أوفر بنسبة 40% من المستشفيات الخاصة في طرابلس والتي يعالج بها كبار رجال الدولة والأثرياء فقط.
شقيقي يفترش الأرض أمام المستشفى حتى الموت
في السياق ذاته، يقول سعفان التائب، منذ اشتعال القتال في ليبيا منذ سنوات وأصبحت المستشفيات حكرًا على فئة المقاتلين الذين لهم الأولوية في حجز غرف الرعاية والعلاج، فمن لا يحمل السلاح للقتال إلى جانب حكومة الوفاق لا يحق له طلب العلاج، ومع تفشي فيروس كورونا وازدياد الحالات خصصت مستشفيات بالكامل للمرتزقة في ليبيا والمقاتلين السوريين والأتراك، على حساب أهل ليبيا الذين فضلت حكومة الوفاق تركهم يواجهون الفيروس القاتل بلا أي دعم.
وأضاف التائب، اشتبهنا في إصابة شقيقي بفيروس كورونا، وذهبنا به إلى أحد المستشفيات العامة في طرابلس فرفضوا استقبالنا بحجة أن المستشفى غير مجهزة لاستقبال حالات كورونا حيث إن استقباله سينقل المرض للجميع داخل المستشفى، حاولت الذهاب به إلى أحد المستشفيات الخاصة فطلبوا وضع مبلغ كبير جدًا كتأمين لدخوله، لم نجد بديلا فقررنا العودة إلى المنزل وهو ما رفضه شقيقي حتى لا ينقل العدوى لأبنائه وأبنائي، وفضل افتراش الأرض أمام مستشفى طرابلس المركزي حتى الموت أو موافقة المستشفى على علاجه.