محلل سياسي فلسطيني: المفاوضات في شرم الشيخ اختبار حقيقي لجدية إسرائيل في إنهاء الحرب
محلل سياسي فلسطيني: المفاوضات في شرم الشيخ اختبار حقيقي لجدية إسرائيل في إنهاء الحرب

تتواصل في منتجع شرم الشيخ المصري جولة جديدة من المفاوضات الدقيقة بين وفدي حركة حماس وإسرائيل، في مسعى حاسم للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط ضغوط دولية متزايدة وتدخل مباشر من الولايات المتحدة عبر مبعوثيها ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر.
وقالت مصادر مطلعة على سير المفاوضات: إن الجانب المصري يسعى إلى تحقيق تقدم فعلي في مسارين متوازيين: الأول يتعلق بوقف إطلاق النار وضمان الالتزام به بشكل دائم، والثاني بترتيبات إنسانية وأمنية تشمل إطلاق سراح الرهائن والسجناء وتحديد مراحل الانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
وبحسب مسؤول فلسطيني مشارك في المحادثات، فإن حركة حماس شددت خلال الجلسات الأولى على ضرورة وجود ضمانات دولية واضحة تضمن التزام إسرائيل بأي اتفاق يتم التوصل إليه، خاصة فيما يتعلق بالانسحاب الكامل من غزة ووقف العمليات العسكرية بشكل دائم.
كما طالبت الحركة بجدول زمني محدد لانسحاب القوات الإسرائيلية من ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، وهي المنطقة التي تصر تل أبيب على البقاء فيها مؤقتًا لأسباب أمنية.
من جانبها، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله: إن المباحثات تركز في مرحلتها الأولى على ملف الرهائن، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن توافق على انسحاب شامل قبل التأكد من إطلاق سراح جميع المحتجزين، أحياءً وأمواتًا، خلال فترة قد تتجاوز المهلة البالغة 72 ساعة التي حددتها الإدارة الأميركية.
وتشير تسريبات من داخل الاجتماعات إلى أن الوفد الإسرائيلي، الذي يضم ممثلين عن جهاز الموساد وجهاز الأمن الداخلي "الشين بيت" ومستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية أوفير فالك، يسعى لتثبيت معادلة "الأمن مقابل التدرج"، أي تنفيذ الانسحاب على مراحل مقابل التزام حماس بتعهدات محددة تشمل ضبط الحدود ومنع الهجمات عبر الأنفاق.
وفي المقابل، يقود وفد حماس رئيس مكتبها السياسي في غزة خليل الحية، في أول زيارة له إلى مصر منذ نجاته من غارة إسرائيلية في الدوحة الشهر الماضي، حيث يصر الوفد على أن أي اتفاق لن يكون مقبولًا دون تضمينه اعترافًا بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وإنهاء الحصار المفروض على القطاع.
مصادر قريبة من المفاوضات أكدت أن القاهرة تمارس دورًا محوريًا في تليين المواقف بين الطرفين، مستفيدة من اتصالاتها الإقليمية والدولية، في وقت يراقب فيه الأردن والإمارات تطورات الملف عن قرب، وسط مشاورات مستمرة مع واشنطن حول خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تهدف – وفق وصف البيت الأبيض – إلى "سلام شامل يشمل المنطقة بأسرها".
وقال المحلل السياسي الفلسطيني د. مصطفى البرغوثي: إن المفاوضات الجارية في منتجع شرم الشيخ المصري تمثل "اختبارًا حقيقيًا لجدية إسرائيل في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة"، مؤكدًا أن الكرة الآن في ملعب الجانب الإسرائيلي، الذي ما زال يتعامل مع الملف من منظور أمني بحت.
وأوضح البرغوثي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن حماس قدمت رؤية واضحة تتضمن التزامًا بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مقابل انسحاب إسرائيلي كامل وضمانات دولية، مشيرًا إلى أن الحركة تسعى لانتزاع اتفاق يوقف العدوان ويمنع إعادة الاحتلال بأشكال جديدة تحت مسمى "المنطقة العازلة".
وأضاف: أن إصرار إسرائيل على الإبقاء على قواتها في ما يسمى "الخط الأصفر" يعكس "نية لتكريس واقع ميداني جديد يضمن لها السيطرة الأمنية على أجزاء من القطاع"، وهو ما يتعارض – بحسب تعبيره – مع أي اتفاق سلام حقيقي أو ترتيبات تضمن السيادة الفلسطينية.
وأكد البرغوثي، أن الدور المصري والأميركي سيكون حاسمًا في المرحلة المقبلة، خاصة في ضمان تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه، مشيرًا أن مصر تتحرك بخبرة وهدوء لتقريب وجهات النظر، فيما تسعى واشنطن لإظهار تقدم سياسي يمكن للرئيس الأميركي دونالد ترامب تسويقه كإنجاز دبلوماسي في المنطقة.
وختم البرغوثي تصريحه بالقول: إن "ما يجري في شرم الشيخ اليوم قد يكون نقطة تحول، لكن نجاحه مرهون بمدى استعداد إسرائيل لتقديم تنازلات حقيقية تنهي الاحتلال وتفتح الطريق أمام حل سياسي شامل يضمن للشعب الفلسطيني حقه في الحرية والدولة المستقلة".