من البحر للبر وحتى الجو.. الركود يعصف بقطر

من البحر للبر وحتى الجو.. الركود يعصف بقطر
صورة أرشيفية

رغم ادعاءات تنظيم الحمدين العديدة بشأن قوة ومتانة الاقتصاد القطري، إلا أن التقارير والبيانات الرسمية تثبت عكس ذلك، ليأتي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" ويفضح حقيقة تلك الأكاذيب، بل ويزيد الأزمة ليجعلها تتفاقم بشكل مروع، لتشهد الدوحة انهياراً بكافة قطاعاتها.

يتفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد- 19" في قطر بصورة متفاقمة، لتسجل 1633 إصابة في يوم واحد، ليرتفع عدد الإصابات إلى ٢٨٢٧٢، وفقاً للأرقام المعلنة، ويظهر معدل الإصابات اليومي في قطر منحى تصاعديا في الأسابيع الأخيرة، فبعد أن كانت تسجل مئات الإصابات يومياً، بدأت تسجل أكثر من ألف في الأسبوع الأخير، حيث تضاعفت الأرقام في قطر مرة كل 8 أيام خلال شهر أبريل، لتصبح مثل إسبانيا وقبل إيطاليا، وفقاً لمقياس عدد الإصابات بالنسبة إلى عدد السكان.

توقف في الملاحة 

ركود حاد ضرب حركة الملاحة البحرية التجارية لقطر في مختلف الموانئ على أساس شهري وسنوي، وفقاً للبيانات الأخيرة المعلنة، ما يثبت فشل مساعي البلاد في التوسع بالملاحة من أجل تعويض جزء من خسائرها المحلية، فضلاً عن عدم قدرة النظام على تخطي أزمته الحالية.

وكشفت بيانات جهاز التخطيط والإحصاء القطري عن التراجع الكبير في عدد السفن الوافدة إلى موانئ قطر، خلال مارس الماضي، بنسبة 11.3% على أساس سنوي، وهبوط بنسبة 18.5% على أساس شهري، حيث بلغ عددها في 6 موانئ، 344 سفينة خلال مارس 2020، مقارنة مع 388 سفينة في الفترة المقابلة من 2019، و422 سفينة في فبراير 2020.

بينما هبطت حمولة السفن الوافدة إلى موانئ قطر بنسبة بلغت 17.1% على أساس سنوي إلى 4514 طناً، حيث كانت تصل إلى 5448 طناً في مارس 2019، وأساس شهري بنسبة 24% نزولاً من 5938 طناً.

ميناء الدوحة كان صاحب النسبة الأكبر من تلك الخسائر، حيث تراجعت السفن الوافدة له بنسبة 64.3% على أساس سنوي في مارس الماضي إلى 5 سفن فقط، مقارنة مع 14 سفينة في الفترة المقابلة من 2019، وبتراجع 70.6% على أساس شهري هبوطاً من 17 سفينة في فبراير 2020، وانخفضت حمولة السفن الوافدة إلى ميناء الدوحة بنسبة 97.2% على أساس سنوي في مارس الماضي، وبنسبة تراجع بلغت 98.4% على أساس شهري، وبلغت نحو 20 طناً فقط.

كما تراجع عدد السفن الوافدة إلى ميناء مسيعيد، بنسبة 10.7% على أساس شهري إلى 108 سفن مقارنة مع 121 سفينة في فبراير السابق له، وعلى أساس شهري بنسبة 14.5% إلى 1506 أطنان، وانخفض عدد السفن الوافدة إلى ميناء حالول بنسبة 37.5% في مارس الماضي، على أساس سنوي إلى 5 سفن فقط.

فيما تقلص عدد السفن الوافدة إلى ميناء الرويس بنسبة 41.5% على أساس سنوي إلى 86 سفينة في مارس الماضي، مقارنة مع 147 سفينة في مارس 2019، كما تراجعت على أساس شهري بنسبة 41.9% نزولاً من 148 سفينة.

الخطوط الجوية 

ومن البحر إلى الجو، شهدت الخطوط الجوية القطرية ضربات موجعة للغاية وأشد فتكاً، حيث إن حجم عملياتها تراجع مؤخرا لأكثر من 75%، وتم وقف 75% من أسطول الخطوط القطرية، وفيما قلت أعداد المسافرين بمطار حمد الدولي إلى 90% مقارنة بما قبل الأزمة، فيما تراجع صافي أرباح استثمار القابضة في 2019 انخفض 5.6% إلى 55.07 مليون ريال قطري لتوصي بعدم توزيع أرباح والعائد على السهم 0.066 ريال قطري. 

وجراء تلك الخسائر المتفاقمة، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية، إحدى أكبر الناقلات في منطقة الشرق الأوسط، في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي"، أن الشركة ستسرح ما يقرب من 20% من قوة العمل بها بعد أن تسببت جائحة فيروس كورونا في تدمير الطلب على السفر.

وأضاف الباكر، في حديثه، أنه "للأسف، سيتعين علينا خفض نحو 20% من قوة العمل، فالقرار شديد الصعوبة لكن شركة الطيران المملوكة للدولة لا تملك بديلا آخر".

ويأتي ذلك بعد حوالي شهرين من تصريح أكبر الباكر أيضا لوكالة رويترز العالمية الذي كشف فيه أن الشركة القطرية تستنزف السيولة وإنها ستطلب في نهاية المطاف مساعدة حكومية.

وفي 18 مارس الماضي، استغنت الخطوط الجوية القطرية بشكل مفاجئ عن نحو 200 موظف فلبيني في قطر، بينما قال الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط القطرية أكبر الباكر: إن الشركة ستضطر في نهاية المطاف لطلب دعم حكومي، محذراً من قرب نفاد السيولة الضرورية لتسيير رحلات.

وقبل أيام، أعلنت الخطوط الجوية القطرية أن الموظفين من المستوى المتوسط وما فوقه ستنخفض رواتبهم إلى النصف لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، مضيفةً أن هذا التأجيل الجزئي للرواتب هو إجراء مؤقت من المتوقع أن يستمر لثلاثة شهور بدءاً من أبريل، رغم أنها أشارت إلى أنه قد يجري تمديده "تبعاً للوضع الاقتصادي"، مدعيةً أن الجزء غير المدفوع من الرواتب سيجري دفعه "في أقرب وقت ممكن عندما تسمح الظروف"، دون أي تفاصيل عن أعداد هؤلاء الموظفين.

تدهور اقتصادي بالبر

بينما بالداخل القطري، تعصف بها أزمات اقتصادية عنيفة، لم تتمكن السلطة من إصلاحه أو وقف النزيف به، حيث أظهرت أحدث البيانات الرسمية انكماش اقتصاد قطر بنسبة 0.6% في الربع الأخير من 2019، مقارنة مع نفس الفترة قبل عام، فيما تراجعت أنشطة التعدين والمحاجر بنسبة 3.4% مقارنة مع الفترة نفسها العام الماضي.

وتراجع أيضاً الناتج المحلي الإجمالي في قطر بنسبة 1.4% في الربع الرابع من العام الماضي مقارنة مع الربع الثالث من 2019، وهو ما يثبت أن جائحة كورونا ستواصل إلحاق الضرر باقتصاد قطر وأسواقها المالية، وقد تؤدي إلى تسجيل ركود هذا العام.

فيما توقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد القطري العام الجاري بنسبة 4.3 %، كما توقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أن يدخل الاقتصاد القطري دائرة الانكماش العام الجاري، وأنه سينكمش بنحو ٢% العام الجاري، بعد نمو متواضع بلغ نحو ٠.٦% العام الماضي.

وأضافت الوكالة: أنه من المرجح خفض إيرادات القطاع الهيدروكربوني ما سيضعف بالتبعية الإنفاق الحكومي، مشيرة إلى أن الحكومة "أعلنت عن حزمة تحفيز في مارس الجاري بقيمة 75 مليار ريال للقطاع الخاص، وهي الحزمة التي لا نراها كافية لحماية أصول القطاع المصرفي من الضغوط المتوقعة مع الأخذ بالاعتبار أن تلك الحزمة لا تمثل سوى 10% من إجمالي إقراض القطاع المصرفي للقطاع الخاص".

وتوقعت أن يضغط ذلك على جودة الأصول لدى البنوك القطرية والتي لديها محفظة قروض كبيرة بالوقت الحالي لقطاعات متأثرة بشدة، وبين القطاعات ذات الأداء السلبي بجانب البنوك القطرية هو القطاع العقاري بسبب الهبوط الضخم به مع القيود المفروضة على حركة السفر في سوق مشبعة بالأساس.