أفغانستان.. قهر طالبان لـ النساء يعود بالبلاد لعصور الظلام

تواصل حركة طالبان قمع النساء في أفغانستان

أفغانستان.. قهر طالبان لـ النساء يعود بالبلاد لعصور الظلام
صورة أرشيفية

جحيم تعيشه الأفغانيات في ظل عودة حركة طالبان للسلطة في أفغانستان منذ شهر أغسطس الماضي، فهن أكثر ضحايا القمع وانهيار مستوى الحريات، حيث يواجهن آفاقًا قاتمة في ظل هذا الحكم المتطرف خاصة في كابول، وتتحدث النساء عن ضياع وظائفهن وإجبارهن على ارتداء البرقع، بينما تخشى أخريات المجاعة مع تردي الأحوال الاقتصادية.

دموع القهر

ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تحقيقا حول الأوضاع المأساوية للسيدات في أفغانستان، والتي وصلت لحد الترهيب والتعذيب، وقالت الصحيفة: إنه أثناء لقاء أربع شابات من مجموعة تعمل في مساعدة الأطفال النازحين بسبب الحرب في فصل دراسي بالمنطقة 17 على المشارف الشمالية الغربية للعاصمة كابول سحبوا المناديل الورقية من الصندوق لمسح دموعهن بصمت، وتحول الحديث إلى أصغر النساء في ظل عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس من العام الماضي.

أوضحت الفتاة البالغة من العمر 19 عامًا كيف تم إيقافها عند باب الجامعة؛ حيث كانت تدرس الهندسة وقالت إنها يجب أن ترتدي البرقع للدخول، قالت "لم يُطلب مني القيام بذلك من قبل، لقد ذهبوا إلى إخوتي وأبي وأخبروهم أنه يجب علي الامتثال، أنا ممنوعة أيضًا من الرحلات الميدانية التي يقوم بها الأولاد، أفقد الأمل هنا في الحياة"، وقالت إنها استسلمت لارتداء البرقع من أجل إكمال تعليمها، ووفقًا للصحيفة، دفعت هذه الشهادة النساء الأخريات إلى التحدث، حيث اعترفت إحداهن أنها بدأت تراودها أفكار انتحارية، بينما قالت أخرى: "نحن موجودات في الدنيا، لكنها ليست حياة". ثم نهضت رابعة وقالت "الجميع يعلم أن هناك قتالًا نشطًا في أوكرانيا، لكن الناس هنا يموتون، وخاصة النساء، هل يجب أن يكون لدينا بعض الأمل أم لا؟.

وتابعت المرأة: إنها ظلت ثلاثة أشهر دون أن تحصل على راتبها الشهري المقدر بـ 100 دولار، وإن زوجها كان مريضا"، وأضافت: "لقد عانى جيلان أو ثلاثة أجيال من النساء الأفغانيات، هل سيعاني جيل آخر؟ هل يجب أن يكون لدينا أمل أم أنه مجرد ميؤوس منه؟".

أزمات طاحنة

اصطف مئات الرجال تحت أشعة الشمس الحارقة للحصول على توزيعاتهم الغذائية الشهرية في أحد مراكز توزيع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بجانبهم كان هناك طابور آخر من الرجال، كل منهم يدفع عربة يدوية على أمل كسب بعض المال للمساعدة في نقل الطعام إلى المنازل أو سيارة أجرة.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإنه داخل مركز التوزيع، انتظرت 100 امرأة أو نحو ذلك، العديد منهن أرامل، دورهن في الطابور حيث تتلقى حوالي 8000 أسرة الطعام وزيت الطهي على مدار اليوم، وكانت هناك المزيد من قصص اليأس.

كشفت زينب، 36 سنة، أنها تدربت سنوات ليقبلها سوق العمل وأرادت العمل في المناطق الريفية، لكنها لم تتمكن من ذلك لأن طالبان فرضت المحرم، وهو الشرط الذي ينص على أنه يجب أن يرافق المرأة رجل خلال تحركاتها في الأماكن العامة.
 
وقالت زينب: إن هذا غير ممكن بالنسبة لها، وإنها ستتعرض للضرب إذا خالفت القواعد، وبدلاً من ممارسة العمل الذي تدربت عليه، أمضت أيامها جالسة في المنزل، وعندما سئلت عن أكبر طموحها، قالت بناء مستشفى، فقد كان ألمها ملموسًا.

وقالت نظيفة، وهي أرملة تبلغ من العمر 40 عامًا وتعيش في منزل مع ثلاث عائلات أخر، إنها كانت بحاجة ماسة إلى المال لدرجة أنها فكرت في بيع كليتها في السوق السوداء، وتابعت: "الأسعار ترتفع، وطالبان أوقفت معاش تقاعدي، وأنا لا أعرف كيف أطعم أطفالي وألبي طلباتهم".

انطباعات خادعة

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن أزمة الغذاء الرهيبة في أفغانستان معقدة، فعلى أحد المستويات، تبدو أسواق كابول المتربة مليئة بالبطاطا والطماطم والبطيخ والمانجو في كل مكان، علاوة على ذلك، فإن عودة طالبان إلى السلطة تعني أن الأمم المتحدة يمكن أن تصل إلى مناطق من البلاد كانت خارج الحدود في السابق، ومن المفارقات أنها كانت معاقل طالبان.

وقالت هسياو وي لي، نائبة مدير برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان، إن الانطباع السطحي خادع، حيث يعني الانهيار في الاقتصاد أن قلة من الناس لديهم وظائف، والفقراء ببساطة لا يستطيعون تحمل ما هو معروض في الأسواق، وتابعت "ثلاثة أرباع الدخل الأفغاني ينفق على الغذاء و82% مدينون، الأمر يتعلق بتعظيم السعرات الحرارية، وبالتالي فإن الطماطم والبطاطس ليست صحيحة، وقال لي التجار إنهم مضطرون إلى التخلص من المزيد من الطعام".

وأضافت: أنه كالعادة في أفغانستان، تتحمل النساء العبء الأكبر، وقالت بيلي أليمايهو من منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا): "في المناطق التقليدية، تأكل النساء أخيرًا بعد الرجال والفتيان، لكن الآن ببساطة لا يأكلون لأنه لا يوجد ما يكفي لجولة أخرى من الأكل".

واستطردت قائلة: "عندما يولد صبيان، تتوقف العائلات عن إنجاب الأطفال لأن الصبي يعتبر أحد الأصول في الأسرة ويحتاج إلى الرضاعة الطبيعية، لكن هذا ليس هو الحال مع الفتيات".

وتابعت: "في جنوب البلاد، 90% ممن يعانون من سوء التغذية هم من الفتيات الصغيرات، إنه لأمر مروع، ومما زاد من تعقيد المشكلة أن العديد من العيادات الصحية التي تحاول مساعدة الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية فقدت تمويلها من البنك الدولي.

تطرف طالبان

وأفادت الصحيفة بأن حركة طالبان اعترفت بأن تطرفها لا علاقة له بالإسلام، بل من ثقافة خاصة للباشتون الجنوبيين تنبع إلى حد كبير من قندهار، حيث دافعت حركة طالبان مؤخرًا عن سياستها بالقول إنها لا تتماشى مع الإسلام فحسب بل أيضًا مع العرف.