رغم عدم تحقيق مطالبهم.. لماذا رحب الفلسطينيون وجنوب إفريقيا وإسرائيل بحكم العدل الدولية؟

رحب الفلسطينيون وجنوب إفريقيا وإسرائيل بحكم العدل الدولية

رغم عدم تحقيق مطالبهم.. لماذا رحب الفلسطينيون وجنوب إفريقيا وإسرائيل بحكم العدل الدولية؟
صورة أرشيفية

رحبت الأطراف الثلاثة الرئيسية المعنية بالحكم التاريخي الذي أصدرته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في قضية "الإبادة الجماعية" ضد تل أبيب، إسرائيل وجنوب إفريقيا والفلسطينيون. لكن في الوقت نفسه لم يحصل أحد على ما طلبه، حسب شبكة "سي إن إن الأميركية. 

إجراءات منع الإبادة 

أمرت محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا إسرائيل بـ"اتخاذ جميع التدابير" لمنع الإبادة الجماعية في غزة بعد أن اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية المتعلقة بالإبادة الجماعية في حربها في القطاع.

ورفضت طلب إسرائيل بإلغاء القضية، لكنها لم تصل إلى حد إصدار أمر لإسرائيل بوقف الحرب كما طلبت جنوب إفريقيا.

وقالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور بعد صدور الحكم في لاهاي: "كنت أرغب في وقف إطلاق النار". وقالت إنها لا تزال راضية عن النتيجة.

وخاضت إسرائيل حربا مع حماس في غزة بعد أن شنت الجماعة الفلسطينية المسلحة هجوما داخل إسرائيل في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

الحرب على غزة 

وأدت الحرب إلى استشهاد أكثر من 26 ألف شخص في غزة، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس، وتركت جزءا كبيرا من القطاع في حالة خراب. وتعهدت إسرائيل بعدم وقف حملتها حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وتدمير حماس.

وتمثل القضية أمام محكمة العدل الدولية المرة الأولى التي يتم فيها تقديم إسرائيل أمام المحكمة بتهمة انتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تمت صياغتها جزئيًا بسبب القتل الجماعي للشعب اليهودي في المحرقة خلال الحرب العالمية الثانية.

إشادة إسرائيلية

ومع ذلك، أشاد العديد من الإسرائيليين بالحكم الصادر يوم الجمعة باعتباره انتصارًا للدولة اليهودية. وقال إيلون ليفي، المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إن المحكمة "رفضت طلب (جنوب إفريقيا) السخيف بأن تطلب من إسرائيل التوقف عن الدفاع عن شعبها والقتال من أجل الرهائن".ووصف آفي ماير، رئيس التحرير السابق لصحيفة جيروساليم بوست، القرار بأنه "ضربة مدمرة لأولئك الذين يتهمون الدولة اليهودية بارتكاب "إبادة جماعية".

وقالت شيلي أفيف يني، رئيسة قسم القانون الدولي في جامعة حيفا الإسرائيلية، لـ"سي إن إن" : "الشيء الأكثر دراماتيكية هو أنه لم يتم إصدار أمر بوقف إطلاق النار"، مضيفة أن أمر وقف إطلاق النار المحتمل كان أكبر مخاوف إسرائيل، خاصة أنه كان سيأتي ولا يزال هناك أكثر من 100 رهينة في غزة.

وقالت إن الخطاب في إسرائيل يركز حتى الآن على إنهاء الحرب فقط بعد إطلاق سراح الرهائن، مضيفة أن إسرائيل “كانت ستكافح من أجل التعايش” مع أمر وقف إطلاق نار لا يضمن عودة الأسرى.

وقالت: "لذا، أعتقد أن هذه نتيجة متوقعة تمامًا، وهو أمر ستتمكن إسرائيل من الالتزام به"، مضيفة أن أمر المحكمة لإسرائيل بتسليم المساعدات الإنسانية وتقديم تقرير إلى محكمة العدل الدولية بشأن أفعالها هو أمر "قابل للتنفيذ".

ورغم أن النتيجة ينظر إليها من قبل البعض على أنها في صالح إسرائيل، إلا أن الخبراء حذروا من الضرر الذي سيلحق بسمعة الدولة اليهودية.

وقال أستاذ القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس، روبي سابل لـ"سي إن إن" : "لا أستطيع أن أسمي ذلك فوزاً، لكن أود أن أقول إنه كان من الممكن أن يكون أسوأ"، وأضاف "حقيقة أنه في نظر الجمهور سيكون هناك ارتباط بأن أفعال إسرائيل يمكن أن تؤدي إلى إبادة جماعية، أمر من الواضح أنه يضر بالعلاقات العامة".

إجراء مؤقت 

وكان الإجراء الذي تم اتخاذه يوم الجمعة بمثابة إجراء مؤقت من قبل محكمة العدل الدولية بينما تدرس المحكمة إصدار حكم كامل بشأن ما إذا كانت إسرائيل مذنبة بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية. وقد يستغرق هذا الحكم سنوات.

وقال سابل إنه رغم أنه مقتنع تماماً بأن محكمة العدل الدولية ستجد في نهاية المطاف أن إسرائيل غير مذنبة بارتكاب جرائم إبادة جماعية، إلا أنه يشعر بالقلق من أنه بحلول ذلك الوقت "ربما يكون الجمهور قد نسي ذلك".

وقال: "لو طلبوا منا التوقف عن الدفاع عن أنفسنا، لكانت لدينا مشكلة، على الأقل ليست لدينا هذه المشكلة".

حُكم غير كافٍ للفلسطينيين 

لكن بالنسبة لبعض الفلسطينيين، فإن حكم المحكمة لم يذهب إلى المدى الكافي.

وقال محمد الكرد، وهو ناشط فلسطيني من القدس، إن محكمة العدل الدولية فشلت في تلبية "أهم طلب" لجنوب إفريقيا بتعليق العمليات العسكرية. وقال على موقع  " إكس": "ليس الأمر صادمًا، لكنه لاذع رغم ذلك".

وأضاف: "إلى أن يتوقف هجوم الإبادة الجماعية الذي يقوم به النظام الإسرائيلي على غزة، يجب أن نستمر في الاحتجاج والتعطيل بكل الطرق الممكنة، وقال: "هذا هو درس اليوم".

أول تعليق من أوغندا

وقالت الحكومة الأوغندية، الجمعة، إن القاضية الأوغندية التي اعترض على جميع الإجراءات المؤقتة التي طلبتها جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية "لا تمثل البلاد". 

قرارات العدل الدولية

وأصدرت محكمة العدل الدولية حكماً ابتدائياً وتدابير طارئة بحق إسرائيل في الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا متهمة إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية.

يتضمن الحكم: اتخاذ جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية، ضمان عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي أعمال إبادة، منع ومعاقبة أي تصريحات أو تعليقات عامة يمكن أن تحرض على ارتكاب إبادة جماعية في غزة، اتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية، عدم التخلص من أي دليل يمكن أن يستخدم في القضية المرفوعة ضدها، تقديم تقرير للمحكمة خلال شهر بمدى تطبيقها لهذه التدابير والأحكام.

وتفصل المحكمة، وهي أكبر هيئة قضائية في منظمة الأمم المتحدة، في النزاعات بين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية قراراتها ملزمة، إلّا أن المحكمة لا تملك آلية لفرض تنفيذ تلك القرارات.

وتتولى المحكمة، التي تتخذ من لاهاي في هولندا مقراً لها، الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول.