سحق الأحياء وتدمير القطاع.. بعد 8 أشهر من الحرب غزة تواجه كابوس التشرد والأمراض
سحق الأحياء وتدمير القطاع.. بعد 8 أشهر من الحرب غزة تواجه كابوس التشرد والأمراض
بعد 8 أشهر من القصف الإسرائيلي على غزة، أكدت جماعات حقوق الإنسان أن الظروف المعيشية "لا توصف" للفلسطينيين في القطاع، و وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن أكثر من 75% من السكان نزحوا، حيث أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى سحق الأحياء، وتدمير البنية التحتية الصحية، واستنفاد إمدادات الغذاء والمياه والوقود، وفقًا لما نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
أوضاع مروعة
ورصدت الشبكة الأمريكية في تحقيقها، رائد رضوان يحمي طفله البالغ من العمر ثلاثة أشهر من الحرارة ويطرد الحشرات في خيمة في دير البلح، وسط غزة.
تقول الشبكة، إنهم محاصرون، مع زوجته ووالدته، في بحر من الأسر النازحة مع القليل من الراحة من الاكتظاظ والتلوث والأمراض، وقال الأب الفلسطيني: إنه يكافح من أجل الحصول على المساعدة. وبدلاً من ذلك، ليس أمامه وعائلته خيار سوى شرب المياه الملوثة وتناول وجبة واحدة فقط في اليوم.
وقال في رسالة مكتوبة: "لا أريد أن أتحدث عن الطعام لأنه لا يوجد شيء، لقد نجونا من الموت بأعجوبه من الصواريخ والقصف، هل سنموت من المجاعة؟".
وأدى الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل قرابة 37 ألف فلسطيني، وإصابة قرابة 84 ألف آخرين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
وفي حين أصر المسؤولون الإسرائيليون على أنه لا يوجد حد لكمية المساعدات التي يمكن أن تدخل غزة، اتهمت الأمم المتحدة السلطات بفرض "قيود غير قانونية" على عمليات الإغاثة مثل إغلاق الطرق البرية، وانقطاع الاتصالات، والغارات الجوية.
وقال موظفون محليون لشبك CNN : إنهم يضطرون إلى إبعاد المحتاجين في نقاط التوزيع لأنه لا يوجد ما يكفي من الإغاثة لتوزيعها.
توقف المساعدات
وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن إغلاق المعابر يكاد يوقف جميع المساعدات، والقيود التي فرضتها إسرائيل على الطرق البرية المؤدية إلى غزة تعني أن المساعدات بالكاد تتدفق إلى القطاع، لكن الأزمة أصبحت أكثر خطورة في أوائل الشهر الماضي، بعد أن شنت القوات الإسرائيلية هجومًا على مدينة رفح الجنوبية وسيطرت على الجانب الفلسطيني من المعبر البري إلى مصر.
وقالت وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة: إن الهجمات المستمرة منعت الوصول إلى مستودعها الرئيسي في رفح منذ 9 مايو؛ مما أجبرها على تعليق التوزيع هناك لمدة شهر تقريبًا.
وأعربت الوكالة عن قلقها بشأن الفلسطينيين في الجنوب، حيث أدى إغلاق معبر رفح الرئيسي إلى الحد بشدة من الإمدادات الغذائية التي تصل إلى المنطقة، مما يشير إلى انعدام الأمن الغذائي الخطير في شمال غزة بعد عمليات الإغلاق السابقة، وبالمثل، أوقفت منظمة "وورلد سنترال كيتشن" غير الربحية، ومقرها الولايات المتحدة، عملياتها مؤقتًا في منشأتها الرئيسية في رفح وانتقلت شمالًا الأسبوع الماضي.
وانخفضت المساعدات المقدمة إلى غزة وما تزال في حدها الأدنى بعد إغلاق المعبر الرئيسي في أوائل شهر مايو، حيث تم إغلاق معبر رفح، الذي كان بمثابة بوابة رئيسية للشاحنات للمساعدات والسلع التجارية المحدودة، منذ 5 مايو.
وأضافت الشبكة الأمريكية، أن المعبر الوحيد الذي ما يزال مفتوحًا في جنوب غزة هو كرم أبو سالم، على الرغم من أن عددًا قليلًا جدًا من الشاحنات تمكنت من المرور يوميًا منذ ذلك الحين، وبدأ الهجوم البري الإسرائيلي في رفح.
وتابعت، أنه تم إصلاح الممر البحري المؤقت للجيش الأمريكي إلى القطاع يوم الجمعة، وتلقت العملية ضربة قوية في شهر مايو بعد بضعة أسابيع فقط من العمليات، عندما تعرض رصيف مؤقت بقيمة 320 مليون دولار لأضرار في البحار العاصفة قبالة ساحل غزة، وفقًا للبنتاغون.
ومنذ ذلك الحين، انخفضت الكمية الإجمالية للمساعدات التي تدخل غزة بنسبة 67%، وفقاً للأمم المتحدة، إلى متوسط يومي قدره 58 شاحنة بين 7 و28 مايو/أيار.
وعلى سبيل المقارنة، ذكرت الأمم المتحدة في وقت سابق، أن ما متوسطه 500 شاحنة تدخل القطاع كل يوم في الأشهر التي سبقت 7 أكتوبر.
شاحنات عالقة على الحدود
وقالت لويز ووتردج، مسؤولة الاتصالات في الأونروا: "لقد تغير الآن كل ما كان قائمًا في معبري رفح وكرم أبو سالم، عندما تمت مقاطعة هذه المعابر، ببساطة لا يمكن أن تكفي المساعدات القادمة من المصادر الأخرى".
ظهرت مشاهد لشاحنات إغاثة كبيرة تتراكم على الحدود مع غزة، بعد أن كثفت السلطات الإسرائيلية عمليات التفتيش على قوافل الإغاثة التي تدخل القطاع، وتضاعفت مزاعمها بأن مثل هذه المساعدات يمكن أن تستخدم من قبل حماس.
وقالت منسق أعمال الحكومة في المناطق، الوكالة الإسرائيلية التي تدير تدفق المساعدات إلى غزة، في 4 يونيو: إن أكثر من 1000 شاحنة تنتظر أن تلتقطها الأمم المتحدة على الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم متهمة الأمم المتحدة بالفشل في تنسيق دخول الفلسطينيين المركبات إلى غزة، لكن جماعات حقوق الإنسان تقول: إن هناك "عرقلة منهجية عند نقاط العبور التي تسيطر عليها إسرائيل" وتزايد القتال، وتأتي تحديات التوزيع هذه في الوقت الذي حذرت فيه وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة في شهر مايو من أن الفلسطينيين في الشمال يعانون من "مجاعة شاملة" تنتشر جنوبًا.
تحذيرات حقوقية وانتشار للأمراض
وحذر تقرير آخر للأمم المتحدة هذا الأسبوع، من أن أكثر من مليون شخص، أي نصف سكان غزة، "من المتوقع أن يواجهوا الموت والمجاعة" بحلول منتصف يوليو، في الوقت الذي يكافح فيه المدنيون للعثور على ما يكفي من الغذاء وسط ندرة إمدادات السوق وارتفاع الأسعار.
وقد تم بالفعل تشخيص إصابة أكثر من 7 آلاف طفل دون سن الخامسة بسوء التغذية، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
ومع الانخفاض السريع في مخزون المساعدات، بالكاد يتمكن العمال من تلبية الطلبات على أرض الواقع، وفقًا لمحمود شلبي، مدير برنامج منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين غير الحكومية.
وقال العاملون في مجال حقوق الإنسان لشبكة CNN: إنه بالنسبة لشاحنات المساعدات القليلة التي تدخل القطاع، فإن الطرق المتضررة من الضربات الإسرائيلية والمخاوف الأمنية بشأن الأعمال العدائية المستمرة تخنق محاولات الوصول إلى الفلسطينيين النازحين.
وقد دعت وكالات الإغاثة مرارًا وتكرارًا إلى إنشاء طرق دخول جديدة، وزيادة عدد الشاحنات لعبور نقاط التفتيش الحدودية اليومية، وتقليل العوائق أمام حركة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير ضمانات لسلامتهم.
وأثارت الهجمات الإسرائيلية على قوافل المساعدات إدانة شديدة من جانب جماعات حقوق الإنسان، ولفتت الانتباه إلى الشكوك الغربية المتزايدة بشأن الحرب الإسرائيلية في غزة.