تخفيف العقوبات على سوريا.. بين الأمل في الإصلاح وخوف الغرب من الانتكاسة

تخفيف العقوبات على سوريا.. بين الأمل في الإصلاح وخوف الغرب من الانتكاسة

تخفيف العقوبات على سوريا.. بين الأمل في الإصلاح وخوف الغرب من الانتكاسة
الثورة السورية

في ظل تحولات سياسية واقتصادية كبيرة تشهدها سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، تبرز خطوة جديدة من الاتحاد الأوروبي قد تعيد رسم خريطة العلاقات الدولية مع دمشق. 

الاتفاق الأخير بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على خريطة طريق لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة: هل هذه الخطوة تمهيد لعودة سوريا إلى الساحة الدولية؟ أم أنها مجرد أداة ضغط تكتيكية لدفع الإدارة السورية الجديدة نحو إصلاحات سياسية واقتصادية؟ هذا التقرير يستعرض تفاصيل هذه التطورات، التحليلات السياسية، والتداعيات المحتملة على مستقبل سوريا والمنطقة.

*خارطة الإعمار*


بعد أكثر من عقد من الحروب الأهلية المدمرة والعقوبات الدولية المشددة التي أثرت بشكل كبير على كل جوانب الحياة في سوريا، بدأت البلاد تشهد تحولات سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة.

هذه التطورات تأتي في أعقاب الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر الماضي؛ مما فتح الباب أمام إعادة تشكيل المشهد السياسي السوري.

الاتحاد الأوروبي، الذي كان يتبع نهجًا صارمًا تجاه دمشق لسنوات، بدأ يظهر مرونة في سياسته الخارجية، مما يعكس تغيرًا في الأولويات الإقليمية والدولية.

كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أعلنت عن خريطة طريق جديدة تهدف إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، مع التركيز بشكل خاص على قطاعات الطاقة والنقل، وهي القطاعات الحيوية التي يمكن أن تسهم في إعادة إعمار البلاد.

هذه الخطوة تأتي في إطار جهود دولية أوسع تهدف إلى دفع سوريا نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار التحديات الهائلة التي تواجهها البلاد بعد سنوات من الدمار.

*تعزيز الاستقرار*


يرى الخبراء، أن تخفيف العقوبات يعكس تحولًا جوهريًا في النهج الأوروبي تجاه سوريا، والذي كان لفترة طويلة مرتبطًا بشكل وثيق بالموقف الأمريكي.

من جهته يرى الدكتور محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الدولية، أن هذا التحول يعكس تماشي النهج الأوروبي مع الأمريكي خلال الأسابيع الماضية، مشيرًا أن الولايات المتحدة بدأت أيضًا تظهر مرونة في سياستها تجاه دمشق.

ومع ذلك، يشير المنجي أن بعض العقوبات ستظل قائمة، وستراقب الدول الغربية الإدارة السورية الجديدة عن كثب لضمان التزامها بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، مضيفًا أن هذا التحول في السياسة الأوروبية يمكن أن يُفسر على أنه محاولة لتعزيز الاستقرار في المنطقة، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتصاعدة والمصالح الاقتصادية الأوروبية في الشرق الأوسط.

*التحديات الاقتصادية*


تخفيف العقوبات يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في الاقتصاد السوري، الذي يعاني من تدهور حاد منذ سنوات بسبب الحروب الأهلية والعقوبات الدولية.

فتح باب الاستثمارات الخارجية وتعزيز الحركة التجارية يمكن أن يسهم في إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، والتي تشمل الطرق، الجسور، المستشفيات، والمدارس.



ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تتطلب استجابة ملموسة من الإدارة السورية الجديدة، التي تسعى لاستعادة ثقة المجتمع الدولي.

وزير الخارجية السوري الانتقالي، أسعد الشيباني، وصف رفع العقوبات بأنه "بوابة لعودة سوريا إلى الساحة الدولية"، مؤكدًا في تصريحات لوسائل إعلام محلية، على أهمية هذه الخطوة في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين ظروف الحياة للسوريين. ومع ذلك، فإن التحديات لا تزال كبيرة، خاصة في ظل الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية وسياسية عميقة لضمان استدامة أي تحسن في الأوضاع الاقتصادية.

*العوامل المؤثرة على القرار الأوروبي* 


تتأثر مواقف الدول الأوروبية تجاه سوريا بعدة عوامل، أهمها الوضع على الأرض، الموقف الأمريكي، وموقف الدول العربية.

الدكتور المنجي يشير أن الثقة بين الدول العربية والحكومة السورية تزداد، لكنها ليست كافية لرفع العقوبات بشكل كامل، موضحًا أن الموقف الأمريكي ما يزال يشكل تأثيرًا كبيرًا على قرارات الدول الأوروبية.


*الإطار القانوني والتحديات* 


العقوبات المفروضة على سوريا ما تزال قائمة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وليست من الأمم المتحدة.

هذا يجعل الحوار مع الأطراف الأوروبية والأمريكية هو السبيل الأساسي لتحقيق تقدم، القرار الأممي رقم 2254 يظل الإطار المرجعي للمرحلة الانتقالية، رغم أن السلطات السورية ترفض الالتزام الكامل به.

الدكتور المنجي يرى أن القرار 2254 قد تجاوزه الزمن إلى حد ما، لكنه لا يزال أساسًا لتشكيل حكومة تمثل جميع مكونات الشعب السوري.

في الوقت نفسه، نقل تقرير لوكالة "رويترز" عن دبلوماسيين أوروبيين تأكيدهم أن تعليق القيود في قطاعات مثل الطاقة والنقل ضروري لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والشروع في إعادة الإعمار، ومع ذلك، فإن هذه الخطوات ما تزال مرهونة بتقييم الوضع السياسي والأمني في سوريا.