خبراء: تصنيف كينيا لحركة الشباب خطوة استراتيجية تربط الإرهاب بجذوره الإخوانية

خبراء: تصنيف كينيا لحركة الشباب خطوة استراتيجية تربط الإرهاب بجذوره الإخوانية

خبراء: تصنيف كينيا لحركة الشباب خطوة استراتيجية تربط الإرهاب بجذوره الإخوانية
حركة الشباب

في خطوة وُصفت بأنها شجاعة وضرورية لحماية الأمن الإقليمي، أعلنت الحكومة الكينية عن توجه رسمي لدعم قرار تصنيف حركة الشباب منظمة إرهابية بشكل موسع، في ظل تنامي التهديدات التي تشكلها الحركة داخل البلاد وخارجها. 

الخطوة التي لاقت صدىً دوليًا، أعادت تسليط الضوء على الجذور الفكرية والتنظيمية لهذه الجماعة، وعلاقتها المباشرة بجماعة الإخوان المسلمين التي تُعد المنبع الأيديولوجي الأوسع لمعظم التنظيمات المتطرفة في المنطقة.

وبحسب محللين أمنيين، فإن الإخوان المسلمين وفّروا الأرضية الفكرية والتنظيرية التي ساهمت في نشوء جماعات عنيفة مثل حركة الشباب. فالإخوان قدموا منذ عقود خطابًا دينيًا مسيّسًا، يقوم على شرعنة العنف واستخدام الدين كأداة سياسية، ما منح هذه الجماعات غطاءً فكريًا يبرر استهداف الأبرياء وتقويض استقرار المجتمعات.

الارتباط بين الإخوان وحركة الشباب لا يقتصر على الجانب النظري أو الشعارات، بل يتجسد عمليًا في الممارسات اليومية للحركة، بدءًا من تجنيد الشباب عبر خطاب تعبوي يستند إلى أفكار الإخوان، وصولاً إلى تنفيذ هجمات دامية تستنزف المدن، وتُعطل الاقتصاد، وتهدد حياة المواطنين.

 هذه العلاقة تجعل من محاربة الفكر الإخواني جزءًا لا يتجزأ من مواجهة خطر حركة الشباب.

ويرى خبراء، أن الخطر يتجاوز الشباب المجندين، إذ تمتد آثار الفكر والممارسة إلى النساء اللواتي يتعرضن للاستغلال تحت شعارات دينية مضللة، في حين تدفع العائلات ثمنًا باهظًا من خلال فقدان التعليم والاستقرار لأطفالها، الأمر الذي يحوّل المجتمع برمته إلى ضحية مباشرة لهذا الإرهاب.

كما أن حركة الشباب لا تعمل بمعزل عن محيطها، بل تستفيد من شبكات عابرة للحدود استلهمت نموذج الإخوان في بناء هياكل سرية وطرق تمويل معقدة، ما يجعلها تهديدًا إقليميًا خطيرًا يطال شرق أفريقيا بكامله، بل ويتقاطع مع أمن الملاحة البحرية والتجارة الدولية في واحد من أهم الممرات الحيوية بالعالم.

وبذلك، يؤكد محللون أن قرار كينيا بتصنيف الحركة خطوة استراتيجية مهمة، لأنها لا تعالج فقط المظاهر المسلحة، بل تشير إلى جذور المشكلة المتمثلة في الفكر الإخواني الذي يغذي التطرف. 

هذا القرار، بحسب المراقبين، يحتاج إلى دعم إقليمي ودولي متكامل يتعامل مع الإرهاب كمنظومة مترابطة، تبدأ من تفكيك البنية الفكرية التي تُنتج التطرف، مرورًا بقطع التمويل والدعم الإعلامي، وصولاً إلى تجفيف منابع التجنيد والتمدد عبر الفضاء الإلكتروني.

وبينما تستعد كينيا للمضي قدمًا في تطبيق القرار، تبقى الأنظار موجهة إلى مدى تجاوب الدول الأفريقية والمجتمع الدولي مع هذه الخطوة، باعتبارها نموذجًا يمكن أن يشكل نقطة تحول في المواجهة الشاملة مع الإرهاب العابر للحدود.

وقال هشام النجار، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية: إن القرار الكيني المرتقب بتصنيف حركة الشباب حركةً إرهابية يعد “إشارة استراتيجية مهمة” باتجاه معالجة جوهر المشكلة، وليس مجرد التعامل مع أعراضها المسلحة.

وأوضح النجار للعرب مباشر، أن الربط بين الإخوان وحركة الشباب ليس مجازياً ولا شكلياً، بل هو ارتباط فكري وتنظيمي عميق يمتد إلى الأنساق الدعوية، وآليات التجنيد، والشبكات المالية العابرة للحدود. 

وبيّن أن المعركة ضد الإرهاب يجب أن تكون “ثنائية المسار” — بمعنى أنها لا تنحصر في الملاحقة الأمنية فحسب، بل تشمل مواجهة الفكر الإخواني الذي يمثّل الحاضنة الأيديولوجية التي تزدهر فيها حركة الشباب.

وأضاف النجار، أن الخطاب الإخواني يوفر الغطاء الأخلاقي لتبرير العنف، ويُستَخَدم كأداة للتعبئة ضد الدول التي تحاول مواجهة الإرهاب بحزم. 

ومن ثم، فإن دعم كينيا لتصنيف الحركة يُعد خطوة محورية في تقويض هذا الغطاء، وإرساء سابقة يمكن أن تُحتذى في الدول التي ما تزال تتعامل مع هذه الجماعات على أنها "حركات سياسية".

كما أشار إلى أن هذا القرار إذا أُعيد ربطه بسياسات موازية مثل تجفيف منابع التمويل، وتعزيز التعاون الاستخباراتي الإقليمي، وتعزيز المنظومات الإعلامية المضادة، فإنه قد يُحدث تغييرًا ملموسًا في معادلات المكافحة.

وختم بأن كينيا قد تكون في طليعة الدول التي تتبنى استراتيجية شاملة ضد الإرهاب، من خلال رصد العلاقة بين الفكر والعمل، وملاحقة أذرع التنفيذ، وهو ما يُعد دربًا مطلوبًا لتفكيك منظومة الإرهاب المعاصرة في شرق أفريقيا وخارجها.

وأكد العقيد حاتم صابر، خبير الإرهاب الدولي، أن قرار الحكومة الكينية بتصنيف حركة الشباب كتنظيم إرهابي خطوة بالغة الأهمية، ليس فقط في إطار الحرب على الإرهاب في شرق أفريقيا، وإنما أيضًا لأنها تربط بين التنظيم وأصل الفكر المتطرف المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين.

وأوضح صابر للعرب مباشر، أن الأفكار التي بثّها الإخوان لعقود وفّرت الغطاء الأيديولوجي للجماعات المسلحة، ومنحتها الشرعية الدينية المزعومة لتبرير العنف والقتل.

 وقال: «حركة الشباب تمثل الذراع التنفيذية لهذا الفكر؛ فهي تنقل الشعارات إلى ساحات القتال، وتحوّل الخطاب الإخواني إلى عمليات مسلحة تهدد استقرار الدول والمجتمعات».

وأضاف: أن المواجهة الناجحة لا يمكن أن تُختزل في الجانب العسكري وحده، بل يجب أن تكون شاملة، تشمل البعد الفكري والإعلامي والثقافي، لتفكيك المنظومة التي تستقطب الشباب وتستغل النساء وتفكك الأسر. 

كما شدّد على أن تجفيف منابع التمويل، وضبط الشبكات العابرة للحدود، وتكثيف التعاون الاستخباراتي، تمثل ركائز أساسية لدعم هذه الخطوة الكينية.

واعتبر صابر أن التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب تقدم نموذجًا عمليًا يؤكد أن المعركة ضد الإرهاب تبدأ من مواجهة الفكر قبل مواجهة السلاح.

 وختم بقوله: «إذا حوصرت حركة الشباب فقط بالسلاح، ستظهر بنسخ أخرى أكثر عنفًا. أما إذا تمت مواجهة الجذور الفكرية الإخوانية التي تغذيها، فسنكون أمام إنجاز حقيقي يحصّن الأجيال القادمة من الوقوع في فخ التطرف».