تصعيد الحوثيين والتراخي الأممي.. معادلة تهدد استقرار اليمن
تصعيد الحوثيين والتراخي الأممي.. معادلة تهدد استقرار اليمن

مع اقتراب الذكرى الثالثة للهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في اليمن، تتزايد المخاوف من انهيارها وسط تصعيد عسكري مستمر من قبل مليشيات الحوثي، التي كثفت هجماتها على عدة جبهات، مستغلة ما يبدو أنه تغاض دولي عن انتهاكاتها المتكررة.
وبينما تحاول الأمم المتحدة احتواء الأزمة عبر الدعوات الدبلوماسية، تتفاقم المخاطر الأمنية والإنسانية؛ مما يضع البلاد على شفا مرحلة جديدة من التصعيد قد تعيدها إلى دائرة الحرب الشاملة.
تصعيد عسكري متواصل
على مدار الأشهر الأخيرة، شهدت مناطق التماس في اليمن تصعيدًا حوثيًا غير مسبوق، حيث قامت المليشيات بدفع آلاف المقاتلين إلى خطوط المواجهة، معززة وجودها العسكري في مأرب، الضالع، أبين، شبوة، وتعز.
كما كثفت عملياتها الهجومية باستخدام الطائرات المسيرة والقصف المدفعي؛ ما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية التي اضطرت للرد على هذه الخروقات المتكررة.
ورغم هذا التصعيد، ما تزال الأمم المتحدة تلتزم بسياسة الاحتواء بدلاً من المواجهة العلنية للانتهاكات الحوثية، فبدلًا من إدانة هذه الخروقات، تكتفي المنظمة الدولية بتوجيه دعوات إلى جميع الأطراف لضبط النفس، وهو ما يراه البعض بمثابة ضوء أخضر ضمني يسمح للمليشيات بالمضي قدمًا في استراتيجيتها التصعيدية دون عواقب واضحة.
الاقتصاد المنهار جبهة كبرى
إلى جانب التصعيد العسكري، يواجه اليمن أزمة اقتصادية متفاقمة تلقي بظلالها على حياة الملايين، فالتراجع المستمر لقيمة الريال اليمني أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية؛ مما جعل تأمين الاحتياجات اليومية تحديًا شاقًا لغالبية السكان. الغذاء، الدواء، والوقود أصبحت سلعًا شبه مستحيلة المنال للعديد من العائلات، في وقت تواصل فيه المليشيات الحوثية فرض جبايات مالية وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية.
هذا الانهيار الاقتصادي المتسارع يضاف إلى سجل الحوثيين الحافل باستغلال الوضع القائم لتعزيز سلطتهم، حيث يستخدمون عائدات الضرائب والمساعدات الدولية لدعم مجهودهم الحربي، بدلاً من توجيهها لتخفيف معاناة الشعب اليمني.
التهديدات الإقليمية وعلاقات مشبوهة
لا يقتصر خطر الحوثيين على الساحة اليمنية فقط، بل يمتد إلى الإقليم بأسره، حيث تشير تقارير دولية إلى علاقات متزايدة بين المليشيات الحوثية وجماعات متطرفة في القرن الأفريقي.
فقد أفادت تقارير، بأن الحوثيين عقدوا اجتماعات سرية مع عناصر من حركة الشباب الصومالية، بهدف تبادل المصالح، حيث يزود الحوثيون هذه الجماعات بالأسلحة والتدريب مقابل تسهيلات لوجستية ومالية.
هذه العلاقات المشبوهة تثير مخاوف من أن يتحول اليمن إلى ساحة أكثر تعقيدًا للصراعات الإقليمية، مما قد يفتح المجال أمام مزيد من التدخلات الخارجية، ويزيد من صعوبة تحقيق أي تسوية سياسية مستقرة.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن سياسة الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة اليمنية بحاجة إلى مراجعة عاجلة، فبدلاً من الاكتفاء ببيانات الشجب والدعوات للحوار، يحتاج المجتمع الدولي إلى نهج أكثر صرامة، يفرض ضغوطًا حقيقية على الحوثيين للالتزام بالهدنة.
ويقول الباحث السياسي اليمني صهيب ناصر الحميري: إن التصعيد العسكري المستمر من قبل مليشيات الحوثي، في ظل صمت وتراخي الأمم المتحدة، يمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار اليمن، ويضع البلاد أمام مرحلة خطيرة من العنف وعدم الاستقرار، قائلاً: لقد تجاوزت هذه الجماعة كل الخطوط الحمراء بانتهاكاتها المتكررة، سواء من خلال استهداف المدنيين، أو تعزيز تحالفاتها مع جهات متطرفة تهدد الأمن الإقليمي والدولي.
وأضاف الحميري -في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في فرض ضغوط حقيقية على هذه المليشيات، وعدم الاكتفاء بإدانات شكلية لم تردع الحوثيين عن استمرار مخططاتهم العدوانية، فالصمت عن هذه التجاوزات لا يعني سوى منح الجماعة مساحة أكبر لمواصلة عملياتها العسكرية، وتقويض أي جهود لتحقيق سلام دائم في اليمن.