القاهرة ومدريد.. من تعزيز الشراكة إلى توحيد الجهود لحل أزمات الشرق الأوسط
القاهرة ومدريد.. من تعزيز الشراكة إلى توحيد الجهود لحل أزمات الشرق الأوسط

في خطوة تعكس التقارب المتزايد بين القاهرة ومدريد، وقّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إعلانًا لرفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى شراكة استراتيجية. تأتي هذه الخطوة في ظل التحديات المتصاعدة إقليميًا ودوليًا، لا سيما في الشرق الأوسط، حيث برز الدعم الإسباني للموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين كأحد المحاور الرئيسية للمباحثات الثنائية.
*شراكة استراتيجية*
في زيارة رسمية إلى العاصمة الإسبانية مدريد، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، حيث تم الإعلان عن رفع مستوى العلاقات بين مصر وإسبانيا إلى شراكة استراتيجية.
ويهدف هذا الاتفاق إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، بالإضافة إلى تنسيق الجهود لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
لم تقتصر المباحثات على القضايا السياسية والأمنية، بل شملت أيضًا تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. وتم الاتفاق على زيادة الاستثمارات الإسبانية في مصر، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية.
كما أكد الجانبان على أهمية تعزيز التعاون في قطاع السياحة، في ظل الاهتمام المتزايد من قبل السياح الإسبان بزيارة المعالم المصرية.
شهدت الزيارة أيضًا مناقشات حول تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، حيث تسعى القاهرة ومدريد إلى توسيع التعاون في مجالات التصنيع العسكري وتبادل الخبرات الأمنية، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتأمين الحدود.
*دعم إسباني للموقف المصري بشأن غزة*
خلال المباحثات، أكد رئيس الحكومة الإسبانية موقف بلاده الرافض بشكل قاطع لتهجير الفلسطينيين، مشددًا على أن إسبانيا تدعم حق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، ورفض أي محاولات لإعادة رسم الخارطة الديموغرافية للمنطقة.
كما أشار إلى دعم مدريد لخطة مصر في إعادة إعمار غزة، والتي من المقرر مناقشتها خلال القمة العربية المرتقبة في القاهرة، وفقًا لـ"رويترز".
من جانبه، شدد الرئيس السيسي على ضرورة الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشيرًا إلى أهمية استمرار تبادل الأسرى والرهائن، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة.
كما دعا إلى تحمل المجتمع الدولي لمسؤوليته في دعم إعادة إعمار القطاع، مع ضمان بقاء الفلسطينيين في أراضيهم، مؤكدًا على أن مصر لن تقبل بأي حلول تتضمن تهجيرًا قسريًا للشعب الفلسطيني.
وأشاد السيسي بالقرار الإسباني التاريخي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرًا أنه خطوة تعزز المسار القانوني الدولي وتعيد للقضية الفلسطينية زخمها على الساحة الدبلوماسية.
كما دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات مماثلة، بما يدعم حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
في إطار الحديث عن الجوانب الإنسانية، شدد السيسي على أهمية دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مؤكدًا أنها تلعب دورًا لا غنى عنه في تقديم الخدمات الأساسية لسكان القطاع، في ظل ما يعانيه الفلسطينيون من أوضاع إنسانية كارثية.
*التنسيق بشأن الملف السوري*
لم تقتصر المباحثات على القضية الفلسطينية، بل امتدت إلى الملف السوري، حيث أكد السيسي دعم مصر الكامل لسيادة سوريا ووحدتها، وضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية.
كما شدد على أهمية إطلاق عملية سياسية شاملة بمشاركة جميع الأطراف السورية، لضمان تحقيق الاستقرار في البلاد.
وناقش الزعيمان تطورات الوضع في لبنان، حيث أكد السيسي على ضرورة احترام القرارات الدولية، مشددًا على أهمية تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
كما جدد موقف مصر الرافض لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية، مؤكدًا ضرورة إنهاء جميع أشكال الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة العربية.
*تأمين الملاحة البحرية*
في ظل تزايد التهديدات الأمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون لمواجهة الهجمات التي تستهدف السفن التجارية.
وأكد السيسي على أهمية تأمين الممرات البحرية الحيوية، وضمان حرية الملاحة وفق القوانين الدولية، مع ضرورة تكثيف الجهود لمكافحة الأنشطة الإرهابية التي تهدد الاستقرار في المنطقة.
كما تطرقت المباحثات إلى الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي والقرن الإفريقي، حيث شدد الطرفان على أهمية العمل المشترك لمواجهة الجماعات المتطرفة، وتعزيز الاستقرار في الدول التي تعاني من النزاعات المسلحة.