إسرائيل تتهم تركيا بتمويل حزب الله.. مناورة سياسية أم تحذير جاد؟
إسرائيل تتهم تركيا بتمويل حزب الله.. مناورة سياسية أم تحذير جاد؟

تصاعدت الاتهامات الإسرائيلية تجاه تركيا بدعم حزب الله اللبناني، مما فتح باب التساؤلات حول مدى صحة هذه الادعاءات والسياقات السياسية التي تحيط بها، ففي ظل التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران، تسعى تل أبيب إلى تسليط الضوء على أي قناة محتملة لدعم حزب الله، معتبرة أن أنقرة تلعب دورًا في تسهيل عمليات التمويل للحزب عبر أراضيها.
هذه المزاعم جاءت على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي تحدث خلال لقاء مع وفد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي عن "تعاون تركي-إيراني" لتمرير الأموال إلى لبنان، في وقت تواجه فيه طهران أزمة اقتصادية خانقة.
*اتهامات إسرائيلية*
صرح جدعون ساعر، أن إيران كثفت جهودها لإعادة تعزيز قوة حزب الله، مشيرًا أن هذه التحركات تشمل تحويل الأموال عبر تركيا.
وبحسب ما كشفه مكتبه، فقد أكد خلال لقائه مع السيناتور الأميركي ليندسي غراهام وأعضاء آخرين في مجلس الشيوخ، أن تركيا تعد إحدى القنوات الرئيسية التي تعتمد عليها طهران في تمويل حزب الله.
الولايات المتحدة تتابع هذا الملف من خلال لجنة وقف إطلاق النار التي تضم ممثلين من لبنان وإسرائيل وفرنسا والأمم المتحدة، غير أنها ليست مسؤولة عن التحقيق في الانتهاكات.
ووفقًا لتقرير نشرته وول ستريت جورنال، فإن بعض المسؤولين في اللجنة لديهم علم باستخدام إيران لمطار بيروت كقناة لتهريب الأموال، لكن لم تُقدم أدلة ملموسة تؤكد ضلوع تركيا في العملية.
*الخلفية الاقتصادية والسياسية*
إيران تواجه أزمة اقتصادية نتيجة العقوبات الدولية، ما يحدّ من قدرتها على تمويل حلفائها في المنطقة، ومع ذلك، تظلّ حزب الله بالنسبة لطهران قوة استراتيجية لا يمكن المساس بها، وهو ما يجعلها تسعى لإيجاد بدائل تضمن استمرارية الدعم المالي.
لكن اتهام تركيا، العضو في الناتو، بالتواطؤ مع إيران يطرح تساؤلات عن الدوافع الإسرائيلية وراء هذه المزاعم، خصوصًا مع التوترات بين تل أبيب وأنقرة بسبب مواقف الأخيرة من القضية الفلسطينية.
*تركيا بين النفي والصمت الدبلوماسي*
رغم خطورة هذه الاتهامات، لم تصدر تركيا حتى الآن أي رد رسمي واضح ينفي أو يؤكد هذه المزاعم؛ مما يفتح المجال للتكهنات حول طبيعة علاقتها بإيران في هذا الملف.
أنقرة تربطها علاقات اقتصادية قوية بطهران، لكنها في الوقت ذاته تحاول الحفاظ على توازن في علاقاتها الدولية، مما يجعلها حذرة في التعامل مع مثل هذه الادعاءات.
*تضييق الخناق*
من جانبه، يقول د. محمد محسن، خبير الشؤون الإيرانية: إن الاتهامات الإسرائيلية الموجهة إلى تركيا بتمويل حزب الله عبر القنوات الإيرانية تأتي ضمن استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تضييق الخناق على طهران وحلفائها في المنطقة.
ويوضح محسن في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن إيران تدرك أن حزب الله يمثل ذراعها الأهم في المواجهة مع إسرائيل، ولذلك فهي تسعى للحفاظ على قدراته المالية والعسكرية رغم الضغوط الاقتصادية الهائلة التي تواجهها نتيجة العقوبات الأميركية والدولية.
ويضيف خبير الشؤون الإيرانية، أن تركيا، رغم علاقاتها القوية بإيران، تحافظ على سياسة خارجية متوازنة بين القوى الإقليمية والدولية، ومن غير المرجح أن تنخرط بشكل مباشر في تمويل حزب الله، خاصة أنها عضو في حلف الناتو وتحتفظ بعلاقات اقتصادية وأمنية مع الدول الغربية.
لكنه لا يستبعد وجود أنشطة مالية غير رسمية يقوم بها أفراد أو شركات داخل تركيا تسهّل عمليات التحويل المالي بين إيران وحزب الله، مستفيدين من النظام المصرفي التركي المرن.
ويشير محسن، أن الهدف الإسرائيلي من هذه الاتهامات قد يكون سياسيًا بالدرجة الأولى، إذ تسعى تل أبيب إلى إحراج أنقرة دوليًا والضغط عليها لوقف دعمها السياسي لحركة حماس والفصائل الفلسطينية، وليس بالضرورة استنادًا إلى أدلة قاطعة على تورطها في تمويل حزب الله.