العزل والفشل.. سياسات أوروبا لإعادة دمج اللاجئين في المجتمع تأتي بنتائج عكسية
تتجه سياسات أوروبا لإعادة دمج اللاجئين في المجتمع
دفعت الأعداد الكبيرة من اللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي الدول إلى تطوير سياسات تهدف إلى ضمان التكامل، ولكن كان لسياسة بعض الدول الأوروبية من أجل دمج اللاجئين في المجتمعات آثار سلبية للغاية على الكثير منهم وخصوصًا العرب الفارين من أهوال الحرب في أوطانهم.
تحديات كبرى
وأفادت منظمة "سيبر" الحقوقية الأوروبية في تقرير لها اليوم الثلاثاء، بأن السياسات الأوروبية لإعادة دمج اللاجئين في المجتمعات أدت إلى انخفاض مشاركة اللاجئين المهاجرين في سوق العمل، مدفوعين بالأفراد الأقل استعدادًا لتلبية المتطلبات، وفي المقابل، وجد الباحثون دليلاً على تحسن المهارات اللغوية لدى بعض الأفراد ذوي القدرات العالية.
وتسلط دراسة جديدة الضوء على كيف يمكن للسياسات أن تأتي بنتائج عكسية إذا رفعت المستوى أكثر من اللازم دون ضمان اتخاذ تدابير لدعم أولئك الأقل قدرة.
وأوضحت المنظمة في تقريرها أن عدد طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي وصل إلى ما يقرب من مليون في عام 2022، وهو أعلى مستوى منذ الرقم القياسي البالغ 1.3 مليون في عام 2015، بالإضافة إلى ذلك، تم منح ما يقرب من 4 ملايين أوكراني الحماية في الاتحاد الأوروبي بموجب توجيه الحماية المؤقتة من مارس 2022 إلى مارس 2023.
ويطرح التدفق الكبير للمهاجرين اللاجئين تحديات اقتصادية وسياسية، واستجابة جزئية لهذه التحديات، نفذت العديد من البلدان سياسات لتشجيع المهاجرين اللاجئين على المشاركة في سوق العمل وتعلم اللغة المحلية على سبيل المثال، تجعل بعض الدول الإقامة الدائمة مشروطة باجتياز اختبارات اللغة، وقد تم تطبيق هذا في الدنمارك في عام 2002، وفي ألمانيا في عام 2005، وفي هولندا في عام 2010، وفي النرويج في عام 2013 وتم اعتماده مؤخرًا في النمسا وبولندا وجمهورية التشيك.
سياسة دمج اللاجئين في الدنمارك
وأشارت المنظمة إلى أن سياسة إدماج اللاجئين في الدنمارك التي تربط الإقامة الدائمة بمتطلبات المشاركة المستدامة في القوى العاملة واجتياز اختبار لغة أكثر صرامة أدت إلى انخفاض مشاركة اللاجئين في سوق العمل المهاجرين، مدفوعين بالأفراد الأقل استعدادًا لتلبية المتطلبات.
وتابعت: إنه في المقابل، كانت ثمة أدلة على تحسن المهارات اللغوية لدى بعض الأفراد ذوي القدرات العالية، حيث تخضع شروط قبول طلبات اللاجئين إلى معايير الأهلية الجديدة والأكثر صرامة للحصول على الإقامة الدائمة بدءًا من عامها الثالث منذ الإقامة المؤقتة ولكن ليس قبل ذلك، في حين تستمر الأفواج التي تم قبولها سابقًا في الخضوع للمعايير القديمة طوال الوقت.
وأضافت: أن مشاركة اللاجئين الذين يخضعون لمتطلبات إقامة أكثر صرامة في سوق العمل أقل، حيث كشفت الأبحاث تراجع انخفاض تشغيل العمالة في اللاجئين بنسبة 30% ولم يظهر أثر إصلاحي كبير على الأداء العام لاختبار اللغة، ويتناقض هذا مع الأهداف المقصودة من الإصلاح لتوفير حوافز للمهاجرين اللاجئين للاندماج بشكل أفضل في سوق العمل والاستثمار في المهارات.
سياسات فاشلة
وأوضحت المنظمة، أن ما اتبعته بعض الدول الأوروبية لدمج اللاجئين في المجتمعات كان قاسيا وأثبت فشله، فلم تنجح السياسات سوى مع حاملي المؤهلات العليا القادمين من المناطق الحضرية في سوريا واليمن والعراق، أما أولئك الفارين على متن قوارب النجاة فكان مصيرهم سيئاً للغاية.
وتابعت: إن وضع معايير عالية لإجبار اللاجئين على الاندماج في المجتمعات جاء بنتائج عكسية مع الغالبية العظمى منهم، وكان مكلفاً للغاية وتسبب في عزلهم أكثر عن المجتمعات؛ ما شكَّل مصدر قلق خاص لأولئك الذين ليس لديهم الاستعداد الكافي لسوق العمل في البلد المضيف، وتتلخص إحدى الاستجابات المحتملة في الجمع بين السياسات التي تحدد أهدافاً تحفيزية أعلى وبين التدابير المناسبة لدعم أصحاب الأداء المنخفض.