كيف كشفت محاكمة ترامب الخلافات الداخلية والخارجية لأميركا؟
كشفت محاكمة ترامب تذبذب العلاقات الأميركية مع العالم وخلافات مؤسساتها الداخلية
أثارت الانقسامات الكبرى داخل الكونجرس ومؤسسات الحكم الأميركية قلق حلفاء الولايات المتحدة من آسيا إلى أوروبا وحتى الشرق الأوسط، وبعد لائحة الاتهامات التي وجهت إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مساء أمس الاثنين والتي تضمنت 13 تهمة بالتآمر ضد الدولة ومحاولة إفساد انتخابات 2020، فإن موقف السياسة الخارجية الأميركية أصبح محل جدل كبير، حسبما أفادت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
خطر أميركي
وقال ريتشارد هاس، الذي تنحى مؤخرًا عن رئاسة مجلس العلاقات الخارجية، إن أخطر تهديد لأمن العالم في الوقت الحالي هو الولايات المتحدة، مضيفًا: "لا أحد حاليًا يعرف ما هو المعيار الذي تتعامل به الولايات المتحدة مع العالم الخارجي، وما هي الاستثناءات وكان لكل رئيس خلال السنوات الأخيرة طريقة مختلفة، خصوصًا ترامب والرئيس جو بايدن وسلفهم باراك أوباما".
وفي هذا الصدد، أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن علاقات أوباما بالشرق الأوسط لم تكن في أفضل حالاتها وكذلك ترامب الذي لم يهتم بالمنطقة كثيرًا وأولى اهتماما أكبر بآسيا وخصوصًا روسيا والصين، أما بايدن فكان يسعى لإصلاح العلاقات مع القادة العرب بشتى الطرق، ولكن هل يمكن أن تستمر هذه السياسة أم لا، خصوصًا مع محاكمة ترامب التي قد تغير من خريطة الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها العام المقبل.
شعبية الجمهوريين
بينما أكدت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن القضايا الأميركية وتذبذب موقفها العالمي، ظهر في الشرق الأوسط ومع حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، حيث يرى الكثيرون بالفعل في عام 2024 تكرارًا للصدمات المتتالية لعام 2016 وما أعقب ذلك خلال السنوات الأربع التي قضاها ترامب في المنصب.
وتابعت: إن العالم يدرك جيدًا من سلسلة الكتب المتفجرة، من الصحفي المخضرم بوب وودوارد إلى مستشار الأمن القومي السابق لترامب جون بولتون والعديد من الآخرين فيما بينهما، ما الذي يستطيع ترامب القيام به - وأنه سيقترب من فترة ولاية ثانية مع خطط الانتقام، بالرغم من محاكمته التي قد تمنعه من الترشح لرئاسة الجمهورية، ولكن الديمقراطيين في الولايات المتحدة يتمتعون بشعبية عالمية ومحلية أقل على الرادار السياسي، التي تأتي في الوقت الذي نجح فيه ترامب في استعادة شعبية الجمهوريين.
وأضافت: أن ما زاد من هذه الأزمة وكشف الانقسامات الكبرى هي محاكمة ترامب التي جرت في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين.
محاكمة ترامب
وأفادت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بأن ترامب ينفي كافة التهم التي وجهت إليه، وأكد أنها ذات دوافع سياسية، لمنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفي لائحة اتهام من 98 صفحة نُشرت في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، أدرج ممثلو الادعاء 41 تهمة ضد 19 متهمًا، منهم 13 تهمة لترامب، وأعلنت القاضية الأميركية أنها ستمنح المتهمين فرصة الاستسلام طواعية في موعد أقصاه ظهر يوم الجمعة 25 أغسطس، قالت إنها تخطط لمحاكمة جميع المتهمين الـ19 معًا.
وتشمل قائمة المتآمرين المزعومين محامي ترامب السابق رودي جولياني ورئيس موظفي البيت الأبيض السابق مارك ميدوز ومحامي البيت الأبيض السابق جون إيستمان.
ومن بين الآخرين المسؤول السابق بوزارة العدل جيفري كلارك، وسيدني باول وجينا إليس - وهما محاميان لترامب ضخما مزاعم لا أساس لها من الصحة بشأن تزوير الناخبين على نطاق واسع.
وتشير لائحة الاتهام إلى المتهمين على أنهم "منظمة إجرامية" متهمة إياهم بارتكاب جرائم أخرى بما في ذلك التأثير على الشهود والتعدي على الكمبيوتر والسرقة والحنث باليمين، أخطر تهمة، وهي انتهاك لقانون المنظمات المتأثرة والفاسدة (ريكيتير)، يعاقب عليها بالسجن لمدة أقصاها 20 عامًا.
وفي بيان، وصفت حملة ترامب المدعي العام بأنه سياسي قدم لوائح الاتهام الزائفة للتدخل في السباق الرئاسي 2024 و"الإضرار بحملة ترامب المهيمنة.
وجاء في البيان أن "الضربة المنسقة الأخيرة التي شنها مدع عام متحيز في ولاية ذات أغلبية ساحقة من الديمقراطيين لا تخون ثقة الشعب الأميركي فحسب، بل تكشف أيضًا عن الدافع الحقيقي وراء اتهاماتهم الملفقة".
ويواجه ترامب أيضًا محاكمة في ولاية نيويورك في 25 مارس من العام المقبل تتعلق بدفع رشوة لممثلة إباحية، ومن المقرر أن يُحاكم في فلوريدا في 20 مايو بسبب مزاعم تتعلق بمعالجته لوثائق سرية تم العثور عليها في مقر إقامته في مار ألاغو بعد رئاسته.
وأوضحت أنه في حال لم تؤثر هذه الاتهامات على مخططات ترامب وتمنعه من الترشح للرئاسة، ولكنها تسلط الضوء على مدى الصعوبات السياسية التي تواجهها الولايات المتحدة الأميركية والانقسامات التي تلقي بظلالها على العلاقات الأميركية بحلفائها بالخارج.