فايننشال تايمز: إيران لا تمتلك سلاح نووي حتى الآن ومزاعم نتنياهو بدون دليل
فايننشال تايمز: إيران لا تمتلك سلاح نووي حتى الآن ومزاعم نتنياهو بدون دليل

عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا إلى التلويح بالخطر النووي الإيراني، مستحضرًا خطابه الشهير في الأمم المتحدة عام 2012، حيث رفع رسمًا كاريكاتوريًا لقنبلة ومرّر عليه بخط أحمر في محاولة لتحذير المجتمع الدولي من أن إيران على وشك الوصول إلى مرحلة إنتاج السلاح النووي.
وبعد مرور 13 عامًا، يقول نتنياهو: إن طهران تجاوزت هذا الخط، ويستخدم ذلك تبريرًا رئيسيًا للضربات العسكرية الواسعة التي تشنها إسرائيل ضد إيران، حسبما نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
لكن خبراء ومنظمات دولية، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، يجمعون على أن إيران لم تتخذ قرارًا ببناء سلاح نووي، وأن برنامجها ما يزال دون العتبة العسكرية، رغم التقدم الكبير في تخصيب اليورانيوم.
اتهامات بدون أدلة
في خطاب جديد عقب بدء الهجوم الإسرائيلي الأخير، زعم نتنياهو أن إيران بدأت خطوات نحو "تسليح اليورانيوم المخصب"، وهو أمر لم يسبق لها القيام به، حسب قوله. لكن هذه الادعاءات لم تقترن بأي أدلة جديدة، وهو ما أشار إليه الخبير في الشأن الإيراني علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية، قائلاً: إن نتنياهو اعتاد عرض صور أو مستندات أمام الكاميرات، لكن في هذه الحالة لم يقدم شيئًا.
ولم تجد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب منشآت إيران النووية في نطنز وفوردو، ما يشير إلى وجود برنامج تسليح نووي نشط.
كما أكدت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، تولسي غابارد، أمام الكونغرس في مارس الماضي، أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية لا تعتقد أن إيران قد قررت تصنيع قنبلة نووية.
قدرات تقنية دون قرار سياسي
ما يُجمع عليه الخبراء، هو أن إيران باتت تمتلك القدرات التقنية والبنية التحتية التي تؤهلها لتصنيع سلاح نووي، إذا قررت المضي في ذلك. لكن حتى الآن، لم تتخذ هذا القرار، وهو ما يجعلها تُصنف كـ"دولة عتبة" فقط.
وفي مايو الماضي، ذكرت الوكالة الدولية، أن إيران رفعت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى أكثر من 400 كغم، وهي نسبة قريبة من مستوى 90% المستخدم في إنتاج الأسلحة.
كما تجاوز مخزونها الإجمالي من اليورانيوم المخصب 8400 كغم، لكن هذه الأرقام، رغم ضخامتها، لا تعني أن إيران تمتلك سلاحًا نوويًا.
القدرة على التصنيع لا تعني امتلاك السلاح
توضح كيلسي دافنبورت، من جمعية الحد من التسلح، أن امتلاك إيران مواد قابلة للاستخدام في السلاح لا يعني بالضرورة امتلاكها سلاحًا نوويًا جاهزًا، فعملية تحويل اليورانيوم المخصب إلى سلاح فعلي – من خلال تصنيعه في شكل رأس متفجر ووضعه على صاروخ – تتطلب أشهرًا من العمل، وربما عامًا كاملًا، وتضيف: لا يوجد خطر فوري أو وشيك لامتلاك إيران قنبلة نووية.
رغم ذلك، تشهد قدرات الرقابة الدولية على البرنامج الإيراني تراجعًا نتيجة تقليص طهران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ظل التصعيد الأمني، خاصة بعد الضربات التي استهدفت منشآت نطنز وفوردو.
إيران تنفي نوايا التسليح وتتمسك بالسلمية
تصر إيران على أن برنامجها النووي سلمي الطابع، وتؤكد أن تطويره يتم لأغراض مدنية مثل الطاقة والطب. ويستند هذا الموقف إلى فتاوى دينية أصدرها كبار القادة الإيرانيين، وفي مقدمتهم المرشد الأعلى علي خامنئي، تؤكد أن استخدام السلاح النووي يتعارض مع تعاليم الإسلام.
كما أن التقييمات الأمريكية تشير أن أي محاولات سابقة لتطوير برنامج عسكري توقفت منذ عام 2003.
ومنذ ذلك الحين، دخلت إيران في مفاوضات مع القوى الكبرى أدت إلى الاتفاق النووي لعام 2015، الذي قيد بشكل كبير أنشطة طهران النووية مقابل رفع العقوبات.
المنشآت السرية.. مصدر قلق متجدد
يبدي بعض الخبراء قلقهم من احتمال أن تكون إيران قد أنشأت منشآت سرية غير خاضعة للرقابة، حيث يمكنها تخصيب اليورانيوم بسرعة كبيرة.
وأشار علي واعظ، أن إيران أنتجت آلاف أجهزة الطرد المركزي الحديثة، ولا يعرف أحد أين جميعها. ومع ذلك، فإن هذا يبقى افتراضًا غير مدعوم بأدلة قاطعة حتى الآن.
وقال علي شمخاني، مستشار خامنئي: إن استمرار الضغوط الخارجية قد يدفع إيران إلى اتخاذ إجراءات ردع مثل: طرد مفتشي الوكالة الدولية، أو نقل المواد المخصبة إلى أماكن آمنة وسرية، لكنه لم يتحدث عن تصنيع سلاح.