جحيم على الأرض.. صرخات أممية تطالب بوقف معاناة المدنيين في غزة

جحيم على الأرض.. صرخات أممية تطالب بوقف معاناة المدنيين في غزة

جحيم على الأرض.. صرخات أممية تطالب بوقف معاناة المدنيين في غزة
حرب غزة

تشهد غزة أوضاعًا إنسانية غير مسبوقة تصفها التقارير الدولية بأنها "تشبه نهاية العالم"، هذا الوصف الذي جاء على لسان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، خلال جلسة خاصة عُقدت ضمن فعاليات مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش 2024".

 وأكد غيبريسوس، أن الظروف في القطاع تعد من بين أسوأ الأوضاع في العالم، حيث يعاني 80% من السكان من النزوح المستمر، مع انعدام تام للأمان أو الأماكن التي يمكنهم اللجوء إليها.

 ومع استمرار القصف الإسرائيلي على جميع مناطق غزة، تزداد الأزمة سوءًا، حيث تتعرض المستشفيات والفرق الإغاثية للاستهداف المباشر، ما يفاقم المعاناة، في ظل الحصار والعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يعيش السكان تحت رحمة القصف المتواصل الذي طال البشر والحجر على حد سواء.

 منظمة الصحة العالمية وصفت الوضع الحالي بأنه كارثي، مع خروج 84% من المنشآت الصحية عن الخدمة، ما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية والصحية في القطاع الذي يعاني نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية. 

وأكد غيبريسوس، أن نسبة المصابين والقتلى ترتفع يومًا بعد يوم، حيث بلغ عدد الضحايا أكثر من 43 ألف قتيل، فضلاً عن عشرات الآلاف من المفقودين، وأكثر من 150 ألف مصاب، وهي أرقام هائلة مقارنة بعدد السكان.

*تدمير المنشآت الصحية: أزمة بلا حل*


التقارير الواردة من غزة توضح أن معظم المنشآت الصحية قد دُمرت بشكل كامل، فيما تعمل النسبة المتبقية بشكل جزئي وسط ضغوط هائلة وموارد محدودة للغاية.

في ظل هذه الظروف، يُصبح من المستحيل تقديم الرعاية الصحية الضرورية للسكان، خاصة مع تزايد الإصابات الناتجة عن القصف المستمر، ما يُحول المستشفيات التي ما زالت تعمل إلى أماكن تشهد اكتظاظًا شديدًا يفوق طاقتها بكثير.

غيبريسوس أشار أن استمرار استهداف المنشآت الصحية والفرق الإغاثية يُعد انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، ما يستدعي تدخلًا فوريًا من المجتمع الدولي.

ودعا الدول الكبرى إلى دفع عجلة التفاوض السياسي ووضع حل عاجل ينهي الحرب ويضمن حماية المدنيين والمنشآت الحيوية.

 وأكد، أن الأمم المتحدة وجهت نداءات متكررة إلى إسرائيل بضرورة وقف هذا التصعيد وحل الصراع سلميًا، إلا أن هذه النداءات لم تجد استجابة حتى الآن.

*المجتمع الدولي وتجاهل الأزمة*


على الرغم من التنديدات المتواصلة من المنظمات الدولية، إلا أن المجتمع الدولي ما يزال عاجزًا عن اتخاذ خطوات فعالة لوقف هذه المجازر، حيث تستمر إسرائيل في عملياتها العسكرية دون رادع.

بينما حذرت الأمم المتحدة من أن تدهور الوضع الإنساني في غزة قد يصل إلى مستويات غير مسبوقة إذا لم يتم التدخل السريع، ومع ارتفاع أعداد القتلى والمصابين، والتدمير الهائل للبنية التحتية، بات من الصعب تقديم أي نوع من الإغاثة الإنسانية للسكان المحاصرين.

في هذه الأثناء، تكثف إسرائيل عملياتها العسكرية، خاصة في شمال القطاع وبيت لاهيا وجباليا، حيث يتعرض السكان لقصف عنيف أدى إلى تهجير المزيد من العائلات.

وبحسب مصادر محلية، فإن العديد من المستشفيات والمراكز الطبية التي ما تزال تعمل في تلك المناطق تعرضت للقصف، ما أسفر عن خروج المزيد منها عن الخدمة. وهو ما يعمق الأزمة الصحية بشكل أكبر.

*عواقب استمرار العدوان*


العدوان المستمر على غزة لا يقتصر على استهداف المنشآت الصحية فحسب، بل يمتد إلى استهداف الفرق الإغاثية التي تعمل على إنقاذ المدنيين، هذا الاستهداف المنهجي يزيد من تعقيد عمليات الإغاثة، حيث تجد المنظمات الدولية صعوبة كبيرة في الوصول إلى المناطق المتضررة لتقديم الدعم اللازم.

من جانبه، حذّر غيبريسوس من أن استمرار هذه الأوضاع سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، مشيرًا إلى أن غزة أصبحت نموذجًا للجحيم على الأرض، ومع تصاعد الأزمات الصحية والمعيشية في القطاع، تتزايد الضغوط على المجتمع الدولي للتحرك بسرعة ووقف هذا التصعيد، إلا أن غياب الحلول السياسية واستمرار التصعيد العسكري يُنذر بمزيد من المعاناة للمدنيين الذين يعيشون في ظل أوضاع صعبة لا يمكن تحملها.



*فشل ذريع للمجتمع الدولي*


من جانبه، يرى د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الوضع الحالي في غزة يُعبر عن فشل ذريع للمجتمع الدولي في وضع حد للصراع الدائر منذ سنوات، مؤكدًا أن استمرار استهداف المنشآت الصحية والإغاثية يشكل جريمة حرب واضحة يجب أن يحاسب عليها مرتكبوها. 

وأضاف فهمي، أن استهداف البنية التحتية، وخاصة المستشفيات، لا يعد فقط انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، بل هو جزء من إستراتيجية طويلة الأمد لإضعاف قدرة غزة على الصمود.

وأشار فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، إلى أن الوضع في القطاع لا يمكن النظر إليه من زاوية العمليات العسكرية فقط، بل يجب تحليل الأبعاد السياسية لهذه الحرب، مضيفًا إسرائيل تسعى من خلال هذا التصعيد إلى فرض واقع جديد على الأرض، يتمثل في إنهاك غزة بالكامل على المستويات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية. وهو ما يراه محاولة لإخضاع المقاومة الفلسطينية ودفع الأطراف الإقليمية والدولية إلى قبول تسويات سياسية غير عادلة.

ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى نتائج كارثية على المدى الطويل، ليس فقط في غزة بل على استقرار المنطقة ككل، حيث إن تصاعد الأزمات الإنسانية سيؤدي حتمًا إلى مزيد من التطرف وردود الفعل العنيفة. وشدد على أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد الممكن لإنهاء هذه المأساة الإنسانية.