الجيش الإسرائيلي يعمّق جذوره في غزة.. بنية تحتية للسيطرة.. ماذا يحدث؟

الجيش الإسرائيلي يعمّق جذوره في غزة.. بنية تحتية للسيطرة.. ماذا يحدث؟

الجيش الإسرائيلي يعمّق جذوره في غزة.. بنية تحتية للسيطرة.. ماذا يحدث؟
حرب غزة

تتجه التقديرات الإسرائيلية نحو استراتيجية طويلة الأمد في قطاع غزة، حيث يُظهر الجيش الإسرائيلي نية للبقاء في غزة، تُعزز هذه التقديرات من خلال الأعمال الميدانية المكثفة والإنشاءات العسكرية الواسعة التي تجري في مناطق عدة من القطاع.

 الجيش الإسرائيلي لم يكتفِ بتأمين الحدود فقط، بل بدأ في تحويل السواتر الترابية إلى منشآت محمية، ورصف الطرق الرئيسية وإنشاء بنية تحتية شاملة، تتضمن شبكات مياه، كهرباء، وصرف صحي، وكل ذلك يُشير إلى نية الجيش للبقاء على المدى الطويل في المناطق الحيوية، التحركات الإسرائيلية، التي تسعى لعزل أجزاء من غزة مثل شمالها عن مناطق الوسط والجنوب، تُظهر تحولات في الإستراتيجية العسكرية، إذ يبدو أن الجيش يسعى لبناء "أحياء عسكرية" جديدة، مع تدمير الأحياء القائمة وإخلاء السكان في بعض المناطق الحيوية.

 في الوقت ذاته، تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب محاولات تجويع سكان شمال القطاع، في حين تُصر إسرائيل على أن عمليات الإخلاء تأتي لضمان أمان قواتها العسكرية، في هذا السياق، يبدو أن غزة ستظل تحت السيطرة الإسرائيلية لسنوات قادمة، وسط تحذيرات من تأثيرات إنسانية واقتصادية قد تكون كارثية على السكان المدنيين، هذا المشهد المليء بالتوترات والتهديدات يدفع الجميع للتساؤل: إلى أين تتجه الأوضاع في غزة؟

*محور نتساريم*


تُشير التقارير الصادرة عن وسائل إعلام إسرائيلية مثل صحيفة "هآرتس"، أن الجيش الإسرائيلي بدأ تنفيذ خطط عسكرية طويلة الأمد في قطاع غزة، تشمل إقامة بنى تحتية عسكرية تُعزز من وجوده في المنطقة حتى عام 2026.

تحركات الجيش على الأرض تؤكد أن الهدف يتجاوز مجرد العمليات العسكرية المؤقتة، بل يتعلق ببناء قواعد عسكرية مستدامة في عدة مناطق استراتيجية داخل القطاع، بما في ذلك محور نتساريم.

وفقًا للتقارير، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي في إنشاء بنى تحتية متقدمة في محيط محور نتساريم، الذي أصبح يفصل بين شمال غزة ووسطها.

 يشمل ذلك رصف طرق واسعة، وإنشاء شبكات المياه والكهرباء، وتمهيد الطرق الواسعة لخدمة الوحدات العسكرية التي تُخطط للبقاء في هذه المناطق لفترة طويلة، ما يميز هذه التحركات هو أن الجيش يعمل على تحويل السواتر الترابية والعوائق المؤقتة إلى مواقع دائمة مُجهزة للحماية، وهو ما يُشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يخطط لوجود طويل الأمد في القطاع.

*شمال غزة*


في شمال القطاع، تتزايد الضغوط لإخلاء المناطق السكنية وتحويلها إلى "جيب عسكري" خالٍ من السكان، مسؤولون إسرائيليون يؤكدون أن هذا التحرك ليس جزءًا من خطة مُعلنة، لكنه يتماشى مع الإستراتيجية العامة للجيش.

بينما تحذر منظمات دولية من أن هذا الإخلاء قد يؤدي إلى تجويع السكان المتبقين، يبدو أن إسرائيل تتجاهل هذه التحذيرات وتواصل عمليات التدمير والتجريف، بحجة تجنب مخاطر الكمائن والمنازل المفخخة.

*محور فيلادلفيا*


منطقة أخرى تشهد اهتمامًا خاصًا من الجيش الإسرائيلي هي محور فيلادلفيا، الذي يربط بين قطاع غزة ومصر، هنا يعمل الجيش على توسيع المناطق الفاصلة بإنشاء مساحات عازلة تتراوح بين كيلومتر وثلاثة كيلومترات، وهي تحركات تهدف إلى منع أي تهديدات مزعومة من الجانب المصري، رغم ما قد تُثيره من انتقادات محلية ودولية.

*الشريط الحدودي*


المنطقة الأخيرة التي يُخطط الجيش للبقاء فيها لفترة طويلة هي الشريط الحدودي بين غزة وإسرائيل، حيث تسعى قوات الجيش لإقامة منطقة عازلة بعرض كيلومتر واحد على الأقل.

هذا التحرك يهدف إلى إبعاد خطر الصواريخ المضادة للدبابات عن المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود، وتدمير أحياء فلسطينية بأكملها داخل غزة لخلق منطقة أمان.

*مزيد من التعقيد*


من جانبه، يرى د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن الإستراتيجية الإسرائيلية الجديدة في غزة تُضيف مزيدًا من التعقيد إلى المشهد الإقليمي، وتُصعّب من فرص التوصل إلى اتفاقات تُسهم في تهدئة الأوضاع.

ويُشير المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، إلى أن التحركات الإسرائيلية التي تستهدف تعزيز التواجد العسكري في غزة، خصوصًا من خلال إنشاء بنية تحتية طويلة الأمد، تُعطي إشارات قوية بأن إسرائيل لا تسعى إلى حل سريع أو مؤقت للصراع، بل إلى فرض واقع جديد على الأرض. 

هذا الواقع، وفقًا للمنجي، سيزيد من تعنت الطرف الفلسطيني، وسيؤدي إلى تصاعد المقاومة في المناطق التي تخطط إسرائيل لإخلائها أو تحويلها إلى مناطق عسكرية.

ويُضيف أستاذ العلوم السياسية، أن التوسع الإسرائيلي في إنشاء مناطق عازلة وتدمير البنى التحتية في غزة يعكس رغبة إسرائيلية في إطالة أمد الصراع وفرض السيطرة الكاملة على القطاع.

وتابع، هذا النهج، كما يراه المنجي، سيؤدي إلى انهيار أي مبادرات دولية تُحاول التوصل إلى تهدئة أو هدنة، لأنه لا يُمكن لأي عملية سياسية أن تنجح في ظل استمرار السياسات الإسرائيلية الحالية.

وفيما يتعلق بردود الفعل الدولية، يُحذّر المنجي من أن المجتمع الدولي قد يجد صعوبة في التعامل مع هذه الاستراتيجية، خاصةً أن تداعياتها الإنسانية قد تكون كارثية، مما سيزيد من الضغط على الحكومات الغربية لإدانة هذه السياسات وفرض مزيد من العزلة على إسرائيل.