باحث في شئون الجماعات الإرهابية: الإخوان يستخدمون الديمقراطية كوسيلة لاختراق الدول الأوروبية
باحث في شئون الجماعات الإرهابية: الإخوان يستخدمون الديمقراطية كوسيلة لاختراق الدول الأوروبية

في تقرير سري تداولته وسائل الإعلام الفرنسية مؤخرًا، تم تحذير السلطات الفرنسية من نشاط متزايد لجماعة الإخوان المسلمين في البلاد، والذي يُحتمل أن يؤثر بشكل كبير على الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2027.
وفقًا للتقرير، تواصل الجماعة الإرهابية، من خلال خلايا نائمة ومجموعات ناشطة، تعزيز وجودها على الأراضي الفرنسية، وهو ما يثير القلق بين الأجهزة الأمنية والسياسية بشأن دورها المحتمل في التأثير على الرأي العام الفرنسي خلال الفترة الانتخابية المقبلة.
نشاط مشبوه
التقرير الذي أعدته أجهزة الاستخبارات الفرنسية، حذر من أن الإخوان المسلمين قد يسعون لتوظيف أساليب جديدة للنفوذ على الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويشير التقرير، أن الجماعة تعمل على استخدام منصات إعلامية وأعمال تجارية محلية لتمويل أنشطتها بشكل غير مباشر، إضافة إلى استخدام الجمعيات الخيرية التي تديرها في البلاد كغطاء لأنشطتها الدعائية والسياسية.
الأنشطة الدعائية التي أُشير إليها في التقرير تشمل تنظيم فعاليات وجمع توقيعات لدعم مرشحين غير معروفين بشكل علني، لكنهم يمثلون قيمًا مشابهة لتلك التي تروج لها جماعة الإخوان.
كما أشار التقرير، أن هذه الأنشطة قد تؤدي إلى تحريك بعض القطاعات في المجتمع الفرنسي لصالح مرشحين معينين قد يكون لديهم توجهات غير تقليدية أو قريبة من جماعة الإخوان.
استغلال الاندماج الاجتماعي
فيما يخص أسباب تنامي هذا النشاط في الآونة الأخيرة، يرى بعض المحللين السياسيين، أن جماعة الإخوان تستغل أزمة الاندماج الاجتماعي في فرنسا التي يعاني منها العديد من المسلمين في المناطق ذات الأغلبية المهاجرة، وهذه الجماعات تمثل بيئة خصبة لتعزيز أفكار الإخوان والعمل على تجنيد الشباب من خلال أساليب دعائية تتلاعب بمشاعر الاضطهاد وتستغل حالة الغضب الاجتماعي.
وكانت جماعة الإخوان قد قامت في الماضي ببعض المحاولات للتسلل إلى الساحة السياسية الفرنسية عبر شبكات متعددة، ولكن لم يتم التحقيق في الأمر بشكل جاد حتى الآن.
ردود الفعل
من جانبه، أبدت بعض الأحزاب السياسية الفرنسية، خاصة اليمينية، قلقها الشديد من هذه الأنشطة، ودعت الحكومة إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة لمراقبة النشاطات المشبوهة لجماعة الإخوان، في حين أكدت السلطات الأمنية الفرنسية، أنها تواصل مراقبة الوضع عن كثب، وأنها لن تتهاون مع أي محاولات للتدخل في الانتخابات المقبلة.
كما أشار بعض المحللين، أن الانتخابات المقبلة ستكون اختبارًا حاسمًا لفرنسا في قدرتها على مكافحة هذه الأنشطة غير القانونية التي تهدد الأمن القومي، مما يدعو إلى تشديد المراقبة على الجمعيات الخيرية والجماعات الدينية التي قد تعمل كمراكز انطلاق لهذه الأنشطة.
علّق الباحث المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، ماهر فرغلي - على ما كشفه التقرير السري الصادر عن أجهزة الاستخبارات الفرنسية بشأن تنامي نشاط جماعة الإخوان المسلمين قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في 2027- مؤكدًا أن الجماعة تعمل دائمًا وفق استراتيجية "الاختراق الناعم" للمجتمعات، باستخدام أدوات مشروعة ظاهريًا كالجمعيات والمنظمات، لكنها تخفي أهدافًا أيديولوجية خطيرة.
وقال فرغلي - في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر"-، إن الإخوان لا يرون في الديمقراطية غاية، بل وسيلة، مشيرًا أن الجماعة لطالما حاولت التغلغل في المؤسسات الغربية، مستغلة قيم الحريات والانفتاح لصالح مشروعها العقائدي.
وأضاف: "ما يحدث في فرنسا هو استمرار لنموذج مُكرر مارسته الجماعة في دول أوروبية عدة، مثل بريطانيا وألمانيا، حيث يتم استخدام واجهات ثقافية وخيرية لجذب الشباب المسلم، والتأثير على تشكيل الرأي العام في الأحياء المهمّشة".
وحذّر فرغلي من أن الجماعة تسعى إلى خلق لوبي سياسي داخل فرنسا، قادر على دعم مرشحين يمثلون أفكارها أو على الأقل لا يعارضونها، لافتًا إلى أن بعض هؤلاء المرشحين قد يقدّمون أنفسهم كمدافعين عن حقوق الأقليات بينما يحملون أجندات خفية.
وأشار أن التحرك الأمني الفرنسي ما يزال بطيئًا مقارنةً بخطورة هذا التمدد، مطالبًا بضرورة تصنيف جماعة الإخوان كـ"تنظيم إرهابي" على غرار ما فعلته دول عربية، مثل مصر والسعودية والإمارات، مؤكدًا أن تجاهل خطر الجماعة يعني السماح بتفاقم أزمة الاندماج داخل المجتمع الفرنسي.
وختم فرغلي حديثه بقوله: "الانتخابات الفرنسية المقبلة ستكون محكًا حقيقيًا، ليس فقط للديمقراطية، ولكن لقدرة فرنسا على تحصين نفسها ضد مشروع إخواني يسعى لفرض هيمنة أيديولوجية على مستقبل البلاد".