أموال بلا مصدر.. كيف تُموّل مخططات الإخوان في الأردن؟
أموال بلا مصدر.. كيف تُموّل مخططات الإخوان في الأردن؟

قبل خمس سنوات، أسدلت المملكة الأردنية الستار القانوني على جماعة الإخوان الإرهابية، بقرار من أعلى سلطة قضائية في البلاد، يقضي بحل الجماعة وسحب شرعيتها.
لكن رغم هذا القرار الحاسم، لم تغب الجماعة عن المشهد، بل واصلت العمل والنشاط السياسي عبر بوابة "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية التي بقيت ترفع الراية، بينما تبقى الخيوط الحقيقية للتحكم والتحريك في يد التنظيم المنحل، عبر شبكة علاقات مالية وتنظيمية غير معلنة.
هذا "الانفصال الشكلي" بين الحزب والتنظيم ليس إلا واجهة تخفي تحتها منظومة سرية، تستغل الغطاء السياسي والقانوني الذي توفره جبهة العمل الإسلامي، لتستمر في تنفيذ أجندات الجماعة، وتغذية صراعاتها الداخلية وتمويل مخططاتها التخريبية.
المسألة لا تقف عند حدود السياسة، بل تتجاوزها إلى شبكة تمويل غامضة وغير خاضعة للرقابة، تشكل العمود الفقري لاستمرار هذه المنظومة غير الشرعية في التحرك والعمل داخل الأردن.
إحباط المخطط الإرهابي.. إنذار صارخ
في مشهد يعكس خطورة التحدي، أعلنت السلطات الأردنية، الثلاثاء الماضي، عن توقيف 16 شخصًا على صلة بجماعة الإخوان الإرهابية، كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة.
التحقيقات كشفت أن هذه الخلية تعمل منذ عام 2021، وتتلقى تدريبات وتمويلاً من جهات خارجية، فيما يشير إلى أن نشاط الجماعة لم يتوقف، بل اتخذ أبعادًا أكثر تهديدًا للأمن الوطني.
وفقًا للأجهزة الأمنية، فإن من بين المضبوطات صاروخًا جاهزًا للإطلاق ومتفجرات وأدوات لتصنيع طائرات مسيّرة، في مؤشر واضح على طبيعة المخطط التخريبي.
الأخطر في القصة، أن التمويل جاء من خارج البلاد، عبر شخصية تدعى "عبدالله"، أحد قيادات التنظيم، ما يعزز الشكوك حول ارتباط الجماعة بأجندات إقليمية عابرة للحدود.
شبكة مالية معقدة.. بلا مساءلة
ملف الجماعة يكمن في مصادر تمويلها، فوفق تقديرات أمنية، تعتمد الجماعة على نظام مالي مغلق يتضمن اشتراكات شهرية من الأعضاء تصل إلى 5% من دخلهم، بالإضافة إلى الزكاة والتبرعات التي تجمع باسم الدين، وغالبًا ما تستخدم بعيدًا عن أغراضها المعلنة.
إلى جانب هذه المصادر، تتلقى الجماعة دعمًا من رجال أعمال مرتبطين بالفكر الإخواني، وتبرعات من أفراد داخل وخارج الأردن، يشتبه في ارتباط بعضهم بتمويل التنظيم الدولي للإخوان.
هذا النظام غير الخاضع للمساءلة يشكل خطرًا مزدوجًا، فهو يتيح تمويل الأنشطة التخريبية داخليًا، ويبقي الجماعة في حالة استعداد دائم لتنفيذ أجنداتها.
التأديب والتنظيم.. على طريقة "الظل"
يدار كيان الجماعة غير المرخص من خلال مجلس شورى الجماعة، الذي يمتلك الكلمة العليا حتى في تعيين قيادة جبهة العمل الإسلامي، كما يخضع أعضاء الجماعة والحزب لإجراءات تأديبية صارمة إذا خرجوا عن "الخط العام"، في إشارة إلى نظام رقابي صارم لا يتناسب مع طبيعة الأحزاب السياسية الديمقراطية، ما يعكس أن ما يجري ليس حزبًا سياسيًا بل كيانًا تنظيميًا يعمل في الظل.
مخطط خطير.. واستهداف للأردن
بعد كشف المخطط الإرهابي الأخير، دقت الأجهزة الأمنية الأردنية ناقوس الخطر، فما جرى لم يكن مجرد تحرك فردي، بل خطة مكتملة الأركان بدأت من تمويل خارجي، مرورًا بالتجنيد والتدريب، وانتهاءً بتجهيز الأسلحة داخل أراضي المملكة.
هذا التحرك يعكس نية خبيثة لاستهداف استقرار الأردن وإقحامه في صراعات لا تمت لمصالحه الوطنية بصلة، فقد أرادت الجماعة تحويل الأراضي الأردنية إلى منصة لتصفية حسابات سياسية وإيديولوجية، بحجة دعم قضايا خارجية، بينما الحقيقة أن المخطط يهدد السلم الأهلي ويستهدف وحدة البلاد.
ويقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، طارق البشبيشي: إن ما تم الكشف عنه مؤخرًا في الأردن من مخطط إرهابي يحمل توقيع جماعة الإخوان هو مؤشر واضح على أن هذا التنظيم لم يغادر مربع العنف والتآمر، رغم محاولاته التجمل بواجهة سياسية ناعمة تحت اسم جبهة العمل الإسلامي.
ويضيف البشبيشي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أن الجماعة في الأردن باتت تدار كشبكة ظل، تعتمد على تمويل غامض وتوجيهات خارجية، ما يثير تساؤلات خطيرة حول شرعية وجود أي ذراع لها على الساحة السياسية الأردنية، وهو ما تم في السنوات الماضية في مصر أيضًا، وهو دليل على غباء الجماعة.