حزب الله المستفيد الأول.. الأزمة الاقتصادية في لبنان تهدد محاكمة قتلة الحريرى

يستغل حزب الله اللبناني تردي الأوضاع الإقتصادية للتأثير على محاكمة قتلة رفيق الحريري

حزب الله المستفيد الأول.. الأزمة الاقتصادية في لبنان تهدد محاكمة قتلة الحريرى
رفيق الحريري

أعلنت المحكمة التى أسستها الأمم المتحدة لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى في 2005، مؤخرًا، أنها ستضطر للإغلاق بعد يوليو المقبل، إذا لم تتجاوز النقص الحاد في التمويل.


وقالت المحكمة في بيانها الذي صدر يوم الأربعاء الماضي: "تأسف المحكمة الخاصة بلبنان لإعلانها مواجهة أزمة مالية غير مسبوقة، دون تمويل فوري، لن تتمكن المحكمة من العمل بعد يوليو 2021".


ويؤكد إعلان المحكمة الدولية أن الأزمة الاقتصادية في لبنان لم تعد قاصرة على الخراب الأمني والمعيشي للمواطنين داخل البلاد، وإنما امتدت الأزمة لتطال هيبة القانون وإمكانية تحقيق العدالة داخل البلد الذي يعاني انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق منذ 200 عام وحالة بطالة وتضخم فادحة تصل إلى 174%، حسبما يؤكد البنك الدولي. 


هذه المرة، تصل الأزمة الاقتصادية إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، وتحديدًا قضية اغتيال الحريري وغيره من السياسيين والإعلاميين والمواطنين، وهي القضية التي برز حزب الله باعتباره المتهم الأول فيها.


لم تعد بيروت قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية.

ويشير بيان المحكمة صراحة إلى إلغاء محاكمة سليم عياش، القيادي في حزب الله، وهي المحاكمة التى كانت مفترضة بعد أسبوعين، وذلك بعد توقف التمويل عنها بسبب الانهيار الاقتصادي الذي أصاب لبنان ودمر مؤسساته، وأدى إلى انهيار العملة المحلية مقابل الدولار.


وبالإضافة إلى إلغاء بداية المحاكمة في قضية عياش، "علقت المحكمة جميع القرارات المتعلقة بالمستندات المودعة حاليا أمامها، وبأي مستندات تودع مستقبلاً وذلك حتى إشعار آخر".


وأوضح البيان أن المحكمة تواصل "جهودها المكثفة لجمع الأموال اللازمة من أجل إكمال عملها الهام، وتكرر نداءها العاجل إلى المجتمع الدولي مناشدةً إياه الاستمرار في دعمها مالياً"، حيث تعتمد المحكمة في تمويلها على مساهمات دول مانحة بنسبة 51%، فيما يمول لبنان 49% من ميزانيتها.


المحكمة المتواجدة في لاهاي قضت من قبل غيابيًا بالسجن مدى الحياة بحق سليم عياش، المتهم الرئيسي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، إلا أن الأمر لا يتوقف عند اغتيال الحريري؛ إذ إن عياش متهم في قضايا اغتيال عديدة أخرى، سواء عملية جاءت قبل اغتيال الحريري أو بعدها، وهو نهج الاغتيالات الذي اعتاده حزب الله في التعامل مع الحياة السياسية داخل لبنان. 


التقارير الداخلية في لبنان توضح كيف أن حزب الله سعى من عام 2005 لقطع الطريق على إمكانية تأسيس المحكمة الدولية، سواء باستمرار عناصر الحزب في تنفيذ المزيد من الاغتيالات السياسية والأمنية، أو رفض وزراء الحزب وحلفائهم لطلب الحكومة اللبنانية الموجه لمجلس الأمن الدولي لإنشاء المحكمة. 


وتذكر التقارير اللبنانية باحتلال مقاتلي حزب الله الموالي لإيران، للعاصمة بيروت بقوة السلاح، وقتلهم الضباط المسؤولين عن كشف الحقائق الخاصة بجرائم الاغتيال، إضافة إلى التدليس بأدلة كاذبة لتضييع التحقيق أمام المحكمة، وهو ما كشف عنه محققون دوليون على قدر كبير من الكفاءة وتشهد لهم الأروقة الأممية بتميز عملهم.


لم يتوقف الحزب المدعوم من طهران عند هذا الحد، بل إنهم جربوا التجسس على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ولجنة التحقيق الخاصة بها، ونشروا الشائعات حولهما، الأمر الذي أدى في كثير من الأحيان إلى تأخير عمل المحكمة بالفعل.


وعلى الرغم من المهنية المشهودة التي تتمتع بها المحكمة  الدولية وما تتمتع به ضمانات العدالة، إلا أن زعيم حزب الله، حسن نصر الله، رفض تمامًا تسليم أعضاء الحزب المشتبه بهم في جرائم الاغتيال، متعمدًا عرقلة عمل المحكمة ولتبقى المحاكمة ناقصة.


وعندما عمل وسام عيد، أحد أبرز المحققين اللبنانيين، على كشف أركان جريمة اغتيال الحريري، واستطاع بالفعل الكشف عن خطوط الهاتف المستعملة في موقع جريمة الاغتيال، وارتباط هذه الهواتف بعدد كبير من القياديين والعناصر في حزب الله بعملية الاغتيال، كان الاغتيال هو مصير المحقق وسام عيد، وقتل معه منفذو الاغتيالات بعبوة ناسفة كذلك.    


وتزامنًا مع الاعتداء الإرهابي واغتيال الحريري ومرافقيه، تورط عياش ورفاقه في محاولات اغتيال 3 آخرين من السياسيين اللبنانيين، وهم: مروان حمادة، وجورج حاوي، وإلياس المر.


المحكمة الدولية بطبيعة أسسها القانونية، لا تستهدف جماعات أو أحزابا، إلا أن مسار التحقيقات وما أظهرته من أدلة تكشف كيف أن حزب الله لم يكن سوى ميليشيات تستعمل سلاحها لتهديد اللبنانيين ودول المنطقة، وتتجلى آخر انتهاكات حزب الله في محاولاته الساعية لمنع تشكيل حكومة لإنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي والأمني.