كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع النفوذ الإيراني والروسي في سوريا؟
كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع النفوذ الإيراني والروسي في سوريا؟
يعد الموقف الأمريكي في سوريا معقدًا ومتداخلًا بشكل كبير، خاصة بعد الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
يتزايد التنافس الدولي على النفوذ في سوريا مع تصاعد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، سواء في ترتيب النفوذ بعد الأسد أو لمواجهة القوى المناوئة للسياسة الأمريكية، وفي مقدمتها روسيا وإيران.
وتوجهت الولايات المتحدة - في هذا السياق- نحو العمل مع جميع المجموعات السورية من خلال إطلاق مرحلة انتقالية تقودها الأمم المتحدة، وتهدف إلى صياغة دستور جديد لسوريا وفقًا للترتيبات المستقبلية.
أعقاب سقوط الأسد والقوى الكبرى
في أعقاب سقوط الأسد، تسعى القوى الكبرى لتحقيق مكاسب في سوريا وسط تغيرات في اللاعبين الرئيسيين. ففي الوقت الذي تواصل فيه الضربات الجوية الإسرائيلية والتركية والأمريكية، خلصت "نيويورك تايمز" إلى أن "خريطة النفوذ" في سوريا أصبحت جائزة ثمينة تحارب القوى الكبرى من أجل السيطرة عليها، نظرًا لموقعها الاستراتيجي الذي يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الفرات وما وراءه.
دعم كل من إيران وروسيا نظام الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، بينما كانت الولايات المتحدة وتركيا وحلفاؤها يدعمون فصائل المعارضة المسلحة. ومع فرار الأسد من سوريا، من المتوقع أن تفقد إيران جزءًا كبيرًا من نفوذها العسكري في لبنان وسوريا، ما يحد من طموحاتها في تشكيل "محور المقاومة" الذي كان يمتد إلى البحر الأبيض المتوسط.
العلاقة الإيرانية بسوريا تعود إلى خمسين عامًا مضت، عندما دعم حافظ الأسد إيران في حربها مع العراق، ومنذ ذلك الحين أصبحت سوريا جزءًا أساسيًا من "محور المقاومة" الإيراني.
ومع تزايد نفوذ إيران في الشرق الأوسط عبر دعم جماعات مسلحة، شكلت سوريا جسرًا استراتيجيًا لنقل الأسلحة إلى "حزب الله" في لبنان؛ مما يعزز تأثير إيران في المنطقة.
روسيا وخسارة جزئية
من جهة أخرى، بعد انهيار نظام الأسد، قد تواجه روسيا خسارة جزئية لنفوذها في سوريا. ولكن مع ذلك، يُتوقع أن تحاول روسيا الحفاظ على قاعدتها البحرية في طرطوس، التي تعتبر الميناء الوحيد لأسطولها في البحر الأبيض المتوسط.
وعززت روسيا حضورها العسكري في سوريا عبر نشر مقاتلي "فاجنر" وتوسيع قاعدتها البحرية في طرطوس، بالإضافة إلى افتتاح قاعدة جوية قرب دمشق.
العلاقة الروسية السورية تعود إلى الحقبة السوفييتية، ومع تزايد النفوذ الأمريكي في المنطقة بعد الحرب الباردة، شكلت حكومة الأسد حليفًا استراتيجيًا لروسيا لمواجهة الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط.
ووفقاً للصحيفة، لم تكن العلاقات الأميركية-السورية ودية أبدًا، إذ قطعت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا في عام 1967 إبان الحرب العربية-الإسرائيلية، وأدرجت سوريا على قائمة "الدول الراعية للإرهاب" في عام 1979.
ويكمن الاهتمام الرئيسي للولايات المتحدة في سوريا حاليًا في القضاء على "داعش"، الذي ما يزال يحتفظ بوجوده في أجزاء من شمال شرق، ووسط البلاد.
وفي عام 2019، خلال الولاية الأولى للرئيس المنتخب دونالد ترمب، سحبت الولايات المتحدة معظم قواتها من سوريا، لكن نحو 1000 جندي من القوات الخاصة الأميركية ما زالوا متمركزين في البلاد، حيث يعملون بشكل وثيق مع القوات الكردية السورية التي دربتها الولايات المتحدة.
وقال الرئيس جو بايدن، الأحد: إن الجيش الأميركي يشن غارات جوية في سوريا لمنع "داعش" من إعادة تشكيل نفسه في الفراغ الأمني، الذي خلفه الإطاحة ببشار الأسد.
وأكد الرئيس الأميركي، أن الولايات المتحدة ستدعم المنطقة "في حال ظهور أي تهديد من سوريا خلال هذه الفترة الانتقالية".