مصير مجهول لماهر الأسد.. من هو حارس النظام المعروف بـ جزار درعا؟
مصير مجهول لماهر الأسد.. من هو حارس النظام المعروف بـ جزار درعا؟
منذ لحظة ولادته، شكل ماهر حافظ الأسد جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي السوري المعقد، حيث حمل إرث عائلته السياسية الثقيلة، وتقلد أدوارًا حاسمة في بقاء نظام والده ثم شقيقه، عُرف ماهر بشخصيته الصلبة ودوره البارز في قمع المظاهرات المناهضة للنظام، ما أكسبه ألقابًا متعددة مثل "حارس العائلة" و"جزّار درعا"، وبعد سقوط نظام بشار الأسد الأسبوع الماضي ورحيله إلى موسكو، تصاعدت التكهنات حول مصير ماهر الذي ظل طوال عقود رمزًا للنفوذ العسكري والأمني.
وبينما نفت الداخلية العراقية وجوده على أراضيها، يظل السؤال المطروح: أين هو ماهر الأسد؟
*الطفولة والنشأة*
وُلد ماهر الأسد في 8 ديسمبر 1967، ليكون الابن الأصغر للرئيس السوري حافظ الأسد، عاش في كنف عائلة سياسية تمسك بزمام السلطة في سوريا منذ سبعينيات القرن الماضي.
ورغم شخصيته القوية التي ظهرت في وقت مبكر، إلا أن ظهوره على الساحة العامة تأخر حتى أواخر التسعينيات.
برز ماهر بشكل لافت بعد وفاة شقيقه باسل الأسد عام 1994، الذي كان يُعد الوريث الشرعي للحكم. إلا إن "الطبيعة المتقلبة" لماهر حالت دون منحه فرصة الخلافة، التي ذهبت إلى شقيقه بشار.
ومع ذلك، استمر ماهر في تعزيز نفوذه داخل المؤسسة العسكرية، خاصة من خلال قيادته للفرقة الرابعة المدرعة والحرس الجمهوري، وهما الوحدتان الأكثر ولاءً للنظام.
*طبيعة متقلبة*
في عام 1999، أثارت حادثة إطلاق النار التي تورط فيها ماهر الأسد على صهره آصف شوكت اهتمامًا واسعًا في الداخل والخارج.
وقع الحادث إثر خلاف عائلي تصاعد إلى مواجهة عنيفة، انتهت بإطلاق النار على شوكت، الذي أُصيب بجروح خطيرة تطلبت نقله إلى مستشفى عسكري في فرنسا للعلاج.
ورغم تداعيات الحادثة التي كشفت عن طبيعة ماهر الحادة والمتقلبة، لم تؤثر هذه الواقعة بشكل كبير على موقعه داخل النظام السوري، بل على العكس، استمر في تعزيز نفوذه داخل الدائرة الضيقة للحكم.
عقب وفاة والده حافظ الأسد عام 2000، لعب ماهر دورًا محوريًا في انتقال السلطة إلى شقيقه بشار، حيث استغل مكانته القيادية في الجيش وحزب البعث لضمان استقرار النظام. ومع صعود بشار إلى الرئاسة، تمكن ماهر من إحكام سيطرته على الفرقة الرابعة المدرعة، التي أصبحت أداة رئيسية في ترسيخ قبضة النظام على سوريا، خاصة في مواجهة أي تهديد داخلي.
*جزّار درعا*
عندما اندلعت المظاهرات المناهضة للنظام السوري في مارس 2011، وجد ماهر الأسد نفسه في قلب المواجهة.
بصفته قائد الفرقة الرابعة المدرعة والحرس الجمهوري، تولى قيادة العمليات العسكرية التي استهدفت قمع الاحتجاجات منذ بدايتها، خاصة في مدينة درعا، التي كانت مهد الثورة السورية.
في أبريل من العام نفسه، أشرف ماهر شخصيًا على حملة عسكرية عنيفة في المدينة، استخدم فيها القوة المفرطة لقمع المظاهرات السلمية، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى.
نتيجة لذلك، أطلقت عليه وسائل الإعلام لقب "جزّار درعا"، في إشارة إلى دوره البارز في قمع الحركة الاحتجاجية.
تجاوز دور ماهر حدود درعا، حيث أصبح مسؤولًا عن التخطيط والإشراف على العديد من العمليات العسكرية ضد المعارضين في مختلف المدن السورية، مما جعل الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري أذرعًا أساسية في سياسات القمع التي انتهجها النظام.
على الصعيد الدولي، أثار دور ماهر في قمع المتظاهرين إدانات واسعة، دفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات عليه، شملت تجميد أصوله وحظر التعامل معه.
كما أدرجه الاتحاد الأوروبي ضمن قائمة المسؤولين السوريين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، متهمًا إياه بقيادة حملات عنف ممنهجة ضد المدنيين.
من خلال أدواره العسكرية المتعددة، أصبح ماهر الأسد رمزًا للقمع الدموي الذي وُصمت به سياسات النظام السوري، حيث ظل طيلة فترة الحرب الأهلية أبرز أذرع النظام وأكثرها ولاءً.
*اتهامات بالجرائم الكيميائية*
برز اسم ماهر مجددًا في أغسطس 2013 بعد اتهامه بإعطاء الأوامر لتنفيذ هجمات كيميائية في الغوطة الشرقية، أسفرت عن مقتل مئات المدنيين، وهو ما اعتبرته المنظمات الدولية جريمة حرب.
ورغم نفي النظام السوري هذه الاتهامات، استمر ماهر في الاحتفاظ بموقعه المؤثر داخل الجيش، مع تطور الصراع السوري، تورط ماهر الأسد في شبكات اقتصادية غير مشروعة.
في مارس 2023، فرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية عليه بسبب تورطه في إنتاج وتهريب الكبتاغون، الذي أصبح مصدر دخل رئيسيًا للنظام السوري.
*مصير مجهول بعد سقوط النظام*
بعد سقوط نظام بشار الأسد ورحيله إلى موسكو، باتت التساؤلات تحوم حول مصير ماهر، ومع نفي وزارة الداخلية العراقية وجوده على أراضيها، ما تزال التكهنات بشأن مكانه ودوره المستقبلي قيد التداول.