إيران بعد انتخاب الرئيس.. بين رفض المتظاهرين وملاحقة إبراهيم رئيسي دوليًا

خرجت مظاهرات منددة بفوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الإيرانية

إيران بعد انتخاب الرئيس.. بين رفض المتظاهرين وملاحقة إبراهيم رئيسي دوليًا
صورة أرشيفية

اندلعت الاحتجاجات الشعبية المناهضة للسلطات الإيرانية في عدد من المدن الإيرانية، لاسيما مدينة "باغ ملك"، الواقعة شرق محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، وسط غضب شعبي بسبب عمليات التزوير واسعة النطاق في الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات والانتخابات الرئاسية التي انتهت بفوز المتشدد إبراهيم رئيسي. 


وشهدت إيران، يوم الجمعة الماضي، إجراء انتخابات رئاسية ومجالس محافظات في عموم البلاد، وشارك في تلك الانتخابات 28 مليونا، بحسب ما أعلن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي، خلال مؤتمر صحفي.


كما خرج "العشرات من شبان مدينة باغ ملك في وقت متأخر من مساء السبت، إلى الشوارع احتجاجاً على عمليات تزوير واسعة النطاق، وحساب النتائج الفرعية في هذه المدينة".


بحسب موقع "آوا تودي" الإيراني المعارض، قالت مصادر محلية: إن "قوات عسكرية وصلت إلى المدينة قادمة من مدينة الأحواز عاصمة خوزستان، فجر الأحد، وفرضت أحكاماً عرفية فيها ومنعت الناس من الدخول والخروج خارج مدينة باغ ملك".

قتيل في احتجاجات ضد تزوير الانتخابات


وأكدت وكالة أنباء "ركنا" الإيرانية، أن ما شهدته مدينة باغ ملك فجر الأحد، جاء بسبب اندلاع مواجهات بين أنصار اثنين من مرشحي الانتخابات المحلية في المدينة، الأمر الذي استدعى تدخل قوات الشرطة الخاصة".


كما انعقد يوم الأحد تجمع كبير احتفالاً بالذكرى الأربعين للانتفاضة التاريخية في 20 يونيو 1981، بحضور السیدة مریم رجوي رئیسة الجمهوریة المنتخبة من قبل المقاومة الإیرانیة، التي ألقت كلمة مطولة خلال التجمع. 


حشود إيرانية تشارك ذكرى الانتفاضة


وبحسب التقارير الإيرانية، شارك في هذا المؤتمر حشود من الإيرانيين في 17 دولة وأكثر من 2000 نقطة، في اتصال مباشر عبر الإنترنت، مع ‌المقر الرئيسي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية.


وتحدث في التجمع  الإيراني عدد من أعضاء مجاهدي خلق الأشرفيين، الذين شهدوا مشاهد انتفاضة نصف مليون شخص في طهران وتظاهرات أخرى في 20 يونيو 1981؛ إذ يمثل هذا اليوم ذكريات تاريخية ونضال وبطولة أعضاء مجاهدي خلق الرائدين ضد قوات حرس الخميني.


واحتفل المشاركون والمتحدثون بذكرى انطلاق المقاومة الثورية ضد نظام الملالي، ويوم الشهداء والسجناء السياسيين، وذكرى تأسيس جيش التحرير الوطني الإيراني، الذي يشكل عنوانا وأيقونة ثورية لمقاومة الشعب الإيراني المستمرة والثابتة لإسقاط ديكتاتورية الملالي. 

ضربة سياسية لنظام الملالي


وفي كلمتها، قالت مریم رجوي: إن مقاطعة الانتخابات الرئاسية الإيرانية وجهت ضربة سياسية واجتماعية للمرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي.


وأوضحت أن المقاطعة‌ الشاملة هي الوجه الآخر للانتفاضة الكبرى في نوفمبر  2019، مؤكدة أنه یمكن أن تسمع من خلالها خطى الانتفاضات المقبلة، لافتة إلى خروج "الدكتاتورية الدينية" من هذه الانتخابات ضعيفة وأكثر هشاشة من أي وقت مضى.


وشددت رئيسة المعارضة الإيرانية في كلمتها على أن ما جرى مؤخرا كان نقطة تحول ومنعطفا كبيرا للأوضاع باتجاه إسقاط نظام الملالي.


كما تطرقت رجوي إلى انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا للجمهورية، قائلة: إن "وضع سفاح مجزرة ومجرم ضد الإنسانية في منصب الرئاسة للنظام علامة على العجز ونقطة النهاية والسقوط"، ووصفت توليه الرئاسة بأنه مظهر من مظاهر الجمود وغياب الحل.


كما دعت رئيسة المقاومة الإيرانية إلى تقديم رئيسي إلى محكمة دولية، مؤكدة أن هذه الخطوة مطلب للشعب الإيراني.

جلاد مجزرة 1988 رئيسًا لإيران


وجاء حفل المقاومة الإيرانية في اليوم التالي لتعيين إبراهيم رئيسي، من قبل البديل الديمقراطي لنظام ولاية الفقيه، بمشاركة طيف واسع من الإيرانيين داخل إيران وخارجها. 


وإبراهيم رئيسي هو الجلاد الذي أمر بإعدام جماعي لآلاف الأشخاص وتعذيب النساء الحوامل وانتخب رئيساً للنظام. ويُعرف رئيسي باسم "جلاد مجزرة عام 1988" لإعدامه وإخفائه قسريًا لآلاف الشخصيات المعارضة وتعذيب النساء الحوامل في إيران.


كما يتهمه المجتمع الدولي بأنه أعدم ما يصل إلى 30 ألف معارض إيراني في مجموعات مكونة من عشرة أشخاص، باستخدام الرافعات المستخدمة في البناء. 
وأثبتت مقاطعة الانتخابات مرة أخرى للعالم أن الصوت الوحيد للشعب الإيراني هو قلب نظام الملالي المتخلف والإطاحة به.

نسبة المشاركة الحقيقية


وكشفت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أن نسبة المشاركة الحقيقية في هذه الانتخابات كانت 10% فقط، وأن النظام ضخم هذا الرقم إلى بعد فلكي، بعد ضربه بخمسة أضعاف.


وقد استندت منظمة مجاهدي خلق في هذا التقييم إلى تقارير مراسليها البالغ عددهم 1200 مراسل من 400 مدينة في إيران، نقلاً عن أكثر من 3500 فيلم وفيديو من مراكز الاقتراع.


وتقول منظمة العفو الدولية، التي يدعم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية دعواتها، إنه يجب محاكمة رئيسي على جرائمه ضد الإنسانية.


رئيسي يكشف مخاوفه من الملاحقة القضائية


وكشف الرئيس الإيراني الجديد عن مخاوفه من الملاحقة القضائية على الجريمة ضد الإنسانية، في أول مؤتمر صحفي له؛ إذ أعرب عن خوفه من المساءلة الدولية بسبب مجزرة السجناء السياسيين والملاحقة والمحاكمة على الجريمة ضد الإنسانية، وقال في محاولة للهروب إلى الأمام: "كانت حقوق الإنسان هي النقطة المركزية التي كنت أتابعها دائمًا في جميع مسؤولياتي... كل الإجراءات التي اتخذتها كانت دائمًا في الدفاع عن حقوق الإنسان".


وأضاف رئيسي: أنه "يستحق الثناء" لدفاعه عن حقوق الشعب. وقال سفاح مجزرة 1988 في نفس الوقت بوقاحة تفوق التصور: "أنا بصفتي المدعي العام فخور بالدفاع عن حقوق الشعب، والدفاع عن أمن الشعب، والدفاع عن رفاه الناس، أينما كنت". 


مواصلة إعدام الإيرانيين


من جانبها، عقبت مريم رجوي على تصريحات رئيس إيران المتشدد، قائلة: إنه من الواضح أن هذا الجلاد يعتزم مواصلة جرائمه ضد الإنسانية بالافتخار بها، لكنه يحاول عبثًا أن يخلص ذمته من الدماء المغلية لضحايا عام 1988. 


وأضافت: "هذه هي بداية المشوار. شعب إيران لا ينسى. رئيسي وخامنئي لا مفر لهما من السقوط. يجب تقديمهما للعدالة وهذا حكم التاريخ ومطلب الشعب الإيراني وسيتحقق بلا شك".

عقبائي يحذر من أثر انتخاب رئيسي على استقرار المنطقة


فيما حذر عضو في المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة، مهدي عقبائي، من أثر انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على الاستقرار في المنطقة، قائلاً: إن انتخاب رئيسي يأتي في الوقت الذي يحاول مرشد الجمهورية علي خامنئي سد الفراغ الذي خلفه اغتيال قاسم سليماني بغارة أميركية في العراق.


وأشار عقبائي في تصريح صحفي، إلى تعقيدات داخلية إيرانية تعترض تنفيذ مشاريع خامنئي في المنطقة، لافتًا إلى أن النظام الإيراني خرج من الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضعیفا مهلهلا و‌أکثر هشاشة‌.


 وأضاف: أن النظام قام بقصقصة أجنحته الداخلیة التی کان یرکن علیها منذ 40 عاما لتمرير الانتخابات، واصفًا نظام المرشد بأنه عبارة عن شریحة ضیقة من أتباع الولي الفقیه، مؤكدا على أن هذه الشريحة قلیلة جدا. 


وأوضح أن المتشددین -أتباع ولایة الفقیه- لا یشکلون سوی 4% من الإیرانیین وهم من قوات الحرس والباسیج (التعبئة) وعوائلهم، فضلا عن مجامیع من قوات الأمن وقوی الأمن الداخلیة.


وشدد على أن صوت الغالبية الإيرانية  سيرتفع يوم ۱۰ تموز/ یولیو القادم في أکبر تجمع للمقاومة الإیرانیة عبر الإنترنت من خلال ربط عشرات آلاف من النقاط داخل إیران وخارجها.