سوريا بين الفوضى والصراعات.. من يرسم خريطة النفوذ؟.. خبراء يُجيبون

سوريا بين الفوضى والصراعات.. من يرسم خريطة النفوذ؟.. خبراء يُجيبون

سوريا بين الفوضى والصراعات.. من يرسم خريطة النفوذ؟.. خبراء يُجيبون
سوريا

تصاعدت الأحداث الدامية في الساحل السوري حديثًا، حيث تشهد البلاد موجة جديدة من العنف والاغتيالات التي تطال شخصيات بارزة، وسط توتر متزايد يُثير التساؤلات حول الجهات المستفيدة من تأجيج الفوضى، سوريا، التي كانت ساحة لصراعات متعددة خلال العقد الماضي، تبدو اليوم وكأنها عالقة في دوامة من الأزمات الداخلية والتدخلات الخارجية، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية في مشهد معقد يصعب فصله عن الحسابات السياسية والاقتصادية، في ظل هذا الواقع، يُطرح السؤال، هل الفتنة المتصاعدة في البلاد نتاج لصراعات داخلية، أم أنها جزء من لعبة دولية تُحاك خيوطها من وراء الستار؟

الفوضى المتزايدة


مع كل اغتيال سياسي أو تصعيد عسكري، يتجدد الجدل حول من يقف وراء هذه العمليات التي تزيد المشهد السوري تعقيدًا.
يرى خبراء أن حالة الفوضى ليست محض صدفة، بل هي نتاج صراع مستمر بين قوى داخلية تحاول تعزيز نفوذها، وقوى إقليمية ودولية تعمل على إعادة تشكيل خارطة السيطرة في البلاد.


من جانبه، يقول المحلل السياسي علاء أصفري، إن الوضع في سوريا يشهد صراعًا متعدد الأوجه، حيث تتداخل المصالح السياسية مع الحسابات الأمنية. 


وأضاف - في حديثه لـ"العرب مباشر" - إذا كان الداخل قويًا ومتماسكًا، فلن يستطيع الخارج فرض أي أجندة عليه، مشيرًا إلى أن الانقسامات الداخلية هي التي تُتيح للأطراف الخارجية استغلال الأوضاع لخدمة مصالحها.


وأوضح أن عدم الاستقرار المجتمعي والتوتر الطائفي هما بيئة خصبة لأي تدخل خارجي، مضيفًا، الظلم والإقصاء يُولّدان إحساسًا بالغبن، مما يمهد الطريق أمام قوى خارجية لاستغلال هذا الواقع لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية.

إيران.. لاعب إقليمي في المشهد السوري


في السياق ذاته، إيران، التي عزّزت وجودها في سوريا منذ اندلاع الأزمة عام 2011، باتت طرفًا لا يمكن تجاهله في معادلة النفوذ داخل البلاد. 


حيث تعتبر طهران أن وجودها العسكري والسياسي في سوريا يشكل ركيزة استراتيجية ضمن مشروعها الإقليمي، إلا أن هذا الدور يواجه رفضًا من أطراف محلية وإقليمية.

يقول د. محمد محسن خبير الشؤون الإيرانية، إن طهران لن تقبل بالخروج من سوريا مهزومة، وهي تسعى لضمان استمرار نفوذها، حتى وإن كان ذلك عبر دعم ميليشيات محلية". 


ويضيف - في تصريحات لـ"العرب مباشر" - أن طهران تعمل على تثبيت مواقعها عبر تحالفات مع أطراف داخلية، في محاولة لإعادة ضبط علاقاتها مع دمشق، لا سيما بعد تحركات وساطة قطرية حديثًا.


وأشار محسن إلى أن وجود إيران في المعادلة يزيد من تعقيد الأزمة، مضيفًا أن التدخل الإيراني في الساحل السوري مرفوض شعبيًا، وهو أحد أسباب استمرار التوتر في المنطقة، موضحًا أن انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، بدعم من قوى إقليمية، يُفاقم حالة الفوضى الأمنية.


الاقتصاد المنهار والفوضى.. يغذيان الأزمة


لا يُمكن فهم الأزمة السورية بمعزل عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي يضغط على المجتمع، تعاني سوريا من انهيار اقتصادي غير مسبوق، حيث ارتفعت معدلات الفقر والبطالة بشكل حاد، مما يدفع بعض الأفراد إلى اللجوء لأنشطة غير قانونية.


من جانبه، يقول اللواء سليم حربا، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن "الوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا يخلق بيئة خصبة للجريمة والفوضى"، مشيرًا إلى أن بعض الفصائل المسلحة التي كانت تعمل خارج سيطرة الدولة، أصبحت الآن جزءًا من المشهد الرسمي، مما يُعقد جهود ضبط الأمن.


محذرًا من أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة تزيد من حالة الاحتقان الشعبي، مضيفًا أن النازحين الذين أُجبروا على مغادرة منازلهم بسبب العنف المستمر يعيشون في ظروف مأساوية، فيما تتفاقم الأزمة نتيجة غياب أي حلول سياسية حقيقية.

إعادة رسم خارطة النفوذ في سوريا


في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، يُطرح تساؤل حول ما إذا كانت سوريا على أعتاب مرحلة جديدة من إعادة توزيع النفوذ بين اللاعبين الدوليين. 


يرى البعض أن الإعلان الدستوري المرتقب قد يكون خطوة نحو تحقيق استقرار نسبي، لكنه يواجه عقبات كبيرة.


يرى مراقبون أن العقبات الحالية قد تكون هذه فرصة للرئيس الشرع لإثبات قدرته على ضبط الأوضاع، لكن أي تسوية سياسية يجب أن تتجاوز العقبات الأمنية والاقتصادية لضمان نجاحها، وسط تخوفات من غياب الدور الأمريكي عن المشهد السوري الذي قد يترك فراغًا تستغله قوى أخرى مثل تركيا وإسرائيل.