احتدام الصراع بين إيران وأذربيجان.. هل ستتورط تركيا في نزاع مسلح محتمل بينهما؟

احتدم الصراع بين إيران وأذربيجان

احتدام الصراع بين إيران وأذربيجان.. هل ستتورط تركيا في نزاع مسلح محتمل بينهما؟
صورة أرشيفية

شهدت أذربيجان وإيران، وهما دولتان مسلمتان ذات أغلبية شيعية تربطهما روابط عرقية ولغوية قوية وقرون من التاريخ، أسوأ تصعيد في علاقاتهما المتوترة في يناير عندما تعرضت السفارة الأذربيجانية في طهران لهجوم مسلح، حسب صحيفة "واشنطن بوست".

وجاء ذلك في أعقاب التعزيز العسكري الإيراني على حدودها مع أذربيجان في نزاع بين الجارين حول إسرائيل. 

وأضافت الصحيفة: أن الصراع الذي يختمر الآن، له تداعيات على منطقة القوقاز الكبرى، وهو أمر مهم لروسيا وتركيا حيث تتقاطع مع خطوط الأنابيب التي تشحن النفط والغاز الطبيعي إلى الغرب.

سبب التوترات 

وعن السبب وراء هذه التوترات، أوضحت الصحيفة أن إيران لديها أقلية عرقية أذربيجانية كبيرة، والتي يعتقد أنها تمثل حوالي ثلث سكانها البالغ عددهم 85 مليون نسمة، كانت إيران حذرة من المشاعر الانفصالية داخل الأذربيجانيين العرقيين الذين يطلقون على أنفسهم أيضًا الأتراك، بينما اتهمت السلطات الأذربيجانية إيران بحرمانهم من بعض حقوق الأقليات، مثل الحق في التعليم بلغتهم، بالإضافة إلى ذلك، ألقى المسؤولون الأذربيجانيون باللوم على إيران لدعمها أرمينيا في الصراع الطويل الأمد حول منطقة ناغورنو كاراباخ الانفصالية في أذربيجان. واندلعت التوترات من حين لآخر في السنوات الثلاثين الماضية بسبب العلاقات الودية بين أذربيجان وإسرائيل ومشاريع الطاقة مع الشركات الغربية بما في ذلك شركة BP Plc.

أثر النزاع على إيران

وأشارت الصحيفة أنه بعد أن انتصرت أذربيجان في حرب استمرت 44 يومًا مع أرمينيا في عام 2020، استعادت مناطق على امتداد 130 كيلومترًا (81 ميلًا) من حدودها مع إيران والتي احتلها الأرمن منذ التسعينيات، كما استعادت جزءًا من الطريق السريع الرئيسي الذي يربط إيران بأرمينيا، وهو طريق تجاري مهم للبحر الأسود وروسيا. كان رد فعل طهران غاضبًا عندما فرضت أذربيجان ضريبة باهظة على الشاحنات الإيرانية التي تنقل البضائع إلى أرمينيا؛ ما أدى فعليًا إلى شل التجارة بينها وتعريض وصول إيران إلى الأسواق البعيدة للخطر، واتهم الرئيس إلهام علييف إيران بتجاهل مطالب وقف تسليم البضائع للأرمن في ناغورنو كاراباخ، وتناقش إيران وأرمينيا خططًا لطريق بديل يتجنب أذربيجان.

دور إسرائيل في التوترات

أردفت الصحيفة الأميركية أن أذربيجان مورد نفط رئيسي لإسرائيل، كما أنها تشتري طائرات بدون طيار عالية التقنية وأسلحة أخرى من إسرائيل، والتي أثبتت أنها حاسمة في الحرب ضد أرمينيا، وكانت إسرائيل ثاني أكبر مورد للأسلحة لأذربيجان في الفترة من 2011 إلى 2020، بعد روسيا، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. فتحت إسرائيل سفارة في باكو عاصمة أذربيجان، في أوائل التسعينيات، واستضافت أذربيجان قادة إسرائيليين. قبل أسابيع من هجوم السفارة في طهران، وافق البرلمان الأذربيجاني على مشروع قانون لفتح سفارة في إسرائيل، في خرق لسياسة دامت عقودًا بعدم وجود بعثة دبلوماسية في الدولة اليهودية، خشية أن تثير غضب إيران، وترى إيران أن علاقات باكو بإسرائيل تشكل تهديدا للأمن القومي.

مخاوف طهران

تقول الصحيفة: إنه لسنوات تشتبه إيران في أن إسرائيل تستخدم العلاقة للتجسس على إيران من خلال أدوات مثل طائرات المراقبة بدون طيار، كما أن دائرة حدود الدولة الأذربيجانية هي المتلقي الرئيسي للاستخبارات الإسرائيلية المتطورة والطائرات بدون طيار الهجومية، وتتهم إيران إسرائيل بالوقوف وراء الهجمات على منشآتها النووية والعسكرية واغتيال العلماء، ولم تؤكد إسرائيل التي تعهدت بمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية تورطها فيها، وفي عام 2021، أجرى الحرس الثوري الإيراني مناورات عسكرية واسعة النطاق بالقرب من الحدود مع أذربيجان، كما اتهم مسؤولون إيرانيون أذربيجان بالسماح لإسرائيل بأن يكون لها وجود عسكري بالقرب من الحدود، لكن أذربيجان نفت إيواء قوات إسرائيلية وردّت بإجراء مناورات عسكرية مع تركيا بالقرب من الحدود الإيرانية.

الهجوم على سفارة أذربيجان في طهران

في يناير، ألقى مسؤولون أذربيجانيون باللوم على إيران فيما وصفوه بهجوم إرهابي على سفارتهم في طهران، وقالت إيران: إن الاستجواب الأولي للمسلح، الذي احتجزته الشرطة، أشار إلى أنه تصرف بدوافع شخصية، ورفض دبلوماسي أذربيجاني كبير ذلك ووصفه بأنه "سخيف"، زعم موقع "كاليبر" الإخباري الموالي للحكومة، نقلاً عن مصادر لم يسمها في الحكومة الأذربيجانية، أن "الخدمات الخاصة" الإيرانية كانت وراء الهجوم، وأغلقت أذربيجان السفارة، وأجلت الموظفين وعائلاتهم، كما حذرت وزارة الخارجية في باكو المواطنين من زيارة إيران.

توريط تركيا

رأت" واشنطن بوست" أن اندلاع القتال بين أذربيجان وإيران من شأنه أن يورط بسرعة تركيا العضو في الناتو، التي لديها اتفاقية دفاع مشترك مع أذربيجان، فلطالما كانت تركيا الداعم العسكري الرئيسي لأذربيجان، ودعمتها علنًا بالأسلحة والمستشارين ضد أرمينيا في حرب عام 2020، وتقوم الآن بنشر قوات لمراقبة وقف إطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا إلى جانب روسيا التي أرسلت 2000 جندي حفظ سلام إلى ناغورنو كاراباخ، وتمتلك روسيا قاعدة عسكرية في أرمينيا، ولدى الدولتين اتفاقية دفاعية.

المخاطر الاقتصادية للصراع

تشير الصحيفة إلى أن النزاع المسلح بين إيران وأذربيجان قد يعرض مشاريع الطاقة الإقليمية للخطر، فقد استثمرت شركة بريتيش بتروليوم وشركاؤها أكثر من 70 مليار دولار في مشاريع تطوير الطاقة والنقل في أذربيجان منذ عام 1994، وتشمل المشاريع خط أنابيب نفط بطول 1.768 كيلومتر  يربط إنتاج بحر قزوين بميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، وساعدت أذربيجان أيضًا في بناء 3500 كيلومتر (2174 ميلًا) من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر جورجيا وتركيا، وبدأت أذربيجان تصدير الغاز في 31 ديسمبر إلى دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اليونان وإيطاليا، عبر ممر الغاز الجنوبي المدعوم من الولايات المتحدة، وفي يوليو وافقت البلاد على مضاعفة صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا بحلول عام 2027.