واشنطن تُشهر سيفها.. خطط أمريكية جاهزة لضرب إيران إذا تعثرت الدبلوماسية

واشنطن تُشهر سيفها.. خطط أمريكية جاهزة لضرب إيران إذا تعثرت الدبلوماسية

واشنطن تُشهر سيفها.. خطط أمريكية جاهزة لضرب إيران إذا تعثرت الدبلوماسية
إيران

في مشهد يُذكّر بأجواء ما قبل الحروب الكبرى، خرجت واشنطن عن حيادها المعلن حيال البرنامج النووي الإيراني، لتكشف عبر قائد قواتها في الشرق الأوسط أن الخطط العسكرية أصبحت جاهزة، تنتظر فقط إشارة البدء إذا ما انهارت المفاوضات مع طهران.

وبينما يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إحياء مسار التفاوض عبر جولة جديدة خلال أيام، بدا أن المؤسسة العسكرية الأمريكية تتحضّر لاحتمال أكثر سوادًا.

تصريح الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية، لم يأتِ في فراغ، بل يتقاطع مع تصعيد ملحوظ في لهجة واشنطن تجاه طهران، خصوصًا مع التقدم المتسارع في قدرات إيران النووية، ودورها الإقليمي الذي تعتبره الولايات المتحدة "مزعزعًا للاستقرار".

ما تطرحه واشنطن اليوم ليس فقط ضغطًا سياسيًا، بل تهديدًا عسكريًا صريحًا يعكس استعدادًا لحسم الخلاف بالقوة إذا فشلت الكلمات، فهل المنطقة تتحضر إلى سيناريوهات "الضربة الوقائية".

*طهران تشكل خطرًا*


مع كل يوم تتعثر فيه الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران، تزداد ملامح الخيار العسكري حضورًا في المشهد، أحدث مؤشر على ذلك جاء من الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، الذي أكد أن الجيش الأمريكي بات يمتلك "خططًا عملياتية جاهزة" للتعامل مع إيران إذا فشلت جهود التوصل إلى اتفاق حول برنامجها النووي أو دورها في الإقليم.

تصريحات كوريلا، التي نقلتها وسائل إعلام أمريكية، لم تترك مجالًا للغموض: "نحن نُبقي على خيارات عملياتية واسعة، تحسبًا لأي انهيار في المسار الدبلوماسي".

هذا التصريح يأتي بينما تتهيأ واشنطن لجولة جديدة من المفاوضات مع طهران، في وقت تبدو فيه المسافة بين الجانبين أبعد من أي وقت مضى.

وفق تقديرات الجنرال الأمريكي، باتت إيران تمتلك القدرة على إنتاج مواد انشطارية تكفي لتصنيع سلاح نووي خلال وقت قصير، إذا ما اتخذت القرار السياسي بذلك.

وأضاف: أن طهران لم تعد تُشكّل تهديدًا نظريًا فحسب، بل خطرًا ملموسًا على الأمن الإقليمي، بفعل شبكاتها المسلحة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.

*واشنطن تهدد.. الرد غير دبلوماسي*


الرسالة التي أرادت واشنطن إيصالها عبر قائدها العسكري في الشرق الأوسط واضحة: الصبر له حدود، وإذا لم تُبدِ طهران ليونة كافية، فإن الرد سيكون غير دبلوماسي.

هذه اللهجة تعكس قلقًا أمريكيًا متزايدًا من قدرة إيران على تقليص "وقت الاختراق النووي" إلى أسابيع، وهي فترة قصيرة جدًا لا تتيح للمجتمع الدولي هامشًا كافيًا للتحرك.

من جانبه، أضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بُعدًا سياسيًا على المشهد، عندما أعلن أن مفاوضات جديدة ستُجرى الخميس المقبل مع الإيرانيين، لكنه لم يخفِ تشاؤمه من مواقف طهران حتى الآن.

ففي تصريحاته للصحافة، أكد ترامب أن إيران "لم تُظهر تعاونًا كافيًا"، وأن مطالبها "غير مقبولة"، في إشارة إلى استمرار طهران في الدفاع عن حقها في تخصيب اليورانيوم.

"نحن لا نريد دمارًا ولا موتًا"، هكذا وصف ترامب جوهر مساعيه، لكنه أضاف بوضوح أن واشنطن "لن تقبل بمشروع تخصيب إيراني"، ما يعكس الفجوة الهائلة بين مطالب الجانبين، وبينما تكرر طهران أن نشاطها النووي سلمي، تصر الولايات المتحدة على ضرورة فرض قيود صارمة وطويلة الأمد عليه، تشمل آليات رقابة متقدمة وتفكيك جزء من البنية التحتية.

اللافت أن التصعيد الأمريكي لا يأتي بمعزل عن السياق الإقليمي، إذ تُعتبر إيران اليوم لاعبًا حاسمًا في ملفات اليمن ولبنان وسوريا والعراق.

ويُشير مسؤولون أمريكيون، أن "التهديد الإيراني" لا يقتصر على الملف النووي، بل يمتد إلى دعم مباشر لفصائل مسلحة تُهدد مصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة.

الحديث عن خطط عسكرية جاهزة يعيد إلى الأذهان سنوات التهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران، لا سيما في ظل رئاسة ترامب، الذي لا يخفي تفضيله للضغط الأقصى والمفاجآت الحاسمة، لكن في الوقت ذاته، يُدرك البيت الأبيض أن أي مواجهة عسكرية قد تفتح أبواب جهنم على المنطقة، وتُشعل حربًا متعددة الجبهات.

لذلك، يُنظر إلى هذا التصعيد المزدوج – العسكري والدبلوماسي – كتكتيك لإخضاع إيران إلى طاولة مفاوضات بشروط أمريكية، لا كخيار حتمي للحرب. ومع ذلك، فإن مجرد التحضير العسكري ونشر النوايا في الإعلام يرفع منسوب التوتر، ويؤجج مخاوف القوى الإقليمية والدولية من انزلاق غير محسوب.

*بنك الأهداف تم تحديده*


من جانبه، يقول المفكر الاستراتيجي اللواء سمير فرج: إن تصريحات الجنرال كوريلا ليست مجرد تحذير تقليدي، بل تعبّر عن انتقال واضح في قواعد الاشتباك الأمريكية تجاه إيران. عندما تعلن القيادة المركزية امتلاكها خططًا جاهزة، فهذا يعني أن بنك الأهداف قد تم تحديده، وأن السيناريوهات المحتملة قد وُضعت على طاولة القادة السياسيين، بانتظار القرار.

وأضاف فرج لـ"العرب مباشر"، أن الهدف من هذه التصريحات مزدوج: أولًا، بعث رسالة ردع قوية لإيران مفادها أن أي تسريع في برنامجها النووي سيقابل برد غير تقليدي؛ وثانيًا، طمأنة الحلفاء الإقليميين من أن واشنطن لن تسمح لطهران بفرض واقع نووي جديد في المنطقة.

لكن ينبغي الحذر من الإفراط في الرهان على الخطاب الناري. فالحسابات الأمريكية، خاصة في عهد ترامب، توازن دائمًا بين الرغبة في استعراض القوة، وتجنب الغرق في مستنقع عسكري جديد.

وتابع، الأرجح أن هذه الخطط لن تُفعّل إلا في حال حدوث اختراق نووي إيراني فعلي، أو اعتداء مباشر على القوات الأمريكية أو حلفائها، ومع ذلك، فإن مجرد الإعلان عنها يشير إلى دخول مرحلة جديدة من الضغوط القصوى، قد تُفضي إلى اتفاق أو انفجار غير مسبوق في الشرق الأوسط.