بعد 15 شهرًا من الحرب.. حماس تلتزم بالاتفاق وإسرائيل تحذر.. هل تصمد التهدئة؟
بعد 15 شهرًا من الحرب.. حماس تلتزم بالاتفاق وإسرائيل تحذر.. هل تصمد التهدئة؟
بعد 15 شهرًا من الحرب الطاحنة، شهدت غزة لحظة نادرة من الهدوء مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، رغم تأخير استمر ثلاث ساعات بسبب تعقيدات تتعلق بتبادل المحتجزين، ومع بدء الهدنة، خرج آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع بين محتفلين بالهدنة، وزائرين لقبور أحبائهم، وعائدين إلى منازلهم لتفقد الأضرار، في الوقت ذاته، أكدت "حماس" التزامها بتطبيق الاتفاق، بينما حذرت إسرائيل من أن التهدئة "مؤقتة" وقد تستأنف العمليات العسكرية في أي لحظة، فهل تصمد الهدنة وسط الأوضاع الهشة؟
*فرحة حذرة في شوارع غزة*
مع دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، خرج آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع، بعضهم للاحتفال، بينما اتجه آخرون إلى زيارة مقابر أحبائهم الذين فقدوا حياتهم خلال القصف.
كما شهدت شوارع مدينة خان يونس مرور سيارات مقاتلي "حماس" وسط هتافات الجماهير، بينما انتشر عناصر الشرطة المحلية بالزي الأزرق بعد شهور من الغياب لتجنب الغارات الجوية الإسرائيلية.
آية، نازحة من مدينة غزة، عبّرت عن مشاعرها في تصريحات لـ"رويترز"، قائلة: "أشعر وكأنني وجدت بعض الماء بعد 15 شهرًا من التيه في الصحراء"، حالها كحال الآلاف الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم، ليعودوا اليوم لتفقد ما تبقى منها.
*تأخير تبادل المحتجزين يؤجل التنفيذ*
رغم الإعلان عن الهدنة، تأخر تنفيذها ثلاث ساعات بسبب خلافات حول تبادل المحتجزين. فقد أعلنت "حماس" عبر المتحدث باسم جناحها العسكري، "كتائب القسام"، أن الحركة ستفرج عن ثلاث محتجزات إسرائيليات، وهن: رومي جونين (24 عامًا)، إميلي دماري (28 عامًا)، دورون شطنبر خير (31 عامًا).
وفي المقابل، أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تسلمه قائمة الأسماء، وأن الأمن الإسرائيلي يعمل على التحقق منها، كما أعلنت إسرائيل أنها ستفرج عن 90 معتقلًا فلسطينيًا في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.
حماس: نلتزم بالاتفاق رغم التعقيدات
أكدت حركة "حماس" التزامها الكامل بتنفيذ بنود اتفاق الهدنة، مشيرة أن التأخير في تسليم قائمة الرهائن يعود إلى "أسباب فنية وميدانية" ترتبط بالوضع الأمني المتوتر على الأرض.
وأوضحت الحركة، أن التنسيق مع الوسطاء الدوليين، خصوصًا مصر وقطر، مستمر لضمان تنفيذ المراحل المختلفة من الاتفاق دون عراقيل، مع التأكيد على أن الأولوية هي ضمان سلامة الرهائن وتأمين وصولهم إلى الجهات المعنية.
كما تعهدت الحركة ببذل كافة الجهود لإعادة الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة، مع تسريع الجهود لإصلاح البنية التحتية المتضررة بفعل القصف الإسرائيلي المكثف خلال الأسابيع الماضية.
وشددت "حماس" على أهمية إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود، لسد الاحتياجات الملحة لسكان القطاع، مؤكدة أن أي تأخير في وصول المساعدات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية تفاقم معاناة السكان.
*الهدنة ليست دائمة*
رغم الإعلان عن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هذه الهدنة "مؤقتة" ومرهونة بالتطورات على الأرض، وأشار أن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بحقه الكامل في استئناف العمليات العسكرية إذا ما استدعت الظروف ذلك، خاصة في حال استغلال "حماس" الهدنة لإعادة بناء ترسانتها العسكرية أو تهريب أسلحة جديدة إلى القطاع.
من جانبه، أوضح الجيش الإسرائيلي، أن عمليات استلام المحتجزات سيتم تنفيذها بحذر ودقة تحت إشراف وحدات خاصة مدربة على إدارة مثل هذه العمليات الحساسة.
وستتولى هذه الوحدات التنسيق مع الصليب الأحمر داخل قطاع غزة لتأمين نقل الرهائن، مع اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية اللازمة لضمان سلامة الفريق المنفذ للعملية.
وبعد تسلم المحتجزات، سيتم نقلهن إلى نقاط استقبال محددة داخل إسرائيل، حيث سيخضعن للفحص الطبي والنفسي قبل إعادة لمّ شملهن مع أسرهن.
الجيش الإسرائيلي أكد أيضًا أنه يتابع عن كثب التطورات داخل غزة لضمان التزام "حماس" بالاتفاق، محذرًا من أن أي خرق للهدنة سيواجه برد عسكري سريع ومباشر.
*هل تصمد الهدنة؟*
اتفاق وقف إطلاق النار يُعد الأهم منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عام، لكنه يظل هشًا بسبب التعقيدات الأمنية والخلافات بين الطرفين. فبينما ترى "حماس" الاتفاق فرصة لإنهاء المعاناة في القطاع، تتعامل إسرائيل معه بحذر، مؤكدة أنه لن يستمر إذا لم تلتزم الحركة ببنوده، وفي ظل التوتر القائم، تترقب الأوساط الدولية ما إذا كان الاتفاق سيمهد لسلام مستدام، أم أنه مجرد استراحة قصيرة في حرب يبدو أنها لم تنته بعد.
من جهته يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية: إن هذا الاتفاق يحمل أهمية كبيرة للطرفين، لكنه هش للغاية بسبب استمرار حالة انعدام الثقة بين "حماس" وإسرائيل.
وأضاف - في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، إسرائيل تنظر إلى هذه الهدنة كاستراحة قصيرة تعيد فيها ترتيب أوراقها، بينما تسعى حماس إلى استثمارها في استعادة الحياة الطبيعية في غزة.
وتابع أستاذ العلوم السياسية: أن أي اختراق للاتفاق، مهما كان بسيطًا، قد يعيد التصعيد إلى الميدان، مشددًا على أن الدور الدولي في مراقبة تنفيذ الاتفاق سيكون حاسمًا لضمان صمود التهدئة، ولو مؤقتًا.