"خير الدين كرمان".. شيخ "أردوغان" في تركيا

صورة أرشيفية

من سوريا للعراق وحتى ليبيا، يدق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناقوس الإرهاب بين مختلف البلدان العربية، من أجل تحقيق حلمه السادي بإعادة السلطنة العثمانية، وتَتْوِيجه كخليفة عثماني للمسلمين، وهو أمر بعيد المدى للغاية، لكنه ماضٍ في طريقه.
وتحت عباءة الإسلام استغل عدة أبواق من الأشخاص، لتقديم الفتاوى الزائفة التي تتماشى مع أفكاره ومساعيه في تركيا وخارجها، بما يخدم به مصالح أردوغان الشخصية ومشاريعه التوسعية ويبرر له الاعتقالات التعسفية والظلم الذي يقوم به، ومن بينهم خير الدين كَرمان.

من هو "كرمان"


ولد ‏"خير الدين كَرَمَان"، عام 1934 في مدينة "تشوروم"، ودرس في مدارس الأئمة والخطباء، وتخرج فيها عام 1959، ثم انتقل إلى المعهد الإسلامي العالي في اسطنبول وتخرج فيه 1963، وعقب ذلك حصل على درجة الدكتوراه الأكاديمية وعمل أستاذًا مساعدًا في كلية الإلهيات في اسطنبول ومدرسًا لأصول الفقه في جامعة "مرمرة".


بعد فترة وجيزة، استقال من وظيفته في الجامعة، وانتقل ليكون عضوًا في المجلس الاستشاري الأعلى بـ"موسياد" وعضوًا في المجلس الاستشاري في بنك الزراعة، كما أصبح كاتبًا في صحيفة يني شفق الموالية لأردوغان ومديرًا لمؤسسة "نسل"، وتم اختياره نائبًا للرئيس العامّ للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي اجتمع في اسطنبول العام الماضي.


وعقب ذلك بات المفتي التركي هو أحد أبرز رجال الدين الذين يعتمد أردوغان على فتاويهم للسيطرة على التيار المحافظ وناخبي حزب العدالة والتنمية؛ وخادم أهدافه في ليبيا، عبر العديد من الفتاوى المثيرة للجدل، حتى بات يلقب بـ"شيخ أردوغان".

خدمة أردوغان


وبسبب انتهاكه لمبادئ الدين الإسلامي من أجل أردوغان، أكد تقرير المؤشر العالمي للفتوى أن الرئيس التركي يرسخ للديكتاتورية المطلقة ولمشروعه العثماني الذي يسعى جاهدًا لتنفيذه على حساب شعبه وأبناء وطنه، بينما يعتمد على المعاملة الوحشية لكل المعارضين بلا استثناء، بعد إضافة الحكومة التركية إلى هيئات إنفاذ القانون عنصرا جديدا ذا خلفية دينية، يقضى بأن تتعامل الجهات الأمنية مع معارضيهم والمشتبه بهم باعتبار أنهم "كفار" أو "أعداء الإسلام".


وفي سبيل ذلك، أعطت حكومة أردوغان لتلك الجهات ذريعة ومبررا باعتبار أن ما يقومون به من تنكيل لخصومها السياسيين هو أعمال مقبولة ينتظرون عليها الثواب في الآخرة، حيث أوضح المؤشر العالمي أن فتاوى عالم الدين التركي خير الدين كرمان، تعتبر مرفوضة تماما.


وأشار إلى فتواه التي ادعى فيها أن: "الضرر الذي يلحق بجماعة صغيرة جائز في مقابل تحقيق المصالح العامة للأمة"، وهو ما يتنافى بشكل واضح مع مبادئ الشريعة الإسلامية وحقوق الإنسان.
 
‏حماية الفساد


ومن بين الفتاوى الضالة لكرمان، أنه بعد كشف فساد أسرة أردوغان في ديسمبر 2013، كتب مقالة في صحيفة "يني شفق" تحت عنوان "أصدقاء تركيا وأعداؤها" ادعى فيه إمكانية التضحية ببعض المجموعات من أجل بقاء الدولة، وأعطى مثالاً عن رئيس حزب الوحدة الكبرى "محسن يازجي أوغلو" الذي تعتبر واقعة اغتياله غامضة حتى الآن، قائلاً: "المادة 26 في مجلة الأحكام العدلية أوردن (يجوز اختيار الضرر الخاص من أجل دفع الضرر العام) ولكي يفهم الشباب نترجمها للغة اليوم بأنه (يحتمل الضرر العائد لشخص أو منطقة أو مجموعة من أجل دفع الضرر عن المجتمع والأمة) وأنا أذكر أصحاب العقل والقلب السليم في السياسة بهذه القاعدة وأذكر المرحوم الشهيد محسن يازجي أوغلو كمثال مع الدعاء له".


ووصل به الأمر لاعتباره أن الفساد ليس سرقة، مضيفا: ‏"يجب على المسلم المتدين أن يكون واعيا، حيث إنه سيسأل عن كل كلمة تخرج من فمه ويتصرف على هذا الأساس، لهذا السبب لا يمكن لأحد أن يقول لمرتكب الفساد (لص) ولمتعاطي الكحول (زان) وللمغتاب (مفتر)، وإذا فعل ذلك فيكون قد كذب وافترى".

‏قصر أردوغان 


وحرص على مساندة توسيع نفوذ أردوغان أيضًا، حيث اعتبر أن القصور الرئاسي المثيرة للجدل في تركيا، هي أمر مستحق وأنها كتوسعة المسجد النبوي، حيث ادعى أن: ‏"تحويل ممارسة الاستملاك، الذي بدأ عندما حدث حاجة لتوسيع المسجد في عهد الخلفاء الراشدين، إلى قانون في المادة 1216 من المجلة، وتم ربطه بحجة الحاجة العامةـ ورؤي أن الاستملاك جائز للحاجة العامة في حين أن أخذ أملاك موجودة في ملكية الأشخاص بالقوة غير جائز حتى لو تم دفع ثمنها".

‏الضرائب  


‏كما برر استبداد وسرقة الرئيس التركي لأموال الشعب، عبر مضاعفة الضرائب، وخلق لها إطارًا دينيًا، بفتواه التي زعم فيها أنه: "ليس على المسلمين مدفوعات غير الزكاة في الأحوال العادية أي حين يكون دخل الدولة كافيًا لنفقاتها، وتم الإجماع على جواز أخذ الضرائب من المسلمين المقتدرين في حال عدم كفاية موارد الدولة لإنفاق معين تستلزمه الحاجة والمنفعة العامة". 

‏ضرورات الإيمان


‏ودعم أيضًا الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي وهزت عرش أردوغان، وفاز فيها "أكرم إمام أوغلو" على حساب "بن علي يلدريم" بمقعد بلدية اسطنبول، حيث سارع كرمان في تأييد الحزب، فنشر مقالاً في صحيفة "يني شفق" لاستقطاب الناخبين، زاعمًا أن التصويت لأردوغان من ضرورات الإيمان، قائلاً: "أنا أفضل المؤمن حتى لو كان فاسقا، على غير المؤمن حتى لو كانت له جوانب جيدة فيما عدا عيبه الأكبر وهو عدم الإيمان وخاصة إذا كان معارضاً لقضيتي، لأنني أعطي الأولوية للإيمان، وأتأمل أن الإيمان سيصلح ذلك الفاسق يومًا ما، وهذا الموقف ليس خاصًا بي هذه قاعدة دينية".

تبرير الانتهاكات


ووصل به الأمر، أن برر جرائم وانتهاكات نظام أردوغان داخل تركيا وخارجها ودعم حربه في ليبيا وسوريا، حيث قال في مقالا له، إن: "السلطة الحاكمة قد تخطئ في أمور العدل والحق والصدق والجدارة، وقد تشهد تدهورا وحيادا عن الصواب، غير أنه لا يجوز الشكوى من هذه الأمور إذا كانت تدعِّم موقف العدو"، مؤكدًا أن: "تركيا تخوض حربًا ضد الظلم، ويجب على الإنسان ألّا ينظر في ظروف الحرب إلى الصواب أو الخطأ".