مصر والإمارات.. تعاون اقتصادي وعسكري استثنائي فريد من نوعه عربيًا

مصر والإمارات.. تعاون اقتصادي وعسكري استثنائي فريد من نوعه عربيًا
الرئيس المصري والشيخ محمد بن زايد آل نهيان

تعاون، دعم، ترابط، وحدة عربية.. أشكال عديدة تجتمع عليها مصر والإمارات في علاقاتهم العربية الشقيقة القوية ذات الروابط المتينة، منذ عقود، وتعتمد فيها على الوعي والفهم المشترك لطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية، والتعامل بدبلوماسية ترسخ الأمن العربي والإقليمي، ما يعد مثالاً حقيقيًا في العلاقات العربية.

سفير فوق العادة


وفي آخر مثال على تميز العلاقات بين البلدين، قدم حمد سعيد الشامسي أوراق اعتماده إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، كسفير ومفوض فوق العادة لدولة الإمارات لدى الجمهورية.


ونقل الشامسي تحيات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى السيسي وتمنياتهم لبلاده وشعبه مزيدا من التقدم والازدهار.


من جانبه، حمّل السيسي السفير تحياته إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتمنياته لدولة الإمارات حكومة وشعباً مزيداً من التطور والنماء، متمنيا للسفير التوفيق في مهام عمله، وتطوير العلاقات الثنائية وتعزيزها في مختلف المجالات، مؤكداً استعداد بلاده لتقديم كل دعم ممكن لتسهيل مهامه.

ترابط راسخ


ترتبط الإمارات ومصر بعلاقات قوية قبل عام 1971، الذي شهد جمع شمل الإمارات السبع في دولة واحدة تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتي دعمتها القاهرة بشدة وأيدت بشكل مطلق الاتحاد، حيث كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالاتحاد الجديد فور إعلانه ودعمته دوليا وإقليميا كركيزة للأمن والاستقرار وإضافة قوة للأمة العربية.


وسجل التاريخ للشيخ زايد أنه أول من غرس التوجه نحو مصر بكل الحب والتقدير وتعهد للعلاقات الإماراتية المصرية بالرعاية والعناية ونسج علاقات بالغة التميز والخصوصية معها، ومن مواقفه المشرفة الشهيرة هو أنه في حرب أكتوبر المجيدة، قال إن البترول العربي ليس أغلى ولا أثمن من الدم العربي، وسخر كل إمكانات بلاده لدعم المقاتل العربي في تلك الحرب ليتحقق النصر أولا، ليضرب مثالا رائدا في التضامن العربي الذي لا ينسى، فضلا عن أنه صاحب المقولة الشهيرة "إن مصر بالنسبة للعرب هي القلب وإذا مات القلب فلا حياة للعرب".

مشاركة مصرية قوية بأيديكس


ومن بين أبرز أوجه الدعم الأخيرة، هو مشاركة مصر لثلاثة أعوام في معرض "أيديكس" العالمي الذي تقيمه الإمارات، آخرها في فبراير الماضي، حيث ترأس الوفد المصري وزير الدولة للإنتاج الحربي محمد أحمد مرسي.
وشاركت وزارة الإنتاج الحربي بقوة في الجناح المصري بالمعرض بعرض منتجاتها من الأسلحة والذخائر والمعدات الدفاعية والتي تقوم بتصنيعها شركات الإنتاج الحربي.

العلاقات الاقتصادية


ومع تلك العلاقات السياسية والعربية والدبلوماسية، تنامت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين المصري والإماراتي، وهو ما انعكس في حجم التبادل التجاري والاستثمارات المباشرة والمنح والمساعدات وعدد الزيارات المتبادلة فضلًا عن التبادل السياحي بين الدولتين.


تعد مصر الشريك التجاري السادس عربيا للإمارات والـ21 عالميا، فيما تعتبر الإمارات الشريك التجاري الثاني عربيا لمصر والعاشر عالميا.


وتتمثل أهم الصادرات المصرية للسوق الإماراتية في أجهزة التلفزيون والأثاث والكابلات الكهربائية والمنتجات الزراعية والمواد العطرية والمشروبات والخضراوات المجمدة، بينما تشمل الواردات المصرية من الإمارات أنابيب نقل النفط والأدوية والبولي بروبلين والبولي إيثيلني والبولي إيثيلني للاستخدامات الطبيـة والمصنوعات من الحديد والصلب والسكر المكرر، بحسب المرصد المصري.


وشهدت صادرات مصر إلى الإمارات ارتفاعا ضخما بنحو 86.4% منذ 2015 وحتى 2019؛ والذي صعد من 1.11 مليار دولار إلى 2.07 مليار دولار، بالإضافة إلى زيادة الواردات المصرية من الإمارات بنسبة 19.4% أي من 1.49 مليار دولار خلال 2015 حتى 1.78 مليار دولار في ٢٠١٩.


كما وقعت الإمارات مع مصر اتفاقية مساعدات بقيمة 4.9 مليار دولار، لدعم برنامج القاهرة التنموي في تلك الفترة، لتنفيذ عدد من المشاريع لتطوير القطاعات والمرافق الخدمية، فضلا عن أن منحة إماراتية بلغت قيمتها مليار دولار مع توفير كميات من الوقود لمصر بقيمة مليار دولار أخرى، بجانب المشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية في قطاعات اقتصادية أساسية في  مصر.

التبادل التجاري


وبلغ التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في النصف الأول من 2020، نحو 3.4 مليار دولار بنمو 20% مقارنة بالفترة ذاتها من 2019، رغم جائحة كورونا وتأثيرها البالغ على حجم التجارة العالمية.
وبلغت الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر نحو 15 مليار دولار، بينما بلغت استثمارات مصر بالإمارات، أكثر من مليار دولار.


وتخلل ذلك التعاون الاقتصادي، بنهاية العام الماضي، بإطلاق مجلس الأعمال الإماراتي المصري، والذي يهدف إلى تنمية الشراكة بين مجتمع الأعمال الإماراتي ونظيره المصري، وتسهيل وصول شركات البلدين إلى الفرص في أسواق الجانب الآخر وتعظيم القيمة المضافة من الاستثمارات المشتركة والمتبادلة، وتوفير المعلومات والخدمات للمستثمرين ورجال الأعمال، وتعزيز التواصل مع الجهات الحكومية المعنية في البلدين لتيسير أنشطة الأعمال وتشجيع إقامة المشروعات الاستثمارية وزيادة التبادلات التجارية، والمساهمة في نقل المعرفة والتكنولوجيا.


الاستثمار


تحتل الإمارات المرتبة الأولى من بين دول العالم المستثمرة في مصر بإجمالي رصيد استثمار تراكمي يصل إلى 55.2 مليار درهم، أي حوالي 15 مليار دولار، حيث نمت الاستثمارات الإماراتية في مصر مؤخرًا بنحو 300%، بدخول مشاريع عملاقة إماراتية في قطاعات تجارة التجزئة والطاقة والعقارات والبنية التحتية واللوجيستيات والصناعات.


كما يزيد عدد الشركات الإماراتية في مصر حاليا على 1165 شركة في مجالات مختلفة منها العقارات، والسياحة، والترفيه، والبترول، والطاقة، والأغذية، والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، أشهرها شركة إعمار مجموعة الفطيم، وشركة النويس لإنتاج الطاقة النظيفة، وشركات مبادلة، وموانئ دبي العالمية، ومؤسسة الإمارات للاتصالات، والخليج للسكر، ومجموعة اللؤلؤ، وشركة الظاهرة، وجنان الزراعية، ودراجون أويل ودانة غاز.

التعاون العسكري


وبالتزامن مع تلك العلاقات القوية، تنامى التعاون العسكري أيضا في إطار الرؤى المشتركة بين قيادتي الدولتين إزاء مجمل القضايا الإقليمية والدولية، والتعاون المستمر فيما بينهما من أجل التصدي للمخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي.

وتؤكد القاهرة دائما أن أمن مصر القومي مرتبط بأمن منطقة الخليج العربي عامة وبدولة الإمارات خاصة، وهو ما ظهر بقوة في تصريحات القادة العسكريين في مصر أو مؤسسة الرئاسة، إذ برز أهمية مناقشة سبل دعم العلاقات الثنائية في مجال التعاون العسكري وتطويرها خلال زيارات متبادلة بين وفدي البلدين في العديد من المجالات، وإحداث نقلة نوعية في العلاقات العسكرية بين مصر والإمارات.


زادت المناورات والتدريبات المشتركة بين البلدين برا وبحرا وجوا من قوة التعاون العسكري بين البلدين، خاصة في ظل الأزمات التي تشهدها المنطقة، حيث دشنت الدولتان في إجراء شراكات متواصلة في مجال التعاون العسكري، بمشاركة الجيشين في عمليات تدريب عسكرية مشتركة، وتعزيز قدرات القوات المسلحة لمواجهة التحديات المختلفة، وعكست مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في افتتاح قاعدتي "محمد نجيب العسكرية"، في يوليو 2017 التي تعد أكبر قاعدة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وقاعدة "برنيس" في يناير 2020، عمق علاقات الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، وقوة العلاقات الدفاعية والعسكرية بينهما.


ومن بين أهم مؤشرات التعاون العسكري بين الدولتين التدريبات المشتركة، وخاصة التدريبات البحرية في البحرين المتوسط والأحمر بهدف حماية المياه الإقليمية والمصالح الاقتصادية في ظل التوتر الذي يسيطر على المنطقة العربية وتهديدات أمن الملاحة واحتجاز السفن، والتدريبات الجوية والبرية للقوات الخاصة في البلدين والتي تأتي في إطار مكافحة الإرهاب الذي بات أشرس ما تواجهه الدول العربية وعلى رأسها مصر.


وتعتبر أهم المناورات والتدريبات المشتركة والزيارات المتبادلة، في نوفمبر الماضي، حيث انطلقت فعاليات التدريب المشترك "سيف العرب" بجمهورية مصر العربية بمشاركة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية، ومملكة البحرين وجمهورية السودان الديمقراطية، وفي نوفمبر ٢٠١٩، نفذت القوات المسلحة الإماراتية والمصرية التدريب العسكري المشترك "صقور الليل" بميادين التدريب القتالية بمصر بمشاركة عناصر القوات الخاصة المصرية والإماراتية من أجهزة الاستطلاع، فضلا عن تدريبات "زايد" و"خليفة"و"سهام الحق".

علاقات استثنائية فريدة


فيما أكد السفير أحمد هريدي، الدبلوماسي السابق، أن العلاقات بين مصر والإمارات تعتبر استثنائية فريدة من نوعها، كونها تاريخية وإستراتيجية، مبنية على الثقة والتفاهم والمصير المشترك، ومثالا قويا على الدعم العربي المتبادل.


وأضاف هريدي أن تلك المتانة والاستثنائية في الروابط بين البلدين، رسخ لها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بتصريحاته الداعمة ومواقفه البارزة مع مصر منذ عقود، التي شكلت إرثا ثمينا، تطور بمرور الوقت بالتعاون الوثيق بين قيادات الدولتين.


كنا أشار إلى تنامي العلاقة بين البلدين بشكل ملحوظ خلال الأعوام الماضية، خاصة في المجال الاقتصادي والتجاري والعسكري، وهو ما انعكس على ارتفاع النمو التجاري والاستثمارات بين البلدين والمشاركة في عدة تدريبات عسكرية.


وشدد على أن العلاقات المصرية الإماراتية مثال للشراكة ونموذج للتعاون البناء، بما يعزز العمل العربي المشترك، لافتا إلى أن الزيارات بين البلدين منذ عام ٢٠١٤، تجاوزت ٢٤ لقاء هامًا، شهدوا تنسيقًا كاملاً في كل القضايا الإقليمية، من الليبية واليمنية والسورية، وغيرها.