تصعيد في جنوب لبنان.. إسرائيل تواصل غاراتها ورد صاروخي من حزب الله.. ماذا يحدث؟
تصعيد في جنوب لبنان.. إسرائيل تواصل غاراتها ورد صاروخي من حزب الله.. ماذا يحدث؟
تصاعدت وتيرة الهجمات في جنوب لبنان مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في شن غارات مكثفة على عدة مناطق لبنانية، فيما لم يتأخر "حزب الله" في الرد بقصف مواقع إسرائيلية حيوية؛ مما يشير إلى تطور كبير في الأحداث الجارية، وفي حين أن هذه الهجمات تمثل جزءًا من تصعيد أكبر في المنطقة، فإن الأوضاع على الأرض تشير إلى تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية والعسكرية على حد سواء، الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت مناطق سكنية وتجارية؛ مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين، بينهم أطفال وعائلات بأكملها، وسط عجز السلطات المحلية عن احتواء الخسائر أو تقديم الإغاثة اللازمة.
وفي هذا السياق، شهدت الساعات الـ24 الماضية تطورات جديدة تتعلق بمقتل عدد من أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اليونيفيل"، إلى جانب تقارير تفيد بأن البنية التحتية اللبنانية تتعرض لضربات قاسية، بما في ذلك مبانٍ تاريخية ومرافق أساسية، مما يزيد من تفاقم الأزمة.
*الهجمات الإسرائيلية*
وفقًا لمصادر إعلامية لبنانية، قامت الطائرات الإسرائيلية بشن غارات على عدة مناطق في جنوب لبنان، شملت بلدتي كفرتبنيت وكفرصير، بالإضافة إلى المناطق الحدودية مع إسرائيل مثل رامية وعيتا الشعب، هذه الهجمات أسفرت عن سقوط خمسة شهداء لبنانيين، بينهم أب وابنيه في بلدة زبدين، بعد تدمير مبنى سكني نتيجة غارة جوية إسرائيلية.
كما دمرت الغارات مبانٍ تراثية في مدينة النبطية، من بينها "دارة آل شاهين" الشهيرة؛ مما أدى إلى طمس جزء مهم من التراث الثقافي والتاريخي للمدينة.
وفي ضربة أخرى لقوات حفظ السلام الدولية "اليونيفيل"، أعلنت المنظمة عن مقتل عدد من أفرادها وإصابة آخرين جراء غارة إسرائيلية استهدفت قافلة قرب مدينة صيدا جنوب لبنان.
وأفادت تقارير، بأن الغارة تسببت في تدمير مركبات تابعة للقوات الماليزية التي كانت في طريقها لدعم القوات اللبنانية في تلك المنطقة.
وذكر الجيش اللبناني - في بيان-، أن ثلاثة مدنيين قتلوا في الهجوم ذاته، بالإضافة إلى إصابة عدد من الجنود اللبنانيين.
*"حزب الله" يرد بهجمات صاروخية*
لم يمر الهجوم الإسرائيلي دون رد. ففي بيانين متتاليين، أعلن "حزب الله" عن قصفه لقاعدتين عسكريتين إسرائيليتين قرب مدينة حيفا، باستخدام صواريخ نوعية استهدفت قاعدة "ستيلا ماريس البحرية" ومطار "رامات ديفيد" العسكري. هذا التصعيد يعتبر الثاني من نوعه خلال 24 ساعة، حيث أكد الحزب أن عملياته تأتي في إطار الرد على الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على المناطق الجنوبية.
الرد الإسرائيلي لم يتأخر كثيرًا، حيث ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن صفارات الإنذار دوت في مناطق حيفا وعكا، مع محاولة الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعتراض الصواريخ اللبنانية.
وأفادت التقارير بوقوع أضرار مادية في مناطق مدنية؛ مما زاد من حالة الذعر في صفوف السكان الإسرائيليين.
*الأوضاع الإنسانية*
مع تصاعد القصف، تتزايد التحديات الإنسانية في جنوب لبنان. فرق الدفاع المدني اللبناني تعمل بلا توقف لإسعاف المصابين وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، خاصة في بلدات صور وبنت جبيل التي تعرضت لأعنف الغارات.
المستشفيات المحلية تعاني من نقص في المعدات الطبية والكهرباء، مما يعقد جهود الإنقاذ ويزيد من معاناة المصابين. وتواجه فرق الإغاثة صعوبات كبيرة في الوصول إلى بعض المناطق نتيجة القصف المستمر.
التصعيد في جنوب لبنان يأتي في وقت حساس بالنسبة للمنطقة، حيث تشهد الحدود اللبنانية- الإسرائيلية واحدة من أخطر فترات التوتر منذ سنوات.
القوى الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والولايات المتحدة، تحاول التوسط لوقف إطلاق النار، إلا أن جهودها لم تؤتِ ثمارها بعد.
ومع تزايد الضغط على "حزب الله" للرد على الهجمات الإسرائيلية، يبدو أن التصعيد الحالي قد يمتد لفترة طويلة، مما يهدد بمزيد من الضحايا والدمار.
*مواجهة طويلة*
وفي سياق متصل، يرى د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن الوضع الراهن بين إسرائيل وحزب الله ينذر بخطر كبير، مع احتمالية تصاعد الصراع ليشمل مناطق أوسع في المنطقة، مضيفًا، أن التوترات الحالية تشير إلى استعداد الجانبين لخوض مواجهة طويلة، خصوصًا أن إسرائيل تسعى لتحجيم نفوذ حزب الله المدعوم من إيران، في حين أن حزب الله يُظهر صمودًا وقدرة على المقاومة.
ويضيف المنجي - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن المحاولات الدولية للتوسط لم تحقق أي نتائج ملموسة حتى الآن، نظرًا لتصلب مواقف الأطراف المعنية ورغبتهم في تحقيق مكاسب ميدانية واستراتيجية، ومع استمرار التصعيد، من المتوقع أن يتزايد الضغط على لبنان الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، مما يجعل الأوضاع أكثر تعقيدًا ويصعب الوصول إلى حلول سلمية.
وأشار المنجي، أن هذه المواجهة قد تكون الأكثر تعقيدًا منذ حرب 2006، مع وجود عناصر إقليمية جديدة تلعب دورًا في تأجيج الصراع، مثل إيران وسوريا، ما يزيد من احتمالات توسيع دائرة النزاع ليشمل الساحة الإقليمية بأكملها.