جزيرة الحرية بتركيا.. فصل جديد من فساد نظام اردوغان

جزيرة الحرية بتركيا.. فصل جديد من فساد نظام  اردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

بين مختلف الدروب المحلية والعالمية، يطرق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل الأبواب لاستغلال ثروات أنقرة وتوسيع ثروته، متجاهلا مدى الخراب الاقتصادي الذي سببه عبر سياساته وقراراته الخاطئة.


جزيرة الديمقراطية والحرية.. لعله واحد من المشروعات المثيرة للجدل والذي دشنه في سبيل توسيع سلطاته ولإعلاء شأنه الخارجي فقط، لقصره على المقربين له، في ظل الأزمة الاقتصادية التركية الضخمة، بينما يتفشى بها فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".
 
ما هي جزيرة الحرية؟


في 27 مايو الماضي، افتتح أردوغان، جزيرة الديمقراطية والحرية أو "ياسّي أدا" في بحر مرمرة إلى الجنوب الشرقي من ولاية اسطنبول، وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الـ 60 للانقلاب على رئيس وزراء تركيا الأسبق عدنان مندريس، والتي روج لها مسبقا لفترة طويلة، وتم تأجيل افتتاحها لعدة أشهر.


وكان الجيش التركي أطاح بحكم عدنان مندريس في مايو عام 1960، وصدر ضده حكم بالإعدام بتهمة اعتزام قلب نظام الحكم العلماني وتأسيس دولة دينية، وجرى تنفيذ الحكم في الجزيرة في سبتمبر عام 1961.
 
الجزيرة، التي أعيد تأهيلها مرة أخرى، تبلغ مساحتها 103 آلاف و750 مترا مربعا، و60% منها زين بالأزهار والأشجار، بينما بقي 20% من حالها السابق وتقع قرب مجموعة الجزر السياحية المعروفة بـ "جزر الأميرات"، حيث بدأت الأعمال فيها منذ 14 مايو 2015.


وشيد بهذه الجزيرة منازل مستقلة وفنادق بطاقة 123 غرفة و320 سريرا، وقاعة مؤتمرات بطاقة 500 شخص، ومسجد بمساحة 752 مترا مربعا يسع 600 مصل، وساحة ونصب "شهداء الديمقراطية" بمساحة 616 مترا مربعا، إلى جانب متحف مفتوح، وحديقة ومساحات للمعارض ومطاعم ومقاهي.


وكانت الجزيرة تستخدم كمنفى منذ القرن الرابع للميلاد، ثم شيد فيها كنيسة ودير في الماضي، وتناقلت ملكيتها بين العديد من الأشخاص إلى أن اشترتها القوات البحرية التركية عام 1947.
 

درب من جنون العظمة


وجهت صحيفة "لوموند" الفرنسية انتقادات لاذعة للمشروع التركي الجديد، حيث وصفته بأنه "درب جديد من دروب جنون العظمة" لأردوغان، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا وانتشار كورونا بها لتكون بؤرة من بؤر الفيروس.


وأكدت أن الرئيس التركي افتتح هذا الصرح الخرساني الضخم لإشباع رغباته السلطوية واستقبال مقربيه، لذا من المتوقع أن يتم إغلاقها أمام المواطنين، بعد أن تم تشييده بشكل فخم بأموال الأتراك الذين يتفشى بينهم البطالة والفقر.


وعلى مدار 5 أعوام من العمل بالجزيرة، تحولت لمكان لا يمكن التعرف عليه، إذ تم تدمير الغابة بالكامل لإتاحة المجال لتدشين مجمع واسع يضم فندقا وغرف اجتماعات ومقاهي ومطاعم، جميعها مكرسة فقط لاستقبال ضيوف أردوغان، لذلك نددت جمعيات المدافعين عن البيئة بتدمير المناطق الطبيعية والاقتلاع الممنهج للأشجار لإشباع رغبات الرئيس التركي.
 

تفاخر أردوغان


لم يقتصر الأمر عند ذلك الحد، حيث تفاخر أردوغان بمشروعه الاستغلالي الجديد، واستدعى جميع وسائل الإعلام لتغطية الافتتاح، ومشاركة السياسيين الأتراك الموالين للنظام للإشادة بالجزيرة وادعاء أهميتها للشعب.


بينما لم يكشف أردوغان أمام وسائل الإعلام بأن المبنى الخاص به شيد على 18 هكتارا، وأنه سيتم إغلاقه أمام المواطنين العاديين والسماح فقط بزيارته من قبل المقربين منه وعدد قليل من الشخصيات المهمة وفقا للصحيفة الفرنسية.


 
وقالت "لوموند" إنه بعد "18 عاما من حكم غير سوي، أراد أردوغان إشباع رغباته السلطوية باستمرار بترك بصمته على اسطنبول، المدينة الضخمة التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة"، حيث أهدر عشرات المليارات من الدولارات في المشروعات الوهمية الكبرى مثل أكبر مطار وأكبر جسر، دون الاكتراث بتدشين مشاريع أخرى خدمية في مجال قطاع الصحة والتعليم الشعب التركي في أمس الحاجة إليها.


وبات أردوغان حاليا ضعيفا سياسيا بفقدان بلدية اسطنبول الأكبر بالبلاد لأول مرة منذ ربع قرن، لتصبح في قبضة المعارضة بعد انتخابات 2019، لذلك يريد إلهاء ناخبيه المحبطين بمشروعات وهمية استغلالية تلبي رغباته الجنونية فقط، وليست لخدمة الشعب، وتراجع تركيا في المؤشرات الاقتصادية العالمية وانهيار الليرة والاعتماد على الأموال القطرية.