معركة جديدة في الجنوب السوري.. درعا بين الفوضى والاشتباكات المسلحة

معركة جديدة في الجنوب السوري.. درعا بين الفوضى والاشتباكات المسلحة

معركة جديدة في الجنوب السوري.. درعا بين الفوضى والاشتباكات المسلحة
اشتباكات سوريا

تشهد مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي تصعيدًا أمنيًا خطيرًا بعد مواجهات عنيفة بين قوات الأمن السوري ومجموعات مسلحة محلية، أسفرت عن سقوط 12 قتيلًا وعدد من الجرحى، بينهم مدنيون، تأتي هذه الاشتباكات في ظل توترات أمنية متزايدة تشهدها مناطق جنوب سوريا، وسط محاولات الحكومة السورية لبسط سيطرتها الكاملة على المنطقة، التي كانت مسرحًا لاتفاقيات تسوية سابقة لم تضع حدًا نهائيًا لحالة الفوضى الأمنية، ووفق مصادر ميدانية، فإن المواجهات اندلعت عقب فشل مفاوضات بين السلطات ومجموعة مسلحة يقودها محسن الهيمد، أحد القادة المحليين الذين سبق أن حصلوا على دعم من الأجهزة الأمنية، استخدام الأسلحة الثقيلة والقصف العشوائي لمنازل المدنيين زاد من حالة الذعر بين السكان، في مشهد يعكس هشاشة الوضع الأمني في درعا، التي لا تزال تعاني تداعيات النزاع المستمر منذ أكثر من عقد. 

*تطور المواجهات*


ارتفع عدد القتلى جراء الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي إلى 12 قتيلًا، بينهم عناصر من القوات الحكومية ومقاتلون تابعون لمجموعة محلية يقودها محسن الهيمد، إضافة إلى مدني.


كما أسفرت المواجهات عن سقوط عدد من الجرحى، بينهم نساء وأطفال، نتيجة القصف العشوائي الذي طال المناطق السكنية، وفقًا لمصادر حقوقية وميدانية. 


اندلعت الاشتباكات بعد أن فشلت المفاوضات بين الأجهزة الأمنية السورية ومجموعة الهيمد، التي كانت تنشط سابقًا تحت مظلة المخابرات العسكرية. وبحسب مصادر محلية، فإن السلطات منحت مقاتلي المجموعة مهلة قصيرة لتسليم أنفسهم، قبل أن تبدأ عملية عسكرية واسعة استُخدمت فيها أسلحة ثقيلة، ما أدى إلى تصاعد المواجهات وتوسعها في محيط المدينة. 

*دور القوات الحكومية في العملية*


شارك في الهجوم قوات من الأمن الداخلي السوري وعناصر من الفصائل المحلية الموالية للحكومة، حيث فرضت طوقًا أمنيًا محكمًا حول مواقع انتشار مجموعة الهيمد. وبحسب ما أوردته تقارير محلية، فإن القوات الحكومية اعتمدت تكتيكات قتالية مكثفة، شملت قصفًا مدفعيًا طال بعض المنازل، ما أدى إلى حالة من الفزع في صفوف المدنيين. 


أكد ناشطون محليون أن القصف العشوائي الذي استهدف أحياء سكنية في الصنمين تسبب في إصابة عدة مدنيين بجروح متفاوتة الخطورة، ما زاد من غضب السكان الذين يجدون أنفسهم مجددًا وسط مواجهات عسكرية غير محسوبة العواقب.


كما أبدت بعض الفعاليات المدنية تخوفها من امتداد المواجهات إلى مناطق أخرى في ريف درعا، خاصة أن المنطقة شهدت عمليات أمنية مشابهة خلال الأشهر الماضية، لم تحقق استقرارًا حقيقيًا. 

*خلفيات التوتر في درعا*


تعاني درعا، التي كانت مهد الاحتجاجات ضد الحكومة السورية عام 2011، من أوضاع أمنية مضطربة رغم اتفاقات التسوية التي أبرمت برعاية روسية منذ عام 2018. وعلى الرغم من استعادة القوات الحكومية السيطرة على المنطقة، إلا أن حالة عدم الاستقرار ما زالت قائمة، حيث تنتشر مجموعات مسلحة مختلفة، بعضها لا يزال يحتفظ بأسلحته رغم الضغوط الأمنية المتكررة. 

*أزمة أعمق*


من جانبه، يقول المحلل السياسي السوري باسل معراوي، إن الاشتباكات الأخيرة في الصنمين تعكس أزمة أعمق مما يبدو على السطح، حيث إن درعا لا تزال تعيش في حالة من عدم الاستقرار منذ اتفاق التسوية عام 2018، مشيرًا إلى أن الصراع المستمر بين القوات الحكومية والمجموعات المحلية ليس مجرد مواجهات أمنية، بل هو انعكاس لفشل معالجة جذور الأزمة.


وأوضح معراوي - في حديثه لـ"العرب مباشر" - أن الفصائل المحلية التي خضعت للتسويات لم يتم دمجها فعليًا ضمن المؤسسات الأمنية والعسكرية، بل بقيت كقوى مستقلة نسبيًا، ما جعل المواجهات مع الأجهزة الأمنية أمرًا متكررًا، خصوصًا عند أية محاولة لنزع سلاحها أو فرض سيطرة الدولة بشكل كامل.


وأضاف أن وجود نفوذ متباين بين القوى المختلفة، سواء التابعة للحكومة أو المعارضة سابقًا، يجعل المنطقة عرضة للانفجار في أي لحظة. 


وتوقع معراوي أن تؤدي الإجراءات الأمنية المشددة في سوريا، جنبًا إلى جنب مع سياسة الحكمة والحزم التي تُنتهجها إدارة الأمن العام، إلى انخفاض تدريجي في الاعتداءات التي تستهدف عناصرها، مما قد يؤدي في النهاية إلى اختفائها تمامًا.


وأشار معراوي إلى أن فلول النظام السابق تمكنوا من تجاوز صدمة فرار بشار الأسد وإعادة تنظيم صفوفهم بعد مرور ثلاثة أشهر على ذلك، مستفيدين من قنوات الاتصال الخارجية التي ما زالت نشطة.
كما لفت إلى أن قوات الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية السورية تواجه اعتداءات متكررة، خاصة في مناطق الساحل، وحمص، وأطراف دمشق، والتي تُعد من أهم المعاقل التي كان يُسيطر عليها النظام السابق.

وأضاف معراوي، أن هذه الاعتداءات لا تقتصر على قوات الأمن العام فحسب، بل تشمل أيضًا محاولات لاستغلال التوترات الطائفية عبر استهداف المراقد الدينية الخاصة بالأقليات، وذلك بهدف إلصاق التهم بقوات الأمن العام، مما يُعرقل جهود المصالحة الوطنية.